Nov 13, 2019 3:22 PM
خاص

طريقـــة تعاطــي الســلطة مع مطالب الثــورة تقحم البــلاد في المجهـول
مهمة الموفد الفرنسي تصطدم بسقف عون السياسي وسخونة الشارع فمن ينقذ الدولة؟

المركزية- كل الوقائع والمعطيات في السياسة والميدان تقود الى استنتاج واحد. ثمة من يقود البلاد الى السقوط الحتمي ويدفع في كل الاتجاهات لبلوغ هذا الهدف. بعد الانفجار الكبير في الشارع امس وسقوط اول شهيد للثورة علاء ابو فخر بطريقة ترتسم حولها علامات استفهام كثيرة، وبعدما قال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ما قاله، بمعزل عن كل الالتباسات التي احاطت بمواقفه وأشعلت الغضب الشعبي مجددا، بات من المؤكد ان السلطة السياسية لا تبحث عن حل يطفئ نار الثورة بل حل يناسب مصالحها واهدافها، ويحافظ على مكاسبها السلطوية لا اكثر، وهي مدركة انه شيكاً من دون رصيد، مرفوضا من الشارع ومرتجعا سلفاً، ولو مرّ في معبر الموافقة السياسية المتعثرة حتى اللحظة.

حال من انعدام الثقة المطلقة بين السلطة والشعب لا يمكن ان تؤدي اذا ما استمرت على ما هي عليه، الى اي مخرج، ما دام المسؤولون على تعنتهم وعدم استعدادهم لتقديم تنازلات، اذا ما قدموها قد تشكل بداية الحل وتخرج المنتفضين من الشارع، وهي ليست بكثيرة اذ تقتصر على تشكيل حكومة تكنوقراط نظيفة تصلح الوضع وتنتشل البلاد من الهاوية، وهم على يقين ان غير ذلك لن ينهي الازمة، فلمَ يرفض رئيس الجمهورية وفريقه السياسي وحلفاؤه هذه الحكومة؟ وهل صحيح ان حكومة التكنوقراط عاجزة عن تسيير الشؤون السياسية كما اعتبر الرئيس عون ام ان البلاد تذخر بالطاقات على انواعها من السياسة الى الاقتصاد والامن والدفاع والطاقة والاتصالات، ويمكن ان تنجح حيث فشلت الحكومات السياسية المتعاقبة ؟ واذا كان مردّ الرفض الى القلق من جر لبنان الى حيث لا يريد فريق سياسي يخشى على مكتسباته وضماناته وسلاحه، فالضمانة الاكيدة ان المرحلة ليست الا للانقاذ الاقتصادي وان اهل الاختصاص لديهم من الانتماء والحسّ الوطني أبعد بأشواط ممن عاثوا فسادا في البلاد وجروه الى سياسات المحاور على حساب مصلحة الوطن العليا وامنه واستقراره.

ازاء هذا الواقع، تقول مصادر سياسية متابعة لـ"المركزية" ان الوضع بات يحتاج الى صدمة تخرجه من النفق المظلم، وما دامت السلطة عاجزة عنها، لا بد ان يدخل عامل محدد على هذا الخط لمنع السقوط المحتم، فهل تضطلع فرنسا او دول غربية معينة بهذا الدور؟ تجيب المصادر ان مدير دائرة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في وزارة الخارجية الفرنسية كريستوف فارنو الذي اوفده الرئيس ايمانويل ماكرون الى بيروت امس لاستطلاع الاوضاع عن كثب وحث المسؤولين على تسريع المسار الدستوري بتحديد موعد للاستشارات الملزمة وتكليف شخصية لتشكيل الحكومة، وعوض ان يجري محادثاته الهادفة الى حل الازمة من بوابة المساعدة وتقديم الخبرة في اجواء هادئة وعلى البارد، اصطدم فور وصوله بالانفجار الشعبي على خلفية مواقف رئيس الجمهورية التي حددت سقفا سياسيا اصبحت العودة عنه صعبة، وبتطور ميداني هو الابرز منذ اندلاع الثورة مع سقوط اول شهيد، بحيث تعطلت فاعلية مسعاه على الارجح، وبدا كمن يواجه سلطة ردعية لا ديموقراطية تتيح لها هامشا واسعا من الليونة للتعاطي مع الازمة. اذ بعد تحديد الرئيس عون موقفه لجهة رفض حكومة التكنوقراط وتمسكه بحكومة تكنوسياسية الامر الذي يرفضه الرئيس سعد الحريري المفترض انه الاكثر ترجيحا لقيادة سفينة الحكومة المقبلة انتقلت المواجهة من محور الشعب- السلطة الى جبهة الرئاسة – بيت الوسط حيث يبدو الحريري، كما تشير المعلومات، متجها الى عدم العودة الى رئاسة الحكومة، ما يؤشر الى اشتداد الازمة واستمرار اتجاهها نحو منحى بالغ الخطورة، قد يستوجب على الارجح وساطات دولية ابعد من السعي الفرنسي، فهل يوضع لبنان في غرفة العناية الفائقة الدولية منعا لانهياره ام يُترك للمصير الذي تقوده اليه السلطة السياسية رغما عن ارادة الشعب؟

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o