Nov 11, 2019 6:58 PM
اقتصاد

"القدرة النقدية للاستعمال الفوري 30 مليار دولار"
سلامة يأمل في تشكيل حكومة في أقرب وقت:
اتخذنا التدابير كي لا يحصل شيء كارثــــي

 

المركزية- "يعيش لبنان اليوم في مرحلة تاريخية" بهذه العبارة لخّص حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الواقع على الساحة اللبنانية، متمنياً أن "تنحى الأمور التي نعاني منها في لبنان، نحو مستقبل أفضل". وأكد أن "البنك المركزي يأمل في تشكيل حكومة في أقرب وقت، واتخذنا التدابير كي لا يحصل شيء كارثي".

وشدد على أنه ينفذ "السياسة التي تخدم مصلحة لبنان التي هي الأساس بالنسبة إليّ، كما مصلحة اللبنانيين. ومصرف لبنان يحاول أن يحمي لبنان في ظروف صعبة في المنطقة وهي خارجة عن سيطرة لبنان ومصرف لبنان".

وطمأن إلى أن "الاحتياطي بالعملات الأجنبية الموجود لدى مصرف لبنان من دون الذهب، يقارب الـ38 مليار دولار بما فيه الـ"يوروبوند" واستثمارات البنك المركزي. والقدرة النقدية التي نملكها في الوقت الراهن وجاهزة للاستعمال الفوري، هي في حدود الـ30 مليار دولار".

وعن الاستحقاقات المقبلة لتسديد دين الدولة، قال "هناك استحقاق في 28 تشرين الثاني الجاري، تم الاتفاق مع وزارة المال على تسديده، وكنا كمصرف لبنان، اتخذنا الاحتياطات اللازمة لهذا الموضوع".  

تفاصيل المؤتمر الصحافي:

 كلام الحاكم سلامة جاء في مؤتمر صحافي عقده في المقرّ الرئيسي للبنك المركزي، في حضور رئيس لجنة الرقابة على المصارف سمير حمود، رئيس مجلس إدارة شركة طيران الشرق الأوسط الـ"ميدل إيست" محمد الحوت، نقيب الصحافة عوني الكعكي وأعضاء في النقابة.

وبدأ سلامة كلمته بتوجيه الاعتذار من الصحافيين الذين لم تتم دعوتهم إلى المؤتمر الصحافي، وقال: مصرف لبنان عمل عبر السنوات في بيئة صعبة ومررنا في مراحل لو شهدتها دول أخرى لكانت تعثرت، واستطعنا المحافظة على الاستقرار في سعر صرف الليرة.

ولفت إلى أن "الحرب في سوريا ومنذ اندلاعها، حوّلت ميزان المدفوعات من فائض إلى عجز، وتراجع النمو الاقتصادي من 8 إلى 2 في المئة. كما أننا واجهنا العقوبات الأميركية بدءاً من العام 2015 ، وكان لها تأثير عل حركة الأموال إلى لبنان وحركة العمل المصرفي. واتخذنا التدابير اللازمة ليبقى لبنان منخرطاً في العولمة المصرفية".

أضاف: كذلك واجهنا مشكلات داخلية، ونتذكّر الفراغ في سدّة الرئاسة والذي دام في المرة الأخيرة فترة طويلة امتدت لسنتين تقريباً، إضافة إلى الصعوبات في تشكيل الحكومات في لبنان، وعشنا مراراً فراغاً كبيراً وطويلاً في كل مرة يصار فيها إلى تشكيل حكومة، والمرة الأخيرة كانت في العام 2018 ودامت خلال تسعة أشهر، فيما كنا في أمسّ الحاجة إلى إصلاحات ومبادرات. كذلك عشنا جواً من تأجيل الانتخابات النيابية مرات عديدة. وفي تشرين الثاني 2017 كانت استقالة الرئيس سعد الحريري في السعودية فتركت تأثيرات كبيرة على الوضع النقدي في لبنان. ومنذ تلك الفترة شهدت الأسواق اللبنانية تراجعاً في السيولة الذي نتج عنه ارتفاع في معدلات الفوائد، وليس العكس. وهذه الفائدة ارتفعت منذ ذلك الحين إلى اليوم، بمعدل 3 في المئة.  

وتابع:  كل ذلك تزامن مع توسّع أكبر في حجم القطاع العام، وسُجل عجز مرتفع خلال العام 2018 وصل إلى أكثر من 11 في المئة نسبةً إلى الناتج المحلي في وقت أن الاقتصاد كان بحاجة إلى تمويل ليتمكن من النمو.

وقال: كذلك لاحظنا تراجعاً في التصنيف الائتماني للبنان حيث خفضت وكالات دولية عدة تصنيف لبنان الائتماني، وشهد تقارير متتالية ومستمرة سلبية تصف الواقع، إنما بوتيرة متلاحقة مستمرة ما أدى إلى زعزعة الثقة بالبلد. كل ذلك إلى جانب الشائعات وترويجها بطريقة ممنهجة وبث أخبار من قِبل أشخاص ربما يعلمون لكن غايتهم سلبية، أو من قِبَل آخرين لا يعلمون. كل ذلك أثّر على معنويات الأسواق.

وأوضح أن "في ظل كل تلك المعطيات كان هدف مصرف لبنان أن يلعب دوره وفق ما حدّده القانون، وكما كان القرار على صعيد البلد ككل، وهذا الدور كان المحافظة على الثقة ولا سيما الثقة بالليرة اللبنانية. هذا الأمر أساسي لأن الليرة اللبنانية هي أداة للتمكّن من تحقيق نمو اقتصادي ممكن، واستقرار اجتماعي. نعلم أن نِسَب التضخم ترتفع بشكل مهم جداً، والقدرة الشرائية تتراجع كلما انحدرت الليرة اللبنانية".

وقال: أعتقد أن هذا النجاح في المحافظة على الليرة اللبنانية نقيسه بقدر ما خدم اللبنانيين، وأمّن لهم حداً معيناً من العيش الكريم. إنما التراجع في الحركة الاقتصادية وفي النمو الذي بلغ الصفر في العام 2019، زاد من معدل البطالة وأثّر على فئات عديدة من الشعب اللبناني ولمسناه من خلال التعثر في تسديد القروض السكنية، حيث ارتفع التعثر بشكل لافت.  وهنا طلبنا من المصارف أن تكون مرنة قي التعاطي مع هذا النوع من القروض، وهذا ما حصل.

وتابع سلامة: نحن في اقتصاد مدَولر، بمعنى أنه إذا لم يتوفر الدولار الأميركي في الأسواق، لن يكون هناك اقتصاد، لذلك الليرة اللبنانية وثباتها هي عنوان ثقة أيضاً كي يستمر دخول الدولارات إلى لبنان.

أضاف: لقد قمنا بكل ذلك، لأننا استطعنا القيام بهندسات مالية ساعدت لكنها ربما لم يفهمها البعض أو لم يطلع عليها، وقد يكون حوَّر في معالمها البعض الآخر.  وسأتوقف الآن أمام الهندسة المالية التي يتم الحديث عنها، والتي تعود إلى العام 2016. هذه الهندسة المالية، سمحت بالفعل بأن أكوّن احتياطات كبيرة دعمت الليرة وسمحت بتكوين  رسملة لدى المصارف والتي ساعدت في تطبيق المعايير الدولية في العمل المصرفي، كما ساهمت في استمرار وجود ملاءة في المصارف ونحن نعيش تراجعاً في التصنيف الائتماني، كما ساهمت في المحافظة على إمكانات تمويل البلد.

وفي معرض شرح التفاصيل، قال: الودائع بالدولار الأميركي التي أخذناها من المصارف دفعنا عليها فائدة بين 15،6 و89،6 في المئة. وللتذكير الفائدة اليوم تفوق الـ15 في المئة في الأسواق العالمية. أي أننا كسبنا أموالاً بالدولار بفوائد مقبولة.

أما في ما يتعلق باستخدام المال العام في تلك الهندسات، فأكد سلامة أن ذلك "لم يحصل، بل على العكس. فقد قبضت الدولة ضرائب من نتائج هذه الهندسات في حدود 800 مليون دولار. وحسم مصرف لبنان من الفوائد على الأوراق التي أخذها بالليرة اللبنانية ما يساوي 5 مليارات دولار. فمَن يطالب اليوم بإعادة أموال الهندسات المالية، فكلامه ليس دقيقاً. وإذا أردنا أن نُعيد هذه الأموال فذلك يعني أن الدولة ستدفع 800 مليون دولار للمصارف وأن يُعيد مصرف لبنان الـ5 مليارات. هذا الكلام يجب أن يكون واضحاً ونعلم تماماً تفاصيل هذه الهندسة، وهي منشورة على الموقع الإلكتروني لمصرف لبنان".

وقال: بسبب التطورات الأخيرة دخلنا في ظروف استثنائية. فعلياً كانت الأمور النقدية تتحسّن، إذ ارتفعت موجودات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية بين تموز ومطلع أيلول، بما يساوي ملياريّ دولار. إنما في أوائل أيلول عدنا ودخلنا في انتكاسة بدأت مع تسمية مصرف على لائحة "أوفاك"، الأمر الذي كانت له ردات فعل في الأسواق اللبنانية لمسناها من خلال التوجّه إلى سحب نقدي بمبالغ كبيرة بالليرة اللبنانية من صناديقنا في مصرف لبنان.

ففي خلال أشهر أيلول وتشرين الأول وتشرين الثاني، تم سحب أوراق نقدية بالليرة اللبنانية فاق ما تم سحبه في خلال السنوات الثلاث الأخيرة. الأمر الذي أثّر على سوق الأوراق النقدية بالدولار الأميركي. لذلك لاحظنا ارتفاعاً للدولار الأميركي لدى الصيارفة. والظاهرة كانت عند اللبنانيين إذ ادّخروا أوراقاً نقدية في منازلهم، ووصلت تلك المبالغ إلى ما يساوي الـ3 مليارات دولار انسحبت من القطاع المصرفي.

هذا عنصر أساسي لنقول إن الوضع استثنائي لأن الاقتصاد اللبناني حرّ واقتصاد سوق، ونحن نؤمن بأنه يجب أن يبقى كذلك، وحرية التداول تطاول كل السلع ومنها النقدي.

خلال الـ27 سنة الماضية، اعتمد مصرف لبنان أهدافاً وسياسات ساعدت لبنان في ظل الأجواء التي ذكرتها في بداية حديثي، لم تكن أجواء تساعد عمل البنك المركزي، ونأمل أن تكون كل هذه السياسات قد خدمت اللبنانيين في المحافظة على قدرتهم الشرائية ومن خلال قيامنا بضخّ السيولة والذي استفادت منه شرائح عديدة من المجتمع اللبناني وقطاعات اقتصادية عديدة.

أضاف: لقد دعمنا قروضاً سكنية لأكثر من 125 ألف مسكن، ودعمنا الصناعة والسياحة بالمليارات والطاقة البديلة والبيئة كلها خلقت فرص عمل وحركة في البلاد.

استمر مصرف لبنان في هذه العملية ولو بوتيرة مختلفة ولكن هذا الأمر فُرض عليه منذ أن بدأت السيولة تتراجع في العام 2017، وكان الهمّ الأساسي ألا تكون هناك سيولة تخلق تضخماً وخطراً على الليرة اللبنانية، لذلك كان يقوم بضبط تلك المبادرات.

وقال: نحن اليوم أمام مرحلة جديدة أحب أن أؤكد فيها أننا سنحافظ على استقرار سعر صرف الليرة. هذا الاستقرار موجود، والمصارف تتعاطى بالسعر الذي أعلنه مصرف لبنان. بالطبع هناك فارق بين السعر الموجود في مصرف لبنان وذلك الموجود لدى الصرافين. ومصرف لبنان لم يُرد هذا الفارق إنما جاء نتيجة عرض وطلب، وأن مصرف لبنان لا يتعاطى بالأوراق النقدية بالدولار، ولن يكون لديه مخزون بالأوراق النقدية بالدولار لأسباب عديدة ولن يذهب إلى الصرافين ليعطيهم الدولار بهدف المحافظة على السعر.

وأشار إلى أن "المواطن يعلم ما هي مصلحته، وأيضاً ربما لدى الصيارفة عمليات لا تتعلق فقط بالادخار، إنما بتمويل بعض العمليات التجارية والاستيراد الصناعي. وهذا يعود إلى المؤسسات ذاتها".

وقال: هذا الواقع هو ظاهرة في حد ذاتها، لأن الوضع استثنائي ولأن سيولة كبيرة بالليرة اللبنانية انخفضت. وهذه الظاهرة ستتراجع عندما يتراجع الطلب على النقد بالليرة اللبنانية وعندما يحصل ارتياح أكبر إلى وضع البلد، ورؤية ونظرة للمستقبل. في هذه الظروف الاستثنائية التي نتحدث عنها، هدف مصرف لبنان الأساسي والأول، هو الحفاظ على الاستقرار بالليرة اللبنانية وإمكاناتنا متوفرة لذلك.

وتابع: لدينا هدف أساسي أيضاً، وأخذنا التدابير من أجله، هو حماية المودعين، وحماية الودائع في لبنان. وهذا موضوع أساسي ونهائي. واتخذنا مما يقتضي من إجراءات لتجنيب المودِعين أي خسائر.

وأكد سلامة أنه "لن يكون هناك ما يسمّى بالـ "Haircut" على الودائع، وقال: هذا الأمر غير وارد، أولاً لأن مصرف لبنان ليست لديه صلاحية قانونية ليقوم بذلك، كما أنه لا يريد ذلك بالطبع، ولن يريد. ولا أعتقد  أنه سيمرّ قانون يسمح باقتطاع ودائع موجودة لأنها ملك اللبنانيين، مقيمين أو في الخارج. من هنا ليس هناك أي نوع من الـ"Haircut".

وقال: الآلية التي وضعناها هي لحماية المودِع من خلال عدم تعريض أي مصرف للتعثّر. فبالفعل عندما تحصل خسائر في الودائع تكون ناتجة عن تعثّر أحد المصارف، عندها يأخذ المودِعون ما تبقى في هذا المصرف.

أضاف: عندما نقول إنه لن يكون هناك مصارف متعثرة، نكون تلقائياً حمينا الودائع الموجودة في لبنان. من أجل ذلك، أعلمنا المصارف أن في إمكانها أن تستلف من مصرف لبنان حاجاتها من السيولة بالدولار الأميركي بفائدة 20 في المئة. لكن الأموال التي تستدينها المصارف من البنك المركزي غير قابلة للتحويل إلى الخارج. بل إنها أموال يحق لأي مودع أن يستعملها في لبنان وينقلها من مصرف إلى آخر أو استثمارها... إلخ، إنما لأنها أموال مصرف لبنان، لا يمكنه أن يحوّلها إلى الخارج.

وشرح أن "عملية التحاويل إلى الخارج تعود إلى العلاقة القائمة بين المصارف وزبائنها، وتتم من حساباتهم في الخارج. ولكن في الظروف الاستثنائية يجب أن تكون التحاويل حتى لو من أموال المصارف أن تلبّي الضرورات. وهنا طلبنا من المصارف تلبية العمليات الضرورية، لأن للوهلة الأولى وعندما فتحت المصارف أبوابها في ظروف صعبة حيث لا حلول للأزمات السياسية التي يعيشها لبنان، اتخذت المصارف قرارات متحفظة".

وتابع: هنا طلبنا من المصارف:

1- العودة إلى ممارسات تساوي بين الوضع الاستثنائي والضرورات وتلبية حاجات اللبنانيين ليس فقط في الداخل ولكن أيضاً في الخارج.

2- أن تدرس كل التسهيلات التي خفضتها منذ 17 تشرين وتعيد النظر فيها، وتعيدها تبعاً لدراستها إلى وضعها، وتلبي الشيكات المرتجعة الناتجة عن تخفيض تلك التسهيلات.

3- ألا تخفض التسهيلات عندما يكون هناك تسليف وتكون سقوف التسليف أقل.

4- الإبقاء على سقوف البطاقات الائتمانية وتلبية السيولة لهذا الغرض.

5- أن يستطيع اللبناني ولو بقروض التجزئة، أن يغطي دينه، وإذا كان بالدولار أن يغطيه بالليرة، لا أن يُطلب منه التوجّه إلى الصيارفة لتأمين الدولار من أجل تسديد القسط المستحق عليه.  

أضاف سلامة: كل هذه الأمور، ستعقد جمعية المصارف اجتماعاً للبحث فيها وإقرارها وتنفيذها فوراً، لأنها ضرورية ليبقى الاقتصاد على حركته المطلوبة لتأمين حاجات اللبنانيين.

وفي ما يتعلق بأسعار الدولار والصيرفة والاستيراد، قال: أصدر مصرف لبنان تعميماً سمح بتلبية الاحتياجات بالدولار الأميركي لاستيراد البنزين والقمح والأدوية. وبدأ تنفيذه. والاعتمادات الخاصة بها هي سارية المفعول طالما المصارف تتعامل مع المصارف المراسلة.

ولفت إلى أن "الودائع مؤمّنة، ولكن هناك إدارة للسيولة، وهي لا تعني أن ملاءة القطاع المصرفي انخفضت أو أنها تشكّل مخاطر على الودائع".

وقال: طبعاً عندما تكون هناك أوضاع استثنائية، على القطاع المصرفي أن يتخذ تدابير لإدارة سيولته. وبهذه التدابير يكون يحمي جميع المودعين، ولهذه التدابير أسس تعرف كيف تتعاطى بها مع زبائنها.

وأوضح أن "ليس كل أموال المصارف موضوعة في مصرف لبنان، هذه المقولة غير دقيقة، بل مصارف لبنان لديها أموال توظفها في الخارج وأخرى توظفها مع الدولة، وأموال توظفها مع القطاع الخاص. ويجدر الذكر أن المصارف أقرضت القطاع الخاص اللبناني بما يساوي 110 في المئة من حجم الاقتصاد". وتابع: الأموال التي تُدخلها المصارف إلى البنك المركزي تعود وتخرجها من مكان آخر. وإذا أردنا التوازن بين الأموال التي دخلت البنك المركزي من المصارف عام 2019 وتلك التي خرجت منه إلى القطاع المصرفي، فالنتيجة تظهر أن مصرف لبنان ضخّ أموالاً للمصارف أكثر مما أخذ منها.

أضاف: أصدر مصرف لبنان تعميماً طلب فيه من المصارف زيادة التقديمات النقدية للمصارف بالدولار الأميركي وبنسبة 20 في المئة، على أن تكون الـ10 في المئة قبل آخر السنة الجارية، و10 في المئة في حزيران 2020.  وهذه مبالغ مهمة تزيد من رسملة القطاع المصرفي وتطمئن المراسلين العاملين معه، وستزيد من السيولة المتوفرة بالعملات الأجنبية. وستظهر مدى التزام المساهمين بمؤسساتهم وهذا أمر طبيعي أن يقف أصحاب المصارف مع مصارفهم.

وقال: سنحاول في هذه الفترة وفي إطار تنظيم السيولة، تخفيض الفوائد وهذا أمر مهم، حفاظاً على استمرارية المصارف في لبنان، وملاءة الاقتصاد اللبناني والقطاعات. طلبنا من المصارف أن تعقد اجتماعات مع جمعية الصناعيين وجمعية تجار بيروت من أجل التفاهم على كيفية العمل إن من حيث تأمين الاستيراد أو تسديد القروض وأن تكون هناك مرونة في ذلك، وتوفير التسهيلات. وهذا نأمل أن يتم سريعاً.

 

وأكد أن "مصرف لبنان لديه الإمكانات، إن كانت السيولة بالعملات الأجنبية، منها استثمارات وسندات للجمهورية اللبنانية وحركة لعب على أساسها لعب دور المموّل ليس للقطاع الخاص قفط، بل للقطاع العام، وهذا أساسي".

وقال: نحن موّلنا، ولم نصرف. ومَن صرف هو مَن قرّر موازنات الدولة وراقبها، ومصرف لبنان لا علاقة له بهذا الموضوع. وهذا يجب أن يكون واضحاً للجميع. نحن نؤمّن التمويل للبنان حفاظاً على استمرارية البلد الذي نحب، ولسنا نحن مَن يصرف الأموال.   

 

 أضاف سلامة:   على صعيد آخر، قام مصرف لبنان بمبادرات مهمة من خلال تواجده في الهيئة الخاصة لمكافحة تبييض الأموال ومن حيث أيضاً مساعدة الدولة في مكافحة التهرّب من الضرائب. ومصرف لبنان هو الذي وضع الشبكة الأساسية التي حمت سمعة لبنان وهي التي فرضت أن تكون هناك دوائر امتثال وطرق للعمل بشفافية وضمن القانون اللبناني للعمل المصرفي وكافح واطلع على ملفات عدة تتعلق بالفساد وتبييض الأموال، وأقفل مصارف عدة لتعاطيها حركة أموال مشبوهة... وأصدرنا تعاميم على كل المصارف، بمؤشرات الفساد وكيفية التأكد من مصادر الأموال وعلى المصارف تنفيذ هذه التوصيات. كذلك وضعنا التقييم الوطني لمخاطر الفساد والجرائم الداخلية وطلبنا من المصارف وكتّاب العدل أن يتقدموا بشكواهم إلى الهيئة الخاصة التي تتلقى الشكاوى من الخارج ومن المصارف ومن القضاء اللبناني والآن من كتّاب العدل. ونحقق في كل شكوى من دون تردّد أو تأخر. كذلك عملنا على تأسيس أسواق للأوراق المالية والنقدية الغاية منها خلق سيولة للقطاع الخاص.

وقال: نحن اليوم في وضع يُحكى فيه عن Capital Control أو "تقييد التحاويل" بشكل قانوني في لبنان. هذا الأمر غير وارد. أولاً إن مصرف لبنان لا يملك صلاحية في قانون النقد والتسليف أن يقوم بذلك، كما أنه لا يرغب فيه. لأن لبنان يعيش من التحاويل ويتموّل من تحاويل اللبنانيين غير المقيمين، ومن غير الطبيعي ألا يتمكن المحوّل من استعادة أمواله بحرية.

وفي ما يتعلق بالـBank Note  قال: هناك شحن مرخص، ولا يحق لغير المرخص له أن يشحن، ومَن يريد رخصة عليه التقدم من مصرف لبنان للحصول عليها. لكن طلبنا من المصارف أيضاً أن يكون للمودع Debit Card لحمايته من التزوير أو السرقة، لكن ذلك يبقى اختيارياً للمودِعين في القطاع المصرفي.

وقال سلامة: يعيش لبنان اليوم في مرحلة تاريخية ونتمنى أن تنحى الأمور التي نعاني منها في لبنان، نحو مستقبل أفضل. في اعتقادنا يجب أن تكون موازنة الدولة العامة خالية من العجز وأن يتحقق ذلك من دون إلحاق الضرر لا بالعاملين في القطاع العام ولا بالمواطن بتحميله الضرائب. ونأمل أيضاً إجراء إصلاحات أساسية في الخدمات التي يحتاج إليها المواطن من كهرباء ومياه وبيئة... ونتمنى إعادة تفعيل القطاع الخاص وتكون هناك شراكة بين القطاعين الخاص والعام، وعمليات بيع مؤسسات للقطاع الخاص، لأن لبنان لديه الإمكانية في رسملة نفسه سريعاً، من دون أن يخسر سيطرته على القطاعات الأساسية وحماية المستهلك.

وختم: إنها عناوين مهمة لمستقبل لبنان والخروج من هذه الأزمة ونعود إلى استقطاب الاستثمارات وخلق وظائف في لبنان. مصرف لبنان في خدمة كل اللبنانيين ونحن نعمل ضمن القانون، ولديه مبادرته وسياسته. ولكن في آخر المطاف، يتحمّل مصرف لبنان نتائج الأوضاع الاقتصادية أو المالية العامة، وهو الذي يستطيع معالجتها بالطريقة التي يراها مناسبة وهي المناسب عندما يكون يخدم مصلحة لبنان.      

 الحوار:

ورداً على سؤال عن حقيقة احتياطي مصرف لبنان، قال سلامة: إن الاحتياطي الموجود لدى مصرف لبنان من دون الذهب، يقارب الـ38 مليار دولار بما فيه الـ"يوروبوند" واستثمارات البنك المركزي. والقدرة النقدية التي نملكها في الوقت الراهن وجاهزة للاستعمال الفوري، هي في حدود الـ30 مليار دولار. ونحن ننشر مرتين في الشهر الواحد ميزانية مصرف لبنان.  

وعما إذا كان ينفذ السياسة الأميركية، قال: أنا أنفذ السياسة التي تخدم مصلحة لبنان التي هي الأساس بالنسبة إليّ، كما مصلحة اللبنانيين. ومصرف لبنان يحاول أن يحمي لبنان في ظروف صعبة في المنطقة وهي خارجة عن سيطرة لبنان ومصرف لبنان.

أما بالنسبة إلى الهندسات المالية فقال: ارتفعت موجوداتنا ملياريّ دولار نتيجة الهندسة التي قمنا بها في تموز الماضي، لكن الظروف الاستثنائية اليوم لا تسمح بالقيام بهندسات مالية بل تتطلب إدارة للسيولة الموجودة على نحو يحمي الوضع الائتماني للبلد.  

ورداً على سؤال عن الإجراءات الأخيرة للمصارف، أجاب سلامة: التدابير التي فاجأتنا بها المصارف عليها تصحيحها، والأمر سيتم فوراً، وستجتمع اليوم لهذه الغاية.

وقال: هدفنا الأول المحافظة على أموال المودعين، لذلك في ظل غياب الـ Capital Control وأي تدبير آخر، على المصارف أن تُحسن إدارة سيولتها في هذا الوضع الاستثنائي، ونطلب منها بعض المبادرات التي تريح السوق في هذه الظروف الاستثنائية.  

أضاف رداً على سؤال: أفسحنا المجال للقطاع المصرفي الاستدانة بالدولار من مصرف لبنان بدون سقوف تأميناً لحاجات المودِعين، وهذه الأموال لا يمكن تحويلها إلى الخارج، لذلك يستطيع المودعون أخذ أموالهم ساعة يشاؤون، أما التحويل إلى الخارج فسيخضع للتنظيم.

أضاف: أما تسليف المصارف للدولة فهو متوقف ولم يعد بالتالي موجوداً. مصرف لبنان لديه 53 في المئة من دين الدولة بالليرة اللبنانية.

وعن مخاطر احتمال تحويل جزء من واردات المحروقات والأدوية والقمح إلى سوريا، قال سلامة:  ذكرنا في التعميم أن المصارف التي تريد فتح اعتمادات واستعمال تسهيلات مصرف لبنان مسؤولة عن التأكد من أن هذا الاستعمال هو محلي.

وعن الاستحقاقات المقبلة لتسديد دين الدولة، قال: هناك استحقاق في 28 تشرين الثاني الجاري، تم الاتفاق مع وزارة المال على تسديده، وكنا كمصرف لبنان، اتخذنا الاحتياطات اللازمة لهذا الموضوع.  

ورداً على سؤال قال: لم أكن على علم بالإضراب المفتوح لموظفي المصارف، والأمور التي تحدثت عنها ستنفذ، والإضرابات ستنفّذ ثم تُحل.

وأضاف: البنك المركزي يأمل في تشكيل حكومة في أقرب وقت، واتخذنا التدابير كي لا يحصل شيء كارثي.

وقال: معظم الانخفاض الذي حصل في حجم الودائع هو سحب نقدي للمنازل احتواءً للوضع، وهو لا يتعدى الملياريّ دولار.

وعمّن يتحمّل مسؤولية الوضع الراهن، قال: في هذا الظرف، لا أريد تحميل المسؤوليات لأحد، هناك ظرف استثنائي، ثم يحين الوقت ليجري كل طرف دراسته وتقييمه. ما يهمنا اليوم هو أن نواجه بواقعية الظروف الاستثنائية التي في ظلها لا نستطيع إكمال عملنا بشكل طبيعي وكأن الوضع سليم وطبيعي. القدرة التي سنظهرها هو أن نتمكن من المحافظة على الاستقرار بالتدابير والأهداف التي ذكرتها، كي يستطيع البلد الإقلاع مجدداً عندما تعود الأمور إلى طبيعتها ووُجدت الحلول التي يرضى بها الشعب اللبناني.

* * *

 

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o