Oct 14, 2019 11:24 AM
أخبار محلية

رئيس الجمهورية يفتتح مؤتمر اللقاء المشرقي:
الخلاف يبقى تحت سقف الاختلاف السياسي ولا يطال الجوهر

المركزية - إفتتح رئيس الجمهورية العماد ميشال عون المؤتمر الأول للقاء المشرقي بعنوان "لقاء صلاة الفطور، لبنان وطن الحوار والحضارات" الذي ينعقد في فندق "هيلتون حبتور"، على مدى يومين  في حضور نائب رئيس المجلس النيابي ايلي الفرزلي ووزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل ووزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي ووزير السياحة اواديس كيدنيان ووزير شؤون المهجرين غسان عطاالله، ووزير العدل ألبرت سرحان وسفراء: سلطنة عمان بدر بن محمد المنزلي، تونس كريم بودالي، الامارات حمد السعيد الشامسي، الكويت عبد العال القناعي، قطر محمد حسن الجابر، فلسطين اشرف دبور، ايران محمد جلال فيروزنيا، روسيا ألكسندر زاسبكين، والمجر غيزا ميهاليي، النمسا ماريان وربا، الدنمارك ميريت جول، أرمينيا فاهاكن أتابكيان، الهند سهيل أجاز خان، إندونيسيا هاجريانتو طوهاري، بولندا برزيموسلاو نيسيووسكي، تونس كريم بودالي، والنواب: هاغوب بقرادونيان، ادغار معلوف، وعلي درويش والوزراء السابقين كريم بقرادوني، ابراهيم شمس الدين، الياس حنا، رئيس المجلس العام الماروني وديع الخازن، المطارنة: بول صياح، نيفون صيقلي، جورج اسادوريان، عصام درويش، ميشال قصارجي، المونسنيور فارس تمس، الأب غريغوريوس سلوم، العلامة الشيخ علي فضل الله، اللواء شوقي المصري، القائمة بالأعمال وفاء التييم، السفير عبدالله بو حبي، .ونخبة من السياسيين والمفكرين من لبنان والمنطقة والعالم، وتضمن سلسلة ندوات بحثية وفكرية متخصصة، تعنى بمسائل الحوار والعيش المشترك.

ممثل الفاتيكان: افتتح عريف الحفل الإعلامي ماجد بو هدير المؤتمر الذي بدأ بفطور وفاصل موسيقي مع السيدة غادة شبير وتلته الكلمات الافتتاحية للمتحدثين. فأشار رئيس مكتب الحوار وأمين سر لجنة العلاقات الدينية مع المسلمين في الفاتيكان المونسنيور خالد عكشة إلى أن "اللبناني حارس كذلك للبنان الرسالة، رسالة التعددية والعيش المشترك والعدالة والمساواة بين المواطنين، "لبنان كنز للمشرق ورسالة لأهله وللعالم بأسره. في شرقنا الغالي، المسيحي - أيا كانت طائفته - حارس لأخيه المسلم، والمسلم حارس لأخيه المسيحي، ضمن عقد ولد ونما على امتداد مئات السنين".

الشعار: أما مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار، فشكر "جهد الرئيس عون في جعل لبنان بلد حوار الثقافات، والحضارات، والأديان. ليكون لبنان وطنا ورسالة، وليكون كذلك حجر الأساس للسلم العالمي". وأكد أن "العيش المشترك يعني وجود الآخر" لافتا إلى أن "الآخر ليس قاصرا على أتباع الرسالات السماوية، بل حتى أولئك الذين لا يعرفون معنى للوحي أو للمعجزة: كالصابئة، وعبدة الأوثان، والبرهمية، والزرادشتية، والهندوس، وعبدة النار. والدهريون، وحتى الملاحدة".

براون: نائب الوزير الاتحادي لجمهورية المانيا السابق والمدير الإداري لصلاة الفطور الألمانية تيلو براون تطرق إلى ديباجة القانون الأساسي الألماني مؤكدا أن "المبادرة: هدفها تعزيز الوعي بالمسؤولية أمام الله والإنسان، وكذلك التفاهم بين دول العالم، ويمكن للبنان، بهيكليته المتعددة الأديان، أن يكون نموذجا يحتذى لبلدان الشرق الأوسط ويظهر أنه مع التسامح والبحث عن أوجه التشابه، يمكن أن يسلك طريق سلمي لصالح الناس".

خوري: وقال رئيس اللجنة الرئاسية العليا الفلسطينية لشؤون الكنائس الوزير رمزي خوري إن "المسيحية في الشرق هي جزء متأصل لا ينفصل عن الهوية، ومستقبل المسيحيين المشرقيين لا يكون بالإنعزال والتقوقع ولا بالهجرة والاغتراب والاستسلام لقوى الشر والتطرف، بل بالتصدي ومجابهة القهر والظلامية بقوة الإيمان والشهادة، وتعزيز قوى الانفتاح والاعتدال والحوار البناء على أساس حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، بما في ذلك حرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية الحضارية العربية". وإن قضيتنا الفلسطينية هي قضية الأمة العربية جمعاء وقضية كل احرار العالم، تبقى الهم الأكبر والجرح الدامي النازف في صميمنا جميعا".

أزبيج: وقال وزير الدولة في المجر تريستان أزبيج أن "اليوم، هناك 245 مليون شخص يتعرضون للاضطهاد بسبب عقيدتهم المسيحية، ويقتل 11 مسيحيا يوميا في جميع أنحاء العالم بسبب معتقداتهم. في العام الماضي وقعت هجمات إرهابية على 1266 مكانا للعبادة المسيحية. ونعتبر الاضطهاد المسيحي أكبر أزمة حقوق إنسان في عصرنا".

وتابع: "عام 2016، وللمرة الأولى في العالم، أنشأنا وحدة حكومية لمساعدة مسيحيي الشرق الأوسط تدعى "المجر يساعد" هذا هو برنامجنا الذي سمح لخمسين ألف شخص على البقاء في منازلهم أو العودة إلى منازلهم. واسمحوا لي أن أقول: لبنان هو رمز الاحتضان. احتضان الناس من مختلف الديانات ووجهات النظر والتفكير؛ هذا الاحتضان يوحد القلوب المكسورة. ويجب أن أخبركم أن التزام لبنان المثالي والبارز يلهمنا كثيرا نحن المجريين".

افرام: وتوجه الأمين العام للقاء المشرقي ورئيس الرابطة السريانية حبيب أفرام، إلى الرئيس عون قائلا: "نحن نعتبر أن فخامتكم هو الرئيس المشرقي بامتياز، ليس لأنه الرئيس المسيحي الوحيد من اندونيسيا إلى المغرب، بل لأنه بعمق إدراكه أكد على أن الشرق جذورنا وساحاتنا".

أضاف: "المشرقية هي أن تؤمن بأن هذا الشرق، كما أراده الله، منبت رسالات سماوية وأرض حضارات وثقافات وشعوب واثنيات وقوميات وأديان وطوائف لها كلها الحق الكامل بالحياة الحرة الكريمة على قاعدة المساواة والمواطنة، دون أي تمييز، دون أي غلبة أو تكفير أو إلغاء أو تهميش".

 عون: ثم ألقى الرئيس عون كلمة وجاء فيها: "أن يعقد في لبنان مؤتمر للقاء مشرقي يجمع في ورشات عمله مفكرين من مختلف مكونات المشرق هو جهد مشكور خصوصا في خضم الأخطار الوجودية والكيانية التي تتربص بشعوبنا وأوطاننا. فعقد من الزمن قد مضى ومشرقنا لا يزال في قلب العاصفة، يتعرض لشتى أنواع الخضات، حروب داخلية "ربيعية" مزقت مجتمعاتنا وشرذمت شعوبنا. حروب إرهابية تدميرية خلفت مئات ألاف الضحايا والمهجرين، وحفرت في ذاكرة أجيالنا صورا وحشية لن تمحى بسهولة، وصبت حقدها وجهلها على أعرق المعالم التاريخية والدينية والثقافية. حروب اقتصادية خانقة فرملت كل محاولات النمو وأضعفت الانتاج فتلاحقت الأزمات.

وعلى خط مواز، سياسة اسرائيلية مدعومة تناقض كل القوانين والمواثيق والأعراف الدولية، تسعى لفرض أمر واقع جديد يضاف الى ما سبق وفرض قبل عقود، بدءا بتهويد محجة الديانتين الكونيتين، القدس، والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، مرورا بالسياسة الاستيطانية الاسرائيلية التوسعية والقضم المستمر والممنهج للأراضي الفلسطينية، والتشريعات العنصرية، وصولا الى النقض المتمادي لحرمة الحدود الدولية المعترف بها، وتأييد ضم أراض تم إحتلالها بالقوة كمرتفعات الجولان، إضافة الى تحول الأراضي العربية الى مادة للاستهلاك في بازار الوعود الانتخابية في الانتخابات الإسرائيلية. إن كل ما سبق إضافة الى كونه تجاوزا فاضحا لكل القوانين والقرارات الدولية، هو أيضا مؤشر خطير لما يحضر.

صحيح أن الحروب الساخنة كانت قد انحسرت الى حد ما، ولكن تداعياتها مستمرة، والأخطر هو مخططات استثمار نتائجها، فالمطلوب كما تدل كل المؤشرات تفتيت المشرق طائفيا ومذهبيا وعرقيا وجغرافيا تمهيدا لإرساء تحالفات جديدة على اسس عنصرية، مذهبية وإتنية، تتماشى مع ما يُرسم للمنطقة والذي صار يُعرف باسم "صفقة القرن".

إن تعميم مفهوم الرهاب الإسلامي "الإسلاموفوبيا"، هو جزء أساس من هذه الحرب، ومبدأ التكفير هو الجزء الآخر، بهما تضرب الديانتين الكونيتين بعضهما ببعض، وتستفيق العنصرية ويغلو التطرف، وتتعاقب أجيال خائفة رافضة متعصبة وحاقدة. ويصبح الحديث عن "صراع الأديان والحضارات" حقيقيا وواقعا، فهل نترك هذه الصراعات تجرفنا أم نتصدى لها؟ إن التاريخ لا يسير الى الوراء، والأحاديات قد سقطت في كل العالم بجميع اشكالها الدينية والعرقية والسياسية لصالح التعددية والتنوع، فهل يجوز أن تؤخذ مجتمعاتنا في هذا المشرق الى أحاديات مستنسخة من ماضٍ مضى، والى عصبيات ونظم سقطت بغالبيتها منذ آجال بعيدة، ولم تعد تتماشى مع الحضارة الانسانية المشتركة التي يفترض أن تسود عالمنا اليوم؟ وهل يمكن أن نسمح بضرب هذا التنوع الطبيعي في المشرق، وهو الذي تقلبت فيه الأكثريات والأقليات عبر التاريخ ولكنها بقيت ضمن نفس الجغرافيا؟ هنا دورنا، لا بل رسالتنا، كمشرقيين، أن نطور ثقافة جديدة تدحض كل ما يقال ويكتب عن صراع الديانات والحضارات لأن هناك حضارة إنسانية واحدة متعددة الثقافات، والمشرق الذي أعطى الفكر الديني للعالم، لا يمكن أن يسمح بتحويله الى مساحة صغيرة معزولة.

أما لبنان، الذي يجسد بمجتمعه التعددي وتنوعه التكويني صورة مصغرة عن تكوين المشرق، فدوره ورسالته أن يبقى أرض تلاقٍ وحوار، ورمزا للتنوع ونقيضا للأحادية، ورافضا لكل أشكال التطرف الفكري والديني.

رب قائل إن من يراقب السياسة في لبنان ومنتديات التواصل فيه قد لا يعتبره قادرا على القيام بهذا الدور، فالصراخ دوما مرتفع والجدل مستعر. نختلف في السياسة نعم، تعلو الأصوات نعم، تشتد حرارة السجالات نعم، ولكن اي خلاف بيننا يبقى تحت سقف الاختلاف السياسي ولا يطال الجوهر أبدا، لا يطال حرية المعتقد ولا حرية الايمان أو حق الاختلاف، ولا يطال الوطن، فهذه من الثوابت التي يحترمها الجميع ولا يمس بها.

لذلك أقولها وأكررها، نعم إن لبنان، وعلى الرغم من مجتمعه المتفاعل والمنفعل أبدا، هو أرض خصبة للتلاقي والحوار، وإيمانا مني بهذه الحقيقة سعيت لإنشاء أكاديمية دولية في لبنان، غايتها مواجهة صراع الحضارات عبر نشر ثقافة السلام، تحت مسمى "أكاديمية الانسان للتلاقي والحوار"؛ فالسلام الحقيقي لا يقوم على الورق وبين القيادات بل بين الشعوب. والتعرف على الاخر، على حضارته وديانته وانتسابه البيئي يعزز المجتمعات بمفاهيم جديدة، ويخلق نهجا من التفكير السلمي بين الناس يقوم على التعارف والتفهم. كما أن التقاء الحضارات ينتج حضارة جديدة، يتجدد فيها فكر الانسان ويخرج من عقاله الى عالم أوسع وفضاء أرحب.

في هذه الأكاديمية التي تسلك طريقها الى التنفيذ بعد تأييد أكثر من 165 دولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، سيلتقي طلاب من مختلف الأديان والثقافات والإتنيات، سيعيشون معا ويتعلمون معا ولا بد أن يكتشفوا حينها أنهم يتشابهون على الرغم من اختلافاتهم وتميزهم، وأنهم يتشاركون الكثير من الآمال والاحلام كما يتشاركون الكثير من الالام والخيبات، وإنهم أبناء حضارة إنسانية واحدة، فيحملون تجربتهم كل الى محيطه، ويساهمون بنشر ثقافة جديدة تحمل السلام والتسامح واحترام التنوع.

إن كل واحد منا هو الآخر بالنسبة لآخر، ومعلوم انه "إذا خالفك آخر فافتح معه حوارا" لأن الأنسان عدو لما ومن يجهل. هذه هي قيمنا المشرقية، وسنبقى نجسدها ولن نسمح لأحد أن يسلبنا هويتنا وثقافتنا، أو يأخذنا الى خيارات تتعارض ومصلحة وطننا وشعبنا ومجتمعنا.

لقاؤنا اليوم هو خطوة في مسيرة إنسانية على درب هذا المشرق، وكل أملنا أن تتضافر جميع الجهود للمحافظة عليه وعلى ما يمثل، فالمشرق أكثر بكثير من منطقة جغرافية، هو فكرة، هو روح، هو أرض جمعت وحضنت، هكذا كان عبر التاريخ وهكذا يجب أن يبقى، نموذجا مستقبليا للبشرية جمعاء وصورة مشرقة لثقافة السلام.عشتم عاش المشرق حاضنا للثقافات عاش لبنان".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o