Nov 19, 2019 3:04 PM
أخبار محلية

حرب يبدي استعداده لتزويد فضل الله وقبيسي باقتراح يسهل فيه محاكمة الوزراء ورئيسهم

المركزية- اكد النائب السابق بطرس حرب حق المجلس النيابي اتهام الوزراء ورئيسهم كما ان لا شيء يمنع القضاء من ملاحقتهم وذلك في مؤتمر صحافي رد فيه على اقتراح قانون رفع الحصانة عن الوزراء المقدم من النائبين حسن فضل الله وهاني قبيسي واعرب فيه عن استعداده لتزويدهما باقتراح جديد يسهل مهمتهما وقال:

دعوت إلى هذا المؤتمر لطرح موضوع دستوري وقانوني خطير،لئلا يلتبس على أهل الثورة بعض الطروحات والمشاريع التي ترفع شعارات الإصلاح في الوقت الذي لا تلاقي مطالب الشعب الثائر.

يهدف هذا المؤتمر إلى إلقاء الضوء على مسؤولية الرؤساء والوزراء والنواب الجزائية، عند ارتكابهم أفعالا منطبقة على أحكام المواد /351 إلى 378/ من قانون العقوبات، والتي تنص على جرائم الرشوة وصرف النفوذ والاختلاس واستثمار الوظيفة والتعدي على الحرية وإساءة استعمال السلطة والإخلال بواجبات الوظيفة، وكيفية إخضاعهم لأحكام القانون، بحيث لا يتفلّت أي منهم من العقاب، كما حصل مرات عدة في الماضي، وهو ما شجّع الفاسدين، برأيي، على ارتكاب هذه الجرائم، مستفيدين ومستغلّين الخلاف القانوني حول تفسير بعض النصوص.

كما يرمي هذا المؤتمر إلى عرض مراحل محاولات سدّ الثغرات القانونية، التي باءت بالفشل، ما حوّل معظم الإدارات والمؤسسات العامة، التابعة للوزراء المتعاقبين على السلطة، إلى بقرة حلوب يتوزّع الفاسدون من الوزراء ما تدرّ من خيرات، موقعين الخسائر الفادحة بالخزينة العامة، حارمين المواطنين من عائدات الدولة ومشاريعها وحاجاتهم الأساسية.

لقد حذّرنا سابقاً، وفي صورة شبه مستمرة من استمرار الحال على ما هي عليه، وتقدمنا باقتراحات قوانين عديدة لمعالجة الثغرات وردع الفاسدين ومعاقبتهم. إلا أن سكوت المواطنين عن هذه الممارسات وتجديد البيعة للفاسدين، كرّس إنحراف الدولة عن مسارها، كدولة قانون ومؤسسات، تمارس فيها آلية المساءلة والمحاسبة، وحوّلها إلى مزرعة تقاسمها النافذون، غير آبهين بانهيار النظام السياسي وسلطاته ومؤسساته، وبدفع البلاد إلى الإفلاس، والشعب إلى المجاعة، ما أدّى إلى إنفجار الوضع في شكل غير مسبوق، وإلى تدفق ملايين اللبنانيين، من كل الطوائف والمذاهب والمشارب، إلى الشوارع، مطالبين بإسقاط النظام ومحاسبة المسؤولين واسترداد الأموال المنهوبة، فاستقال رئيس الحكومة، وسقطت الحكومة، فدخلت البلاد مرحلة تاريخية، وقف فيها الشعب موحّداً بعد أن جمعه الجوع والقلق على المصير، بالإضافة إلى الكفر بالطبقة السياسية بكاملها، ودون تمييز.  وانصرف المسؤولون يفتشون عن آلية لإرضاء الشعب الثائر، ويتسابقون على تبني المطالب الشعبية، ولا سيما المتعلقة بمحاسبة الفاسدين واسترداد الأموال المنهوبة.

اضاف: تقدم البعض بمبادرات جيدة وبريئة، ومنها اقتراح القانون المعجّل، الذي وقّعه النائبان حسن فضل الله وهاني قبيسي، والذي يرمي إلى رفع الحصانة عن الوزراء الحاليين والسابقين، منذ عام 1992 حتى اليوم، ومنح القضاء العدلي في صورة استثنائية صلاحية ملاحقتهم في دعاوى هدر المال العام والفساد المالي، على أن يسري هذا القانون على النواب في حال توليهم الوزارة.

 

فمع تقديري واحترامي وتأييدي لغاية مقدمي الاقتراح لجهة ملاحقة الوزراء الفاسدين الذين تولّوا السلطة منذ عام 1992، رأيت من واجبي أن أبدي الملاحظات القانونية الآتية :

1- تفادياً لخلق حصانات للوزراء، وهي حصانات غير موجودة أصلاً في الدستور، ولعدم تكريس مبدأ عدم صلاحية القضاء العادي في ملاحقة الوزراء المرتكبين الجرائم الجزائية، من خلال القول، بأن الصلاحية التي يمنحها إياها الاقتراح هي ممنوحة للقضاء بصورة استثنائية، في الوقت الذي لا جدل في أن صلاحية القضاء الجزائي العادي شاملة لكل الجرائم ولكل مرتكبيها على الأراضي اللبنانية، أياً كان موقعهم أو مركزهم في السلطة، باستثناء رئيس الجمهورية، الذي منحته المادة /60/ من الدستور حصانة استثنائية، بحيث حصرت حق إتهامه بخرق الدستور أو الخيانة العظمى، وحتى في الجرائم العادية، بمجلس النواب، بموجب قرار يصدره بغالبية ثلثي مجموع أعضائه، على أن يحاكم أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، أود أن ألفت النظر إلى أن المادة /70/ من الدستور قد نصت على أن :

"لمجلس النواب أن يتهم رئيس مجلس الوزراء والوزراء "بارتكابهم الخيانة العظمى أو بإخلالهم بالواجبات المترتبة "عليهم ولا يجوز أن يصدر قرار الاتهام إلا بغالبية الثلثين من "مجموع أعضاء المجلس ..."

كما نصت المادة /71/ على ما حرفيته:"يحاكم رئيس مجلس الوزراء والوزير المتهم أمام المجلس "الأعلى".

ما يؤكد بشكل واضح أن لمجلس النواب أن يتهم الوزراء ورئيسهم، وهو حق إختياري وليس حقاً إلزامياً، كما له الحق في الاتهام، فله الحق في أن لا يتهم، وفي كلا الحالتين، لا شيء يمنع القضاء الجزائي العادي من ملاحقة الوزراء ورئيسهم، في حال ارتكابهم أفعالاً جرمية ينص عليها قانون العقوبات، وهو ما يختلف مع دور القضاء الذي لا خيار له إلا استقصاء الجرائم، وملاحقة المرتكبين والإدعاء والتحقيق والحكم، وهو يعتبر مسؤولاً إذا لم يتحرك.

إلا أن اختلاف وجهات النظر بين المحاكم العادية حول صلاحيتها للنظر في هذه الجرائم أو عدمها، بحيث قررت محكمة إدانة وزير ( الوزير عبد الله) وقررت محكمة أخرى عدم صلاحيتها لمحاكمة وزير آخر (الوزير برصوميان)، وطلب محاكمته أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الوزراء، الذي لم يتهمه، ما حال دون إحقاق الحق، لا يجوز أن يؤدي إلى تعديل ضمني للدستور الذي لم يمنع السلطة القضائية من ملاحقة واتهام وإدانة الوزراء عند ارتكابهم جرائم جزائية.المبدأ العام هو المساواة بين اللبنانيين، كل اللبنانيين، أمام القانون دون فرق بينهم، والاستثناء الوحيد، لهذا المبدأ العام، هو ما نصت عليه المادة /60/ من الدستور، التي حصرت صلاحية إتهام رئيس الجمهورية في كل الجرائم التي ارتكبها، ولعلتي خرق الدستور والخيانة العامة، بالمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.

أما بالنسبة لرئيس مجلس الوزراء والوزراء، فلم يرد أي استثناء يحصر محاسبتهم بالمجلس الأعلى عند ارتكابهم جرائم جزائية، بل أعطت المادة /70/ من الدستور لمجلس النواب حق غير ملزم باتهام الوزراء لارتكابهم الخيانة العظمى أو إخلالهم بالواجبات المترتبة عليهم. إذ ورد فيها " أن لمجلس النواب أن يتهم " وليس على مجلس النواب أن يتهم، كما لم تنص على حصر صلاحية محاكمتهم بالمجلس الأعلى، بعكس رئيس الجمهورية.

أما لجهة ما ورد في المادة /71/ من الدستور التي تنص على " أن يحاكم رئيس مجلس الوزراء والوزير المتهم أمام المجلس الأعلى"، فهي نصت على أن رئيس الوزراء والوزير المتهم يحاكم أمام المجلس الأعلى، أي المتهم من مجلس النواب، وفقاً لنص المادة /70/ التي تسبقها، وهي لا تشمل الوزير المتهم من القضاء العادي الجزائي، الذي يجب أن يحاكم أمام هذا القضاء.

من هنا ملاحظتي الاولى على اقتراح القانون الذي تضمن عبارة " ترفع الحصانة عن الوزراء الحاليين والسابقين... " وكأن لهم حصانة يرفعها اقتراح القانون، وهم لا يتمتعون بأي حصانة لترفع عنهم.

2- أما الملاحظة الثانية، فهي ورود عبارة في الاقتراح عن أنه يمنح القضاء المختص بصورة استثنائية صلاحية ملاحقة الوزراء المرتكبين، ما يشكل إقراراً ضمنياً بعدم صلاحية القضاء العادي لملاحقة الوزراء المرتكبين، وهو ما يناقض مبدأ شمولية صلاحية القضاء لملاحقة أي جرم جزائي يُرتكب من قبل رئيس مجلس الوزراء والوزراء.

3- أما تبرير ذلك بأن للنواب، الذين تولوا الوزارة، حصانة لا تسمح بملاحقتهم وفقاً لنص المادة /39 و40/ من الدستور، فهو غير مقنع، ويفسح في المجال أمام التباسات نحن بغنى عنها، لأن المادة /39/ من الدستور تمنع إقامة دعوى جزائية على أي عضو من أعضاء مجلس النواب بسبب الآراء والأفكار التي يبديها مدة نيابته، وهي حصانة لا تطال الأفعال الجرمية للنائب، بل تنحصر في عدم جواز ملاحقته جزائياً بسبب آرائه وأفكاره فقط.

تنص المادة /40/ من الدستور، على حصانة للنائب لجهة إتخاذ إجراءات جزائية بحقه أو إلقاء القبض عليه أثناء دورات إنعقاد مجلس النواب إذا اقترف جرماً جزائيا،ً إلا بإذن من المجلس، شرط ارتكاب الجرم الجزائي، أي بين يوم الثلاثاء الذي يلي الخامس عشر من شهر آذار حتى نهاية شهر أيار، وبين الثلاثاء الذي يلي الخامس عشر من شهر تشرين الأول حتى آخر كانون الأول، هذا إذا لم يكن الجرم الذي ارتكبه جرماً مشهوداً، وهذه الحصانة تنعدم خارج هذه الدورات، هذا مع العلم أن رفع هذه الحصانة يستدعي تعديلاً للدستور من جهة، وهو غير ضروري من جهة أخرى، إذ يجوز ملاحقة النائب ( الوزير) عند ارتكابه جرم جزائي عند انتهاء عقد مجلس النواب، أي عندما تسقط الحصانة المنحصرة في فترات دورات مجلس النواب.

4- إنني، إذ أعلن تأييدي لاقتراح النائبين فضل الله وقبيسي، ولأهدافه الرامية إلى محاسبة الوزراء الحاليين والسابقين والنواب الذي تولوا الوزارة، إلا أنني أتحفظ على صياغته القانونية خوفاً من إنعكاساته السلبية مستقبلاً على إمكانية محاسبة ومحاكمة الوزراء الذين يقترفون جرماً جزائياً، وأدعوهما إلى التلطف بأخذ ملاحظاتي الدستورية والقانونية البحتة بالاعتبار، تفادياً لذلك. وإسهاماً مني بتحسين فرص إقرار المبادئ التي يستند إليها الاقتراح، والأهداف التي يرمي إلى تحقيقها، أقترح عليهما العودة إلى اقتراح القانون، الذي كنت تقدمت به شخصياً في 8/1/2009، والمسجل في قلم مجلس النواب تحت رقم /78/، والمتعلق بتعديل بعض أصول المحاكمات أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وبصورة خاصة المادة /18/ منه، والتي تنص على ما حرفيته:

المادة 18: " لا يمكن إتهام رئيس الجمهورية لعلتي خرق الدستور "والخيانة العظمى، أو بسبب الجرائم العادية، إلا من قبل "مجلس النواب وفق المادة /60/ من الدستور. ولمجلس "النواب، وفق أحكام المادة /70/ من الدستور، أن يتهم "رؤساء الحكومة والوزراء لارتكابهم الخيانة العظمى، أو "لإخلالهم بالموجبات المترتبة عليهم والمتصلة مباشرة "بمهامهم، والتي تدخل ضمن صلاحياتهم القانونية والتي  "تستمد مفهومها من الطبيعة السياسية لعمل رئيس مجلس "الوزراء والوزراء. و"تبقى خاضعة لصلاحية القضاء الجزائي دون مجلس "النواب الأفعال الجرمية المنطبقة على أحكام المواد /351 "إلى 378/ من قانون العقوبات والمرتكبة من قبل رئيس "الوزراء والوزراء في معرض ممارستهم لمهامهم، أو تلك "المرتكبة في حياتهم الخاصة ." وهو اقتراح مبني على موقف محكمة التمييز الجزائية اللبنانية بغرفها المجتمعة، والذي ميّز بين الموجبات المترتبة على رئيس مجلس الوزراء والوزراء المتصلة مباشرة بمهامهم، وبين الأفعال الجرمية المرتكبة من رئيس مجلس الوزراء والوزراء في معرض ممارستهم لمهامهم. بل أكثر من ذلك، وتسهيلاً لإقرار هذا الاقتراح أضع بين يدي النائبين الكريمين صيغة جديدة لاقتراح بمادة وحيدة، يمكن إعطاؤه صيغة اقتراح قانون معجل، تنص على ما يلي:

مادة وحيدة: "مع مراعاة أحكام المواد / 40 و70 و71/ من الدستور،

"تخضع لصلاحية القضاء الجزائي العادي الأفعال الجرمية "المنطبقة على أحكام المواد /351 إلى 378/ من قانون "العقوبات، والمرتكبة من قبل رؤساء الحكومات والوزراء الحاليين "والسابقين في معرض ممارستهم لمهامهم أو تلك المرتكبة في "حياتهم الخاصة.

"يعمل بهذا القانون فور نشره في الجريدة الرسمية".

1- وأخيراً، وبعد الممارسات الشاذة التي سادت في مراحل متعددة، والتي نشرت الفساد وتسببت بهدر الأموال العامة، وبعد إندلاع الثورة ضد الفساد، لم يعد من الجائز تقديم إنصاف الحلول، إذ لا يكفي رفع الحصانات لإحقاق الحق ومعاقبة الفاسدين واسترداد الأموال المنهوبة، بل يقتضي من أجل ذلك، وقبل ذلك، رفع يد السلطة السياسية عن القضاء، بعد أن سخّرت معظمه لخدمة مصالحها السياسية والمادية، وزرعت محاسيبها وأزلامها من القضاة ليكونوا في خدمتها، وذلك بإجراء تشكيلات قضائية فورية لإبعاد بعض القضاة الفاسدين أو المستلزمين عن مراكز القرار ومحاسبتهم، واستبدالهم بقضاة أحرار مستقلين نظيفي الكف، يتمتعون بالجرأة والشجاعة لردع أي تدخل سياسي في عملهم لإحقاق الحق، والعودة  إلى دولة الحق والعدالة، والحمد الله أن جسم القضاة يزخر بهؤلاء، ومن ثم إقرار إقتراح قانون استقلالية السلطة القضائية، الذي تقدمت به مع بعض الزملاء الكرام منذ عام 1997، ولا يزال حتى اليوم دون إقرار.

 وإذا لم نسارع إلى ذلك فعبثاً نحاول الإصلاح.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o