Oct 18, 2019 12:24 PM
خاص

إلى المحتجين الشرفاء: إحذروا مصير حراك 2015 والعتب على قدر المحبة

المركزية- على رغم القرارات المجحفة في حق مواطنين ما عادوا في وارد التطبيع مع توجهات حكومية وسلطوية غالبا ما لا تجد أمامها إلا الناس كبش محرقة لتدفعيهم ثمن الخيارات التي يركن إليها القيمون على الحكم والحكومة، فإن لا بد من شكر حكومة إلى العمل، من حيث أنها نجحت حيث فشل الآخرون على مدى عقود طويلة منذ ما بعد الحرب الأهلية. من حيث لا تدري،عملت حكومة إلى العمل على دفع الناس إلى الشارع بالجملة، وفي كل المناطق اللبنانية، قاطعين الطرقات وأوصال البلاد الرئيسة، عل صرخة وجعهم تصل إلى من اعتبروهم يوما مسؤولين عن حياتهم.

هذه المرة إذا، أحس الناس "بالسخن" وبأن الأمور تجاوزت خطوطا حمرا ارتضوا مرارا عدم تجاوزها لاعتبارات سياسية وطائفية عدة لا مجال للغوص فيها في هذه العجالة، واختاروا تفجير غضبهم "غليهم وعلى أعدائهم". وإذا كانت هذه الحركة مطلوبة علها تنتهي إلى بركة تحدث التغيير المنتظر، فإن بعض التجاوزات الأمنية التي سجلها شريط الأحداث الحافل بين ليل أمس وصباح اليوم، يشكل إشارة خطرة إلى احتمالات، وربما أخطار، انحراف الحراك الشعبي الحامل مطالب لا جدال في أحقيتها إلى أهداف غير تلك التي رسمت له والتقت عليها كل الأطياف الشعبية في مشهد نادر سيسجله التاريخ السياسي الحديث تحت عنوان "بداية ثورة".

وفي السياق، تلفت مصادر سياسية مراقبة عبر "المركزية" إلى أن "من الجيد أن الشعب قرر أخيرا الانتفاضة على الطبقة الحاكمة، بعدما لم يغتنم فرصة تغييرها بشكل ديموقراطي في الانتخابات النيابية الأخيرة. غير أن المطالبة برحيل كل المكونات السياسية والحكومية لا تتيح للمحتجين الغاضبين، وإن عن حق، الاعتداء على المقار الرسمية، المحال التجارية والأملاك العامة والخاصة، والتعرض للقوى الأمنية، واعتماد سياسة احراق الدواليب لقطع الطرقات ما يعرض اللبنانيين جميعا والمحتجين انفسهم الى مزيد من التلوث الذي يصيب صحتهم ويعرض حياة اطفالهم للخطر، علما ان الحواجز البشرية للشباب الشرفاء يمكن ان تؤدي الغاية بطريقة حضارية.

وفي معرض شرح هذا الموقف، تنبه المصادر إلى أن "تكسير المحال التجارية وتحطيم الاملاك العامة وقد عاين اللبنانيون امس مشهد تكسير اشارات السير، ليس الحل المنشود، علما أن الطبقة السياسية الحاكمة هي التي من المفترض أن تنتجه، مذكرة بأن الأهم يكمن في أن يحسن المتظاهرون الغاضبون توجيه بوصلة التحرك وأهدافه، لأن الاعتداء على ممتلكات الناس لا يصيب الهدف المفترض أن يكون توجيه الرسائل الواضحة والمباشرة إلى السلطة السياسية دون سواها، بعيدا من قطع أرزاق أناس يلتقون مع المحتجين على المطالب نفسها والمعاناة عينها، بدليل أن موجة التظاهرات لم تتأخر في التمدد إلى مختلف المناطق اللبنانية، بما فيها تلك التي نادرا ما رفع أبناؤها صوت مواجهة الدولة.

وفي السياق نفسه، لا تخفي المصادر استنكارها لبعض الدعوات التي توجه للمتظاهرين إلى  الاعتداء على المصارف ومجلس النواب، غداة المواجهات التي سجلت ليل أمس أمام السراي الحكومي، لافتة إلى أن المصارف ليست إلا مؤسسات خاصة تنفذ سياسة مالية تضعها الحكومة التي من المفترض أن تكون في مرمى سهام المعترضين الذين ملأوا الشوارع، مباغتين سلطة اعتقدت يوما أنهم سيبقون في سبات اعتادت عليه الطبقة الحاكمة على مدى سنوات ما بعد الحرب على الأقل.

وتذكر المصادر بأن المؤسسات العامة التي ينوي المتظاهرون استهدافها ليست إلا تلك التي تمولها الدولة من جيوب.. المتظاهرين أنفسهم، علما أن ذلك لا يجعلها ملكا لهم، ما يعني أن ليس من حقهم التصرف بها على هذا النحو العنيف الذي من شأنه أن "ينفّر الناس" من التحرك الاحتجاجي، ما قد يهدده بانفراط عقده على حين غرة.

وتختم المصادر بتوجيه الرسالة الآتية إلى المحتجين: صحيح أن الحل يجب أن ينتج من الطبقة السياسية من خلال قرارات جريئة ومسؤولة. لكن حري بكم أن تحسنوا استخلاص العبر من التجارب الشعبية السابقة، أهمها حراك المجتمع المدني عام 2015. والعتب على قدر المحبة...

***

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o