Nov 12, 2019 1:52 PM
خاص

نمط التأليف التقليدي "حصصًا وضماناتٍ" لا يصلح في المرحلة الاستثنائية الحالية
تهدئة الشارع وفتح باب مساعدات سيدر الملحة بحكومة تكنوقراط تعمل لاصلاحات

المركزية- لا تزال الاتصالات الجارية لحلحلة أزمة التكليف والتأليف، تدور في حلقة مفرغة. أطراف السلطة، انقسموا قسمين، كل منهما على موقفه ولا يتزحزح عنه، منذ أسبوعين تقريبا. من جهة، الرئيس سعد الحريري يصر على حكومة تكنوقراط مستقلين لا وجود لسياسيين او حزبيين فيها. ومن الجهة الثانية، يقف حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر، يرفعون لواء حكومة "تكنو- سياسية" تجمع بين حزبيين وذوي اختصاص.

شدّ الحبال بين الجانبين على حاله، ويعوق حتى الساعة، سير عربة التأليف قدما. غير ان هذا الواقع لا يمكن ان يستمر طويلا، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ"المركزية". فالوضع الاقتصادي – المالي الهش لا يحتمل مزيدا من المماطلة ويزداد حراجة ساعة بعد ساعة، وأطراف الانتاج والقطاعات كلّها ترفع الصوت وتعلن الاضرابات وتصدر البيانات، محذرة من الاسوأ، ولسان حالها "شكّلوا حكومة والا فإن الكارثة حاصلة حتما". كما ان الشارع يغلي منذ 17 تشرين وينتظر أخذَ اهل الحكم، بخريطة الطريق التي حدّدها. انطلاقا من هنا، تشير المصادر الى ان لا بد من رسم حد للنمط الذي يطبع عملية التأليف. ففي رأيها، القوى المعنية بها، لا زالت تتصرف وكأن البلاد في وضع طبيعي عادي، وتتجاهل ما يحصل على الارض من جهة، وعلى النطاق الاقتصادي – المالي من جهة ثانية: محاولاتُ تشكيل الحكومة قبل اختيار رئيسها وتكليفه، مستمرة على قدم وساق في الكواليس، تماما كما مساعي الاتفاق مسبقا على حصص كل فريق في التركيبة المنتظرة، حيث يجهد كل طرف لانتزاع مكاسب تؤمن له "أريحية" وأرجحية في مجلس الوزراء: هذا يريد ثلثا ضامنا او معطلا، وذاك يطالب بوزير ملك، متلطّيين خلف ستار "ضرورة احترام توازنات البرلمان، في الحكومة"، وفريق آخر يشترط ضمانات بعدم المس بـ"فائض قوته" وبعدم نقل لبنان او سياسته الخارجية، من موقع الى آخر في صراع "المحاور" المتوالي فصولا في المنطقة...

الجدل البيزنطي في "أجناس الملائكة" هذا، تتابع المصادر، يقف خلف تعثر ولادة الحكومة المطلوبة امس قبل اليوم. وللخروج من التخبط الحاصل، لا بد من الاقلاع عن هذه الذهنية التي كانت سائدة قبل اندلاع الانتفاضة الشعبية، والتي ساهمت في الواقع في انفجار الغضب في الشارع. فالمرحلة الاستثنائية تتطلب قلب الاعراف التقليدية "المحاصصتية – التسووية" في التشكيل، واعتماد معايير عمل جديدة ترتقي الى التحديات المطروحة. ثوار 17 تشرين طالبوا بحكومة انقاذ اقتصادي مؤلفة من تكنوقراط حياديين مستقلين، وهذا ايضا ما ينادي به الرئيس الحريري. لكن الاهم هو ان "المجتمع الدولي" اي "دول سيدر" على الموجة نفسها، وقد عبّر أصدقاء لبنان حول العالم، عن نيّتهم مساعدة بيروت ومدّها بالدعم اللازم، ماديا وماليا وسياسيا، للخروج من مأزقها، ناصحين للغاية بتأليف حكومة سريعا تضع الاصلاح ومحاربة الفساد، نصب عينيها هدفا وحيدا، وتنكبّ على تنفيذهما، أفعالا واعمالا، لا شعارات واقوالا. وقد دعا المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش اليوم من بعبدا ومعه السفراء الذين يمثلون أعضاء مجموعة الدعم الدولية من اجل لبنان، الى "تشكيل حكومة جديدة سريعا تضم شخصيات معروفة بالكفاءة والنزاهة ستكون في وضع أفضل لطلب المساعدات الدولية".

فهل يؤخذ بخريطة الطريق الواضحة المعالم، للعبور بالبلاد الى شاطئ الامان؟ وهل سينصت مَن لا زالوا يتمسكون بشروطهم لصرخات الناس، فيكونون بذلك يُخرجونهم نهائيا من الشوارع ويُخرجون معهم الاقتصادَ والمالَ ومصيرَ لبنان، من البركان الذي يتقلب داخله منذ أشهر، ويكاد يقضي عليه؟

الجواب قد يحمله اليوم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في اطلالته التلفزيونية المرتقبة مساء، وهي ستدل بطبيعة الحال الى الاتجاه الذي ستسلكه الامور تأليفا في قابل الايام، فعساه يكون ايجابيا..

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o