Oct 29, 2019 4:45 PM
تحليل سياسي

صوت الشعب اقوى من لاءات السياسيين...الحريري يستقيل:
وصلت الى طريق مسدود و"ما فــــي حدا أكبر من بلدو"
اعتداءات ميليشياوية على الثوار ...واحتفالات بالنصر الاول

المركزية- وبعد ثلاثة عشر يوما، سددت الانتفاضة الشعبية العارمة وثورة اللبنانيين على الفساد اولى اهدافها في مرمى السلطة السياسية، بإعلان الرئيس سعد الحريري استقالته، فأسقطت اولى اللاءات التي رفعها في وجهها امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله.

هي المرة الثانية، يخرج  فيها الرئيس الحريري من السراي الحكومية، بعد اولى انفرط فيها عقد حكومته اثر استقالة وزراء 8 آذار، ومن سمي آنذاك "الوزير الملك". في 12 كانون الثاني 2011، "استقالوه" ، وفي 29 تشرين الاول 2019 "استقالهم". رمى كرة النار في ملعب معرقلي اقتراحات الحلول للخروج من الازمة ومضى. حمل ورقة استقالته بعدما اصطدم بالحائط المسدود وتعنت القوى السياسية وتوجه بها الى قصر بعبدا لوضعها بتصرف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي تتوجه الانظار في اتجاه قراره بقبولها او عدمه، تماما كما الى الشارع وردة فعله. فهل يكتفي باستقالة الحكومة ويخرج من الساحات ام يبقى فيها الى حين تحقيق جميع مطالبه؟

الاستقالة: في اليوم الثالث عشر طفح كيل رئيس الحكومة فأطل على اللبنانيين في الرابعة بعد الظهر، والقى كلمة مقتضبة جاء فيها: منذ ثلاثة عشر يوما، والشعب اللبناني ينتظر قرارا بحل سياسي يوقف التدهور، وأنا حاولت طوال تلك الفترة أن أجد مخرجا نستمع من خلاله لصوت الناس ونحمي البلد من المخاطر الأمنية والاقتصادية والمعيشية. اليوم، لا أخفيكم، وصلت لطريق مسدود، وبات لزاما أن نُحدث صدمة كبيرة لمواجهة الأزمة. أنا سأتوجه إلى قصر بعبدا، لتقديم استقالة الحكومة لفخامة الرئيس العماد ميشال عون وللشعب اللبناني في كل المناطق، تجاوبا مع إرادة الكثير من اللبنانيين الذين نزلوا إلى الساحات ليطالبوا بالتغيير، والتزاما بضرورة تأمين شبكة أمان تحمي البلد في هذه اللحظة التاريخية. ندائي إلى كل اللبنانيين أن يقدموا مصلحة لبنان وسلامته وحماية السلم الأهلي ومنع التدهور الاقتصادي على أي أمر آخر. ولكل الشركاء في الحياة السياسية أقول: مسؤوليتنا اليوم هي كيف نحمي لبنان ونمنع وصول أي حريق إليه. مسؤوليتنا هي كيف ننهض بالاقتصاد، هناك فرصة جدية يجب ألا تضيع. استقالتي أضعها بتصرف فخامة الرئيس وكل اللبنانيين. المناصب تذهب وتأتي، المهم كرامة وسلامة البلد. وأنا أيضا أقول: "ما في حدا أكبر من بلدو"، حمى الله لبنان، حمى الله لبنان، عشتم وعاش لبنان.

دوافع الاستقالة: وقبل الاستقالة، كان الحريري استقبل في بيت الوسط وزير المال علي حسن خليل موفدا من رئيس مجلس النواب نبيه بري، بعيدا من الاعلام، في محاولة لثنيه. وأفيد ان الرئيس الحريري اجرى اتصالات بفرقاء سياسيين في الساعات الماضية، وأبلغهم بأنه يرغب بالاستقالة اليوم الا أن العديد من الفرقاء حاولوا ثنيه. واضافت المعلومات "الحريري قرر الاستقالة لان الاطراف لم تستجب لطلبه تشكيل حكومة حيادية". كما ان الاخير كان  يؤيّد الخيار السياسي لا الأمني لمعالجة مسألة فتح الطرق، وهذا الأمر كان موضوع خلاف مع مرجعيّات أخرى خصوصاً في ظلّ ارتفاع مستوى الضغط الاقتصادي والمالي. وقالت معلومات للـmtv: ان مقربين من الحريري اتصلوا أمس بالوزير علي حسن خليل لإبلاغ بري بأنه سيستقيل اليوم إذا لم يتم تطعيم الحكومة باختصاصيين مع فصل النيابة عن الوزارة...

حزب الله: في الموازاة، علمت "المركزية" ان "حزب الله سيتمنى من الرئيس عون اجراء استشارات نيابية عاجلة لتشكيل حكومة في اسرع وقت فور قبول استقالة الحريري".

... والاستقالة: من جهته، اوضح وزير الشباب والرياضة محمد فنيش "ان من حق الرئيس الحريري اتّخاذ قرار بالاستقالة، لكن عليه تحمّل مسؤوليته"، وسأل "ما هي الخطوة المقبلة؟ فهل هذا يُساعد على انهاء الوضع القائم في الشارع ويبدأ الجيش والقوى الامنية بفتح الطرقات؟ وهل المجموعات المنتشرة هنا وهناك ستتم محاسبتها"؟ واوضح لـ"المركزية" "اننا كفريق اساسي في البلد لا نعتبر ان استقالة الرئيس الحريري ستُخرج البلد من الازمة وتفتح الباب امام الحلول، بل ستزيد الامور تعقيداً وتأزّماً".

العاصمة ساحة حرب: وفور شيوع المعلومات عن توجه الحريري نحو الاستقالة، تحولت العاصمة ساحة حرب حقيقية. فعند جسر الرينغ، اندلعت سجالات واشكالات بين المتظاهرين، ومواطنين يرفضون قطع الطرقات وقد رددوا هتافات داعمة للامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ورئيس مجلس النواب نبيه بري. وحاول بعض مناصري الثنائي الشيعي، فتح الطريق بالقوة ما ادى الى تدافع بين الطرفين. وحصل تضارب بالحجارة والعصي، أسفر عن اصابة ستة أشخاص، عمل الصليب الاحمر على اسعافهم. وحضرت عناصر من الجيش وقوى الامن الداخلي الى المكان. كما تعرض الحزبيون لفريق قناة ال"أم. تي.في"، عند جسر الرينغ، موجهين اليه كلمات نابية وتم الاعتداء على المصور ايلي راشد الذي كسرت يده ونقل الى المستشفى. ومن الرينغ، انتقل الحزبيون الى ساحة رياض الصلح وساحة الشهداء حيث أقدموا على تحطيم خيم المتظاهرين. وعمدوا على تكسير الموجودات في الساحتين مطلقين العديد من الهتافات المؤيدة لأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله ورئيس مجلس النواب نبيه بري ومرتدين قمصانا سوداء ومعتدين على المتظاهرين.  وقد أضرموا النار في مجسم اليد التي تمثل الثورة.

احتفال الشارع: لكن الاعتداءات الممنهجة على المتظاهرين السلميين لم تمنع هؤلاء من الاحتفال بنصرهم الاول، فعمت الاحتفالات ساحات التظاهر، فأطلقت الهتافات المرحبة باستقالة الحكومة وعقدت حلقات الدبكة في الطرقات.

جبق والدواء: في المقلب الحياتي، على وقع معلومات عن انقطاع البنزين من بعض المحطات، كشف وزير الصحة العامة جميل جبق ان هناك شحّا في الأدوية ايضا "بسبب عدم تخليص الأدوية في الجمارك مشيرا الى أن في حال تخليصها لا يمكن تسليمها للمستشفيات والصيدليات". ولفت، في مؤتمر صحفي، الى أنه يتم الاعتداء على السيارات الخاصة لنقل الدواء مؤكدا انقطاع المستشفيات من مادتي المازوت والأوكسيجين. وقال: الأطباء لا يتمكنون من الوصول الى مستشفياتهم والبعض يأخذ خوة منهم بين 5000 ليرة و50$ والبعض الآخر يطلب منهم الكشف عليهم مجانا ليسمحوا لهم بالمرور. وأكد أن ما يحصل خطير ويمكن أن يؤثر على اللبنانيين والمرضى واذا استمر هذا الوضع سيؤدي الى كارثة اجتماعية طبية في لبنان.

الاعتمادات متوافرة: في المقابل، كشفت مصادر مصرفية بارزة لـ"المركزية" أن "لا صحّة لما يتردّد عن عدم تمكّن أصحاب المطاحن ومستوردي المحروقات من التحويل المصرفي لاستيراد المحروقات والقمح، بل هناك تحويلات عدة تمّت عبر الآلية التي حدّدها مصرف لبنان للغاية".  هذا التأكيد جاء بعد إعلان نقابات أصحاب المحطات والمطاحن والأفران عدم التمكّن من الحصول على الاعتمادات المالية لتغطية كلفة الاستيراد، بسبب توقف آلية مصرف لبنان بفعل إقفال المصارف. وأكدت المصادر المصرفية أن لا عراقيل تحول دون الحصول على الاعتمادات اللازمة. الأمر الذي يدحض كل ما تردّد عكس ذلك.

التيار عند عبود: على صعيد آخر، وفي إطار استكمال إجراءات رفع السرية المصرفية عن حساباتهم، استقبل رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود في قصر عدل بيروت وفدا من وزراء ونواب تكتل "لبنان القوي"، ضم وزراء: العدل القاضي ألبرت سرحان، البيئة فادي جريصاتي والمهجرين غسان عطاالله والنواب حكمت ديب، ماريو عون، نقولا الصحناوي، سيزار أبي خليل، إدغار معلوف، إدغار طرابلسي وأنطوان بانو. بعد الإجتماع، الذي استمر قرابة الساعة، تحدث بإسم الوفد النائب طرابلسي عن هذه الخطوة بالقول: "بناء على القرار الذي اتخذته الهيئة السياسية في "التيار الوطني الحر" أي الوزراء والنواب ونائبتي رئيس التيار، وقعنا بالأمس أوراق رفع السرية المصرفية، واليوم جئنا لنقدم ونضع هذه الأوراق بين يدي رئيس مجلس القضاء الأعلى، وبطبيعة الحال سررنا أيضا بالخطوة المماثلة التي قام بها القضاة، برفع السرية المصرفية عن حساباتهم".

جمعية المصارف: ماليا، أعلنت جمعية مصارف لبنان ابقاء أبواب المصارف مقفلة يوم غد الأربعاء  في انتظار عودة الاستقرار إلى البلاد. وأكّدت الجمعية، بعد اجتماع موسع لمواكبة التطورات والبحث في تسيير شؤون القطاع في الظروف الراهنة، "الاستمرار في بذل الجهود الممكنة للتخفيف من وطأة الأزمة على المواطنين في ظل استمرار التحركات الشعبية وانقطاع الطرق وصعوبة انتقال المواطنين". وطمأنت الجمعية :المواطنين إلى استمرار أعمال الصيرفة الالكترونية وإلى جهوزية مكاتب الأستعلام Call Centers للأجابة على استفسارات زبائن المصارف والمساعدة على تلبية حاجاتهم"، مكرّرةً حرص "المصارف على تأمين رواتب موظفي القطاعين العام والخاص وعلى توفير السيولة اللازمة لهذا الغرض".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o