Nov 23, 2019 1:45 PM
خاص

اقتراح لجمع الرؤساء في اليرزة امس اصطدم بجدار الممانعة كما مبادرات الحل
الصورة الرئاسية القاتمة واحراق قبضة الثورة زخّما الانتفاضة الشعبية

المركزية- لم يكن ينقص اللبنانيين، وخصوصا الثوار المنتفضين في الشوارع والساحات العامة سوى الصورة السوداوية التي اطل بها اهل الحكم من وزارة الدفاع في اليرزة صباح امس. وقياسا على ردات الفعل المستنكرة التي عبرت عنها اكثرية لبنانية، ازدحمت ساحة الإعتصام في وسط بيروت والمناطق الأخرى بأعداد اضافية من المعتصمين رفضا للواقع الذي عكسته الصورة الجامدة لما بلغته العلاقات بينهم، خصوصا انها اعقبت اعتداء باحراق "قبضة الثورة" في وسط ساحة الشهداء صباحا.

هذا المشهد القاتم للرؤساء ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري لم يكن الا المرآة الحقيقية لما آلت اليه الاوضاع من سوء بين الشخصيات الثلاث، اذ، وبحسب ما يكشف احد الوسطاء الذي يلعب دورا بالغ الدقة في محاولة فك اسر الإتصالات واحياء المشاورات الجارية من اجل تشكيل الحكومة لـ "المركزية" انه سعى في الساعات الماضية الى طرح نوع من المبادرة ترتكز الى ضرورة عقد لقاء يجمع رئيس الجمهورية ورئيسي مجلس النواب والحكومة بعد العرض العسكري في وزارة الدفاع، نسبة الى خطورة الاوضاع من اجل المصارحة والتفاهم على الخطوات المقبلة التي يمكن ان تقود الى احياء مساعي تأليف الحكومة وتحويل "الصفقة" المنتظرة الى ما يمكن اعتباره "طبخة لبنانية"، لكنّ مسعاه اصطدم بما تصطدم به كل اقتراحات الحلول المطروحة حتى الساعة.

لا يرغب الوسيط بإدانة مسؤول بعينه او ان يحمل المسؤولية الى اي من الأطراف دون الآخرين وخصوصا اولئك الذين التقوا في اليرزة امس. فالمسؤولية برأيه تتوزع على الجميع ومن بينهم من يمسكون بمواقع حساسة من خارج المؤسسات الرسمية ويصرون على ربط كل ما يجري على الساحة الداخلية بالتطورات الخارجية.

وعند دخوله في التفاصيل، يضيف بأنه لا يرى مناسبا او منطقيا ان تعطي بعض الأطراف الداخلية، ومنها "حزب الله" تحديدا بعض المواقف الخارجية اهمية اكثر مما تستوجب، فتغليب الحلول التي تخدم الساحة الداخلية ممكن، في فترة تجريبية يمتحن من خلالها اللبنانيون قدرتهم على النأي بالنفس عن تطورات المنطقة، لا سيما المواقف الخارجية غير الرسمية المتشنجة.

ويضيف: لا يمكن مثلا ان يتخذ "حزب الله" وحلفاؤه من مواقف السفير الأميركي السابق في لبنان والمساعد السابق للأمين العام للامم المتحدة جيفري فيلتمان ذريعة لاتهام الحراك والإنتفاضة اللبنانية الشاملة بالعمالة لأميركا والسفارات الأخرى الحليفة والتشدد في التعاطي مع رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري الذي ما زال مدعوا الى مهمة التأليف شرط الا تكون له كلمة في شكل  التركيبة الحكومية العتيدة، او القول انه وجه من وجوه الحراك الشعبي القائم منذ السابع عشر من الشهر الماضي لأن في مثل هذا الرهان تضخيما لكل ما يمكن اعتباره مسيئا للحظة السياسية والاقتصادية والنقدية التي يعيشها لبنان، اللهم ان لم تكن مثل هذه المواقف المتشنجة سوى للتغطية على رفض ما اوحى به الحراك من مطالب محقة يستشعر مخاطرها قادة هذه الأطراف الذين من المفترض انه يتحسسوا اوجاع بيئتهم الحزبية والمناطقية التي تعيش نوعا من انفصام الشخصية بين تأييدهم المبطن للحراك وقادته والتزامهم الطائفي والمذهبي والحزبي بقياداتهم التي تخشاه.

ولفت الوسيط الى انه كان صريحا للغاية في محاولاته الجارية لترطيب الأجواء وتوفير القواسم المشتركة الداخلية التي يمكن من خلالها الإقلاع بحل حكومي تحتاجه الساحة الداخلية وتوفير ما يقدم المصلحة اللبنانية الداخلية على كل ما هو خارجي، ولو لفترة محددة سلفا للخروج من الأزمة بأسرع وقت. واضاف ان من الحكمة بمكان توفير الصبر لأشهر عدة لامتحان التجرية المقترحة من قبل الرئيس الحريري والتنازل ضمن هامش زمني وسياسي محدود للغاية، فإن نجحت التجربة يتم انقاذ البلاد.

ويضيف مستعيدا ما قاله في لقاء عقد بعيدا من الأضواء مع احد المسؤولين المتوجسين من طروحات الحريري ونتائج الحراك المتوقعة، "ان المبادرة باقية لدى صاحب الأكثرية النيابية وهو قادر على تغيير الوضع في اي لحظة يريدها وفي المحطة التي يريد. فقوى الرابع عشر من آذار تنازلت بعد انتخابات العام 2009 عن اكثريتها وراعت المصلحة الداخلية ولم تفكر لحظة بحكومة من طرف واحد، ولم يكن الوضع الداخلي قد بلغ المرحلة الخطيرة التي وصلت اليها الأمور اخيرا، وان اي مبادرة من هذا النوع ستسجل بالإضافة الى كونها مخرجاً لتجاوز المأزق الحكومي الراهن، في سجلهم السياسي "الذهبي" والشعبي الذي سيقدر لهم "تواضعهم".

وينتهي الوسيط الى القول انه، ان لم يتلق في الساعات المقبلة اجوبة ايجابية للخروج من النفق، سيكون مضطرا الى الكشف عن الكثير مما يمكن البوح به. فحركة الإتصالات مستمرة بعيدا من الأضواء ولا ينقص الا ان يبادر احدهم الى كسر الحلقة المفرغة. فعيون اللبنانيين مفتّحة ولن يتجاهلوا، ان استعادوا حياتهم الطبيعية،  فضل من يقدم على هذا التنازل الذي لا يمس هيبتهم وحضورهم لا بل على العكس يعززه.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o