Oct 19, 2019 3:18 PM
خاص

هل يعيد التاريخ نفسه فتتكرر معادلة 8 و14 آذار؟
نصرالله يشد ازر اهل التسوية والشارع يرد

المركزية- توقفت مراجع سياسية ودبلوماسية باهتمام بالغ امام سيل المواقف المتشددة التي ضمها خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله اليوم بما رافقها من تأكيد على تضامن اهل الحكم والحكومة في المواجهة المفتوحة مع كل من شارك او دعم النقمة الشعبية التي شملت الأراضي اللبنانية كافة من اقصى الجنوب الى اقصى الشمال ومن عمق البقاع الى بيروت وجبل لبنان. كما عبرت عن الكثير من الخطورة بالنظر الى التهديدات التي وجهها نصرالله الى مختلف الأطراف المعارضة والى المتظاهرين ومن بينهم الحلفاء السابقون والخصوم الحاليون في حال قرر الحزب النزول الى الشارع مستخفا بالحراك القائم حتى الساعة على الساحة الشيعية وترددات احداث الجنوب التي لم يسبق لها مثيل.

حتى اطلالة السيد نصرالله لم يكن ثابتا ان اهل التسوية والحكومة متضامنون الى هذه الدرجة رغم الخلافات القائمة حول العديد من الملفات الحساسة المالية منها والسياسية. فقد ظهرت اولى بوادر التفاهم والتناغم الخفي في موقفي رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل ورئيس الحكومة سعد الحريري وما ظهر واضحا من تنسيق في المواقف لكنها لم تعبر ما فيه الكفاية عن قوة التسوية السياسية قبل ان يقول السيد نصرالله كلمته اليوم.

وإن دلت هذه المعادلة على شيء، كما تقول هذه المراجع لـ" المركزية" ، فالى ان أطراف التسوية السياسية التي رعاها الحزب بشكل من الأشكال قبل 3 سنوات وادت الى انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية وتكليف رئيس الحكومة سعد الحريري بتشكيل الحكومة طيلة العهد، ما زالت قائمة ، وتحتاج الى عملية انعاش قوية ولا بد لجميع اطرافها من رص الصفوف وبذل المزيد من صرف النفوذ لمنع استقالة الحكومة، ايا كانت النتائج التي يمكن ان يؤول اليها الحراك الشعبي الذي فاق كل التوقعات.

وعليه، فقد رأت المراجع السياسية والدبلوماسية ان تحذيرات السيد نصر الله من النتائج المترتبة على اسقاط العهد والحكومة وما يمكن ان تؤول اليه من فراغ لا حدود له في الشكل والمضمون، والتي تلاقت في نتائجها المباشرة وغير المباشرة الى حد بعيد مع تلك التي اطلقها كل من الحريري وباسيل لتستتفز وترفع من معنويات المتظاهرين من مختلف المناطق اللبنانية الذين تدافعوا بقوة الى مختلف الساحات على رغم الرهان على موقف الرئيس سعد الحريري وامكان قلبه للطاولة قبل انتهاء مهلة الساعات الـ 72 التي حددها.

ظهر واضحا ان هناك من بين اهل السلطة من سعى منذ ساعات الصباح الأولى من اجل تعطيل الحراك الشعبي، فتلاحقت المحاولات لفتح الطرق الرئيسية بالتعاون بين القوى الأمنية وبعض البلديات في مسعى لإحباط المتظاهرين لكن ذلك لم يؤد الى الغاية التي ارادوها. فبعد ساعات قليلة على فتح بعض الطرق تلاحقت التحركات الشعبية منذ الظهر لإعادة الحراك الى زخمه فتغيرت كل المعادلات.

وعليه، ظهر واضحا ان التاريخ قد يعيد نفسه بعد عقد ونصف من الزمن،  وقد استذكرت المراجع السياسية والأمنية مظاهر الحراك الشعبي العام 2005 حيث قادت تظاهرة 8 آذار الى نزول مليون ونصف المليون لبناني في 14 منه. وجاء تحذير الأمين العام لحزب الله من الإستقالة باعتبارها "تهربا من المسؤولية" في مثل الظروف الحالية وان من يقدم عليها يجب محاكمته لتزيد من حال الغضب في الشارع اللبناني فتدفق المتظاهرون في كل لبنان الى اقرب النقاط التي يمكن الوصول اليها.

على هذه الخلفيات، يبدو واضحا ان اسقاط الحراك الشعبي قبل انتهاء مهلة الساعات الـ 72 ليس امرا ممكنا، ان لم يكن من سابع المستحيلات، وهو ما يزيد من حجم الأزمة ويفاقمها ليس بسبب الخسائر التي تسببت بها بعض التصرفات الخارجة على كل الأصول في الممتلكات العامة والخاصة بل بسبب وجود قرار بمواجهة مطالب الغالبية اللبنانية ومحاولة احياء التسوية السياسية التي قادت الى تحكم القوى الكبرى بالتركيبة الحكومية رغم وجود مساع لغربلتها وابعاد بعض القوى من تركيبتها ولا سيما لجهة السعي الى ابعاد وزراء الحزب التقدمي الإشتراكي والقوات اللبنانية منها او تعطيل وجودهم على الأقل.

ويبدو واضحا، تختم المراجع، ان فسيفساء المواقف لم تنتج الصورة التي يريدها الرباعي المتحكم بالحكومة بدءآ من ثنائية امل وحزب الله، حزب الله والتيار الوطني الحر والمستقبل، فالرئيس نبيه بري ليس مسلَّما حتى اليوم بمثل هذه التشكيلة الجديدة التي عبر عنها باسيل امس.  لذلك فان الساعات المقبلة ستشهد المزيد من عمليات شد الحبال لتنتصر فئة على أخرى على رغم ان موازين القوى قد تسقط امام الحراك الشعبي الذي احيته تظاهرات وتجمعات بعد ظهر السبت، وفي حال استمر هذا الوضع الى مطلع الأسبوع المقبل ستكون البلاد امام مشهد جديد.

***

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o