Oct 15, 2019 7:23 AM
صحف

المواقف التصعيدية تُطيح بالموازنة..فهل هناك اجندات مخفية لكل فريق؟

خلاصة ما انتهى اليه إضراب الافران والسجال الدائر حول الازمات السياسية ‏والاقتصادية والمالية، كانت فشل مجلس الوزراء في إقرار موازنة 2020 وإحالتها ‏الى مجلس النواب في موعدها الدستوري الذي يستحق اليوم، وساد مساء ‏أمس جو من التشاؤم إزاء مصير هذه الموازنة بعدما تبيّن انّ المواقف خلال ‏الجلسة انقسمت بين داعية الى إقرارها مخفوضة العجز عبر زيادة بعض الضرائب، ‏وأخرى تمسّكت بإقرارها ضمن سلّة متكاملة تتضمن الاصلاحات والاجراءات ‏الضريبية والكهرباء، وإلّا لا موازنة‎.‎
ولعل أبسط ما يُقال عن جلسة مجلس الوزراء، التي خصّصت لمتابعة مناقشة ‏الموازنة وقيل انها نهائية قبَيل جلسة الاقرار في القصر الجمهوري، أنها عكست ‏الارباك الذي تتخبّط فيه الحكومة، وزادَها "بلّة" المواقف التي فجّرها باسيل في ‏ذكرى 13 تشرين‎.‎
ولعلّ حالة الغضب التي سيطرت على وزير المال علي حسن خليل، دفعته الى ‏القول لدى خروجه: "نحن بدولة مش دولة، والناس بمكان ونحن بمكان آخر ولا ‏تَحمّل للمسؤولية"، مُستشهداً بقول كمال صليبي: "نحن في بلد بيت بمنازل ‏كثيرة‎".‎
وقد عكس موقف خليل المشهد الذي وصلت اليه الحكومة في إدارة درس ‏الموازنة. وعلمت "الجمهورية" انّ النقاش احتَدّ في ربع الساعة الاخير من ‏الجلسة، قبل ان يرفع رئيس الحكومة سعد الحريري صوته قائلاً بحدّة: "إذا هَيك ‏بدّو يكفّي النقاش بَلاها الجلسة من أصلها‎".‎
ورفع الحريري الجلسة مُغادراً القاعة‎.‎
وقالت مصادر وزارية لـ"الجمهورية" "ان ما حصل يطرح سؤالاً كبيراً هو: هل هناك ‏أجندات مخفية عند كل فريق"؟ ورأت انّ "موقف باسيل كشفَ السياسة التي ‏يتّبعها وظهرت واضحة، فإمّا السلة الكاملة أو لا موازنة. والسلة الكاملة هي: ‏إجراءات ضريبية، اجراءات اصلاحية وقوانين، موازنة وكهرباء، معاً في مشروع واحد، ‏الأمر الذي رفضه خليل رفضاً قاطعاً‎.‎
وذكرت "الجمهورية" ان خليل خاطبَ باسيل قائلاً: "سبق وأكدت انني لن أحمل ‏الموازنة فرساناً اتّضَح من خلال تجربة موازنة الـ 2019 انها غير ذي جدوى، ‏واستُنزِفنا بدون فائدة، كما اننا لن نسير في أي ضرائب جديدة. نحن التزمنا المهل ‏الدستورية، وأكدنا اننا سنحيل مشروع الموازنة قبل انتهاء المهل، أما الأمور الأخرى ‏فناقشوها على حِدة من الآن، وحتى نهاية السنة نناقش جنس الملائكة فيما ‏المطلوب إقرار الموازنة وأشرفنا على الانتهاء منها‎".‎
باسيل: وقالت مصادر "التيار الوطني الحر" لـ"الجمهورية" انّ باسيل ظل خلال الجلسة ‏مُنكَبّاً على درس الموازنة، ولم يُعِر كلمة ابو فاعور اي انتباه، فيما اشار رئيس ‏الحكومة الى ضرورة عدم اثارة اي مواضيع خارج جدول الاعمال، ولم يعلّق أحد من ‏الوزراء على كلام ابو فاعور‎.‎
واشارت الى انّ باسيل استكمل مناقشة نقاط اساسية في الموازنة، ومناقشة ‏نقاط مرتبطة بها، وأكد موقفه السابق المشدّد على وجوب إقرار الموازنة مقرونة ‏بالاصلاحات. واكدت انّ كلام وزراء "القوات" اللبنانية جاء متجانساً مع مطالب ‏باسيل بالنسبة الى الموزانة‎.‎
الحريري: وافادت "الجمهورية انّ الحريري استهلّ الجلسة سائلاً: "هل يريد احد الكلام قبل ‏ان نبدأ مناقشة الموازنة؟"، وذلك في خطوة بَدت انها متّفَق عليها مسبقاً‎.
فطلب ابو فاعور الكلام وبلهجة قاسية، انتقل من الكلام عن حماية الحريات الى ‏الاستدعاءات التي يقوم بها جهاز امن الدولة، واستخدم عبارات في وصفه عالية ‏السقف، ثم تطرّق الى مواقف باسيل وسمّاه بالاسم متوجّهاً إليه بالقول: "اللي ‏بَدّو يجرفنا لم يقرأ التاريخ، وإذا كان لا يعرف التاريخ نَنصح ان يقرأوه له. نحن مَن ‏يَجرف، ومنذ وجدنا معاركنا كلها رابحة". ووصف ابو فاعور خطاب باسيل ‏بـ"الصهيوني" وتوجّه اليه سائلاً: "انت قلت انّ هناك من يتآمَر على البلد وعلى ‏الاقتصاد، واذا كانت لديك الجرأة أعطي الاسماء الآن أمام مجلس الوزراء‎".‎
فلم يجب باسيل، وتلهّى بأمور جانبية وهو يحتسي "الشاي". عندها، خرج ابو ‏فاعور، ثم عاد غاضباً جداً وبَدا مستاء جداً. وقال: "انا لم أسمع الجواب". وتوجّه ‏الى رئيس الحكومة قائلاً: "انت يا دولة الرئيس مسؤول عن جهاز أمن الدولة، ‏ويجب ان تستدعي قائد الجهاز وتستجوبه في ما يحصل. ونطلب منك ان تسأل ‏الآن مَن قصد جبران باسيل بالذين يتآمرون على الدولة؟ وإلّا فهم يفترون ويجب ان ‏نوضِح هذا الامر الآن‎".‎
وسانَد الوزير اكرم شهيّب ابو فاعو،ر قائلاً: "النبع بينبع من رأس الجبل وبينزل ‏نزول، والجبال هي التي تجرف والسيول تسير من فوق الى تحت، في إشارة الى ‏موقع الجبل‎".‎
وغادر شهيّب وابو فاعور للمشاركة في تظاهرة منظّمة "الشباب التقدمي" الى ‏ساحة الشهداء‎.‎

أجواء إيجابية
وإذ استهلّ النقاش في الموازنة وكانت الاجواء ايجابية، تحوّل فجأة نقاشاً عقيماً. ‏ولكن تبيّن من طريقة تغيير مسار النقاش، انّ المطلوب هو عدم الوصول الى إخراج ‏الموازنة، بحسب مصادر وزارية كشفت أنّ الحريري وباسيل طلبا تضمينها الاجراءات ‏الضريبية الثلاثة‎ tva ‎والبنزين والدخان، فرفض وزراء حركة "أمل" و"حزب الله" ‏و"القوات" هذا الامر. لكنّ باسيل اقترح فجأة السلّة الكاملة، فردّ الحريري انه يريد ‏إنهاء الموازنة، وقال: "هناك إجراءات صعبة علينا جميعاً تحمّلها، هناك إصلاحات ‏اتفقنا عليها يمكن تضمينها في مشروع الموازنة، والأمور الأخرى نناقشها بعد ‏إحالة الموازنة الى المجلس النيابي ضمن المهلة الدستورية‎".‎
وإذ رفض وزراء "حزب الله" المَسّ بتقديمات الموظفين في القطاع العام، طلب ‏‏"التيار الوطني الحر" العودة الى النقاش في مشروع الموازنة "بالقُلب". فتوتّر ‏الجو واستاء وزير المال، فما كان من رئيس الحكومة إلّا أن رفع الجلسة من دون ‏تحديد أي موعد آخر. ولكن لاحقاً، حددت الدوائر هذا الموعد اليوم‎.‎

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o