Nov 14, 2019 3:33 PM
خاص

"حكومات الوحدة" غيّبت المحاسبة فسببت الهدر
قليموس: بعد الـ2005 السلطة التنفيذية شركة مساهمة

المركزية- منذ بدء الانتفاضة في 17 تشرين الاول، يطالب الشعب بتنحي السلطة الفاسدة التي أهدرت المال العام. وتعزو اوساط سياسية مسألة هدر المال العام والتسيب والسرقة الى حكومات ما يُعرف بالوحدة الوطنية التي تتمثل فيها الكتل النيابية إذ تصبح "ميني مجلس نواب" تغيب عنها المحاسبة، فمن يحاسب مَن؟ المجلس النيابي لم يناقش يوما الحكومات ولم يشكل لجان تحقيق ولم يسع للقيام بدوره في المراقبة والمحاسبة وبالتالي بقيت الحكومات تعمل بعيداً من محاسبة السلطة التشريعية. فهل يجوز تحميل وزر الفساد والهدر الى حكومات الوحدة، المتعاقبة؟

المحامي ميشال قليموس اوضح لـ"المركزية"  "أن نظام لبنان برلماني ديمقراطي حر قائم على مبدأ فصل السلطتين التنفيذية والتشريعية لكنه في الوقت نفسه يرتكز على التعاون بينهما، بمعنى ان دور السلطة التشريعية قائم على سلطة التشريع والمراقبة ودور السلطة التنفيذية قائم على تنفيذ القوانين والاحكام، كما أن التوازن بين السلطتين قائم من خلال قدرة السلطة التشريعية على سحب أو عدم إعطاء الثقة للحكومة وقدرة السلطة التنفيذية بحسب الانظمة البرلمانية التقليدية على حل المجلس النيابي".

وأضاف: "بعد اتفاق الطائف تم المس بمبدأ التوازن هذا، أبقوا على سلطة المجلس النيابي بسحب او عدم اعطاء الثقة ولكن حصروا حق مجلس الوزراء بحالات شبه مستحيلة لا تتحقق بصورة طبيعية لحل المجلس النيابي مما أثّر على الخلل في العلاقة وعلى مبدأ المراقبة والمحاسبة، واصبح يؤدي الى ما سمي بحكومات الوفاق الوطني وهي بحد ذاتها كانت حكومات المتاريس الداخلية ضمن كل حكومة. في بداية التسعينات ظهر ما يسمى بـ"الوزراء المشاكسين" كي لا يقال عنهم معارضة، لأن الحكومة التي تعتمد على مبدأ التضامن الوزاري، لا تضم معارضة واغلبية، فهي ليست مجلسا نيابيا كي تمارس فيه المراقبة والموالاة، فإما ان يكون الوزير متضامناً ويلتزم بالقرار الصادر عن الحكومة او يخرج منها ويكون منطقيا مع نفسه".

وتابع قليموس: "بعد العام الـ2005 تشكلت حكومات ذات طابع ميثاقي سياسي حزبي تضم الجميع الى ان خرج الوزراء الشيعة في الـ2006 واستمرت الحكومة رغم ذلك الى حين حصول اتفاق الدوحة، حيث نشأ ما يسمى بالديمقراطية التوافقية وتقاسم الحصص، فأصبحت السلطة التنفيذية كشركة مساهمة يحصل فيها كل طرف على قدر واقعه السياسي، وهذا ما أثّر على المجلس النيابي بشكل كامل ولم نعد نرى محاسبة فعلية بل نظرية عبر الاعلام عندما تريد الحكومة نيل الثقة، كل نائب يتحدث رافعا السقف، في حين ان لديه وزيراً يمثله في الحكومة. هذا الواقع جعل من السلطة التنفيذية تعيش حتى اليوم حالاً من الفساد في الادارات، كما أن غياب السلطة القضائية المستقلة جعل السلطة التنفيذية ايضا تتدخل في شؤون القضاء، كذلك أدّى إلى عدم وجود سياسة انمائية متوازنة في المناطق وعدم وجود سياسة اسكانية تسهل النمو الاقتصادي على المستوى العام في البلد، اضافة الى الهدر القائم في الطاقة والكهرباء، وبدل الذهاب الى انشاء معامل توجّهنا الى الاستئجار والهدر، اضافة الى عدم اعطاء الدولة مستحقاتها لمصلحة صندوق الضمان الاجتماعي كي يتمكن من القيام بواجباته لأن الدولة مديونة للضمان الاجتماعي بأكثر من ملياري دولار، ورغم ذلك يقوم الضمان بواجباته، الى جانب صفقات التراضي في ادارات الدولة المصنوعة على قياس شركات معينة ما يؤدي الى إبعاد نظرية المنافسة والعلانية والشفافية، اضافة الى عدم تكوين المجالس في الكهرباء والطيران. كل هذه الامور مجتمعة مع تدني الوضع الاقتصادي والتأثير على الليرة اللبنانية، سبّب النقمة والغضب لدى الشعب وأدى الى النقطة التي فاض بها الكأس".

وختم: "لا يمكننا أن نلبس بدلة جديدة ونطل بوجه جديد، البدلة ملوثة تحتاج الى غسيل وتغيير، ولا يريدون أن يقتنعوا بذلك. الحل الامثل ان يأخذ السياسيون فترة استراحة لمدة سنة، رغم ان اتفاق الطائف لم يلزم بنص صريح ان تكون كل الحكومات حكومات وفاق وطني، فالرئيس اميل لحود في بداية عهده شكّل حكومة تكوّنت من 90 في المئة من وزراء تكنوقراط، والرئيس نجيب ميقاتي شكّل حكومة خارج لعبة التمثيل السياسي لإدارة المرحلة الانتقالية. اتمنى للمرحلة الانتقالية وبصورة استثنائية ومؤقتة تشكيل حكومة تضم وجوهاً لبنانية تعطي الثقة للمجتمع الدولي وللشعب اللبناني وتقوم بخطوات اصلاحية على مستوى القضاء والادارة، وتبعد السياسة عن الادارة وتبعد المحاصصة عن التعيينات وتفعّل اجهزة الرقابة وتعطيها صلاحيات جديدة مع رجال دولة يديرون البلد اكثر من رجال السياسة. للأسف، اصبحنا امام دستور القوة ونسينا قوة الدستور. فليحكم الدستور وليحكم القانون وليحكم رجال الدولة".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o