Nov 14, 2019 3:11 PM
خاص

حكومات ما بعد الطائف: تكنوسياسية ام تكنوقراط؟
مالك: دستور القوّة بـــــــدل قوّة الدستور

المركزية- مع كل ازمة سياسية تعصف بالبلد، تحضر "ملائكة" اتّفاق الطائف من قبل طرفي الازمة لتصويب طرق المعالجة كل حسب اهوائه ومشاريعه. ولعل الازمة القائمة منذ 28 يوماً تخللها قطع طرق رئيسية واعتصامات امام مؤسسات ومرافق عامة تُعتبر "بؤراً للفساد" وكانت بنتيجتها استقالة حكومة "الى العمل"، تُجسّد الخلاف القديم - الجديد في تفسير اتّفاق الطائف وكيفية تطبيقه، لاسيما لجهة شكل الحكومة وتوزيع الحقائب الوزارية المُصنّفة "سيادية" بين المذاهب والطوائف.  

ويأتي في السياق ما يطرح من تساؤلات في الاوساط السياسية عن مدى دقة ان حكومة ما بعد الطائف هي حكومة وحدة وطنية تُمثّل مختلف شرائح المجتمع وبأن هناك اتّفاقاً غير معلن بين القوى التي وقّعت على الاتفاق باسناد وزارة المال تحديداً الى الطائفة الشيعية احتراماً للميثاقية كَون توقيع وزير المال "الشيعي" على كل مرسوم يُكمل حلقة المناصفة بين المذاهب، باعتبار ان كل مرسوم يحتاج الى توقيع رئيس الجمهورية (الماروني) ورئيس الحكومة (السنّي) والوزير المختص ووزير المال (الشيعي).

في هذا المجال، اسف الخبير الدستوري سعيد مالك عبر "المركزية" "لان الدستور يُفسّر حسب اهواء القوى السياسية"، وقال "الدستور واضح لجهة اليات تشكيل الحكومات. فهو لم يفرض على الاطلاق وجوب تشكيل حكومة سياسية او غير سياسية، انما رسم الية يجب اتّباعها لناحية التكليف او التأليف او اصدار مرسوم التشكيل ونيل ثقة مجلس النواب، وبالتالي فان كل ما يُحكى عن ان الطائف "حظّر" تشكيل حكومات غير سياسية لا ينطبق مع الواقع".

واشار الى "ان نص المادة 17 من الدستور واضح ويتحدّث عن ان السلطة التنفيذية بيد مجلس الوزراء، الا ان من يعيّنون ضمن هذه الحكومة وان كانوا من التكنوقراط باستطاعتهم ان يتسلّموا السلطة التنفيذية تحت إشراف مجلس النواب الذي له الحق والصلاحية بنزع الثقة اذا لحظ وجود مخالفة او عدم قدرة او اهلية، والمادة 69 من الدستور نصّت صراحة على ان الحكومة تُعتبر مستقيلة بمجرّد نزع الثقة عنها، كما ان المادة 37 نصّت على امكانية نزع الثقة من اي وزير واستمرار عمل الحكومة".

واوضح مالك رداً على سؤال "ان ما يُسمّى حكومات الوحدة الوطنية مخالف لمبدأ النظام البرلماني القائم على مفاهيم الاكثرية والمعارضة اي مجلس وزراء يحكم ومجلس نواب يراقب، والتجربة السياسية منذ العام 1990 وحتى اليوم نسفت هذه المفاهيم، حيث ذهبنا الى تشكيل حكومات وحدة وطنية وحكومات توافقية".

ولفت الى "ان ضرب مفهوم النظام البرلماني راكم الازمة التي وصلنا اليها اليوم"، مشدداً على "اهمية تطبيق الدستور اولاً ومن ثم نبحث في امكانية تعديله"، معتبراً "ان ما نشهده اليوم هو دستور القوّة بدل قوّة الدستور".

وجدد مالك تأكيده "ان التأخير في الدعوة الى الاستشارات النيابية المُلزمة مخالفة دستورية فاضحة كَون الية التشكيل صريحة ولا يُمكن الالتفاف حولها وبالتالي الانتقاص من صلاحيات رئيس الحكومة المُكلّف".

اضاف "دور رئيس الجمهورية ينحصر بالاستشارات المُلزمة مع النواب حتى يُكلّف رئيساً للحكومة، اما رئيس الحكومة المُكلّف هو من يُجري المشاورات واللقاءات من اجل التركيبة الحكومية".

واعتبر "اننا في ازمة ثقة اكثر مما هي ازمة حكم، لان الثقة مفقودة بين الطبقة السياسية والشارع".   

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o