Oct 14, 2019 7:28 AM
صحف

باسيل الى سوريا قريباً..وما بعد 31 ت1 لن يكون كما قبله..فما مصير الحكومة؟

حمَلت الساعات الماضية إشارات تؤّكد أن البلاد باتت على مشارف مرحلة جديدة لن تنتظِر المظلّة العربية ولا الاتجاهات الدولية في ما يتعلّق بالعلاقة مع سوريا. مخاطِر الواقع المالي الذي يُهدّد الناس في معيشتهم ورزقهم، لم تعُد تحتمل "دلع" بعض القوى السياسية ولا تعنّتها بشأن العلاقة مع سوريا، بحسب مصادر سياسية رفيعة المستوى تحدّثت لـ"الاخبار". اتُخذ القرار عند "التيار الوطني الحر" وحلفائه بعدم الوقوف على خاطر أحد، أو الأخذ في الحسبان غضب السعودية أو الولايات المتحدة أو غيرهما، بل المبادرة الى حل القضايا التي تمسّ لبنان مباشرة. البيان الرقم 1 أعلنه بشكل رسمي يومَ أمس وزير الخارجية جبران باسيل في ذكرى 13 تشرين من الحدث، حيث كشفَ أنه سيزور سوريا، متوجّهاً الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالقول "اليوم الذي تشعر فيه أنك لم تعُد تستطيع أن تتحمل، نطلب منك أن تضرب على الطاولة ونحن مستعدون لقلب الطاولة"!
موقف منسّق مع بري: أهمية المواقف التي أطلَقها باسيل تكمُن في كونها أتت غداة الكشف عن لقاء جمعه بالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، خُصّص للنقاش في التطورات الإقليمية والمحلية. في لقاء الساعات السبع، ليل الخميس الماضي، سؤالان أساسيان كانا محور النقاش بين السيد نصر الله وباسيل. الأول: هل هناك مصلحة لأي منّا في سقوط البلد؟ والثاني: هل نحن مُدركون أن البلد بدأ فعلاً بالسقوط؟ سؤالان كانت خلاصتهما واحدة: إن الاستمرار في السياسة الحالية لم يعد ممكناً، وسط مؤشرات قوية على أن هناك من يُريد طيّ مظلة الاستقرار الدولية التي فُتحت فوق لبنان منذ بدء الأزمة السورية عام 2011، نتيجة رأي بدأ يقوى داخل الإدارة الاميركية بأن هذه المظلّة تسمح لحزب الله بأن يزداد قوة. وإذا كان هذا الرأي لم يغلِب داخل الإدارة، فإن الاستدلالات على تعاظمه واضحة، من قرارات العقوبات المتلاحقة إلى افتعال الأزمات المعيشية المتتالية في ظل اهتزاز الوضع النقدي في الأسابيع الأخيرة. بالتالي، بات مطلوباً من حزب الله والتيار الوطني الحر أداء جديد.
"ما بعد 13 تشرين لن يكون كما قبله": بعد انقضاء ثلاث سنوات من عمر العهد، الإشكالية الكبيرة التي يقف العونيون أمامها اليوم أن هذا النظام يثبت يوماً بعد آخر أن لا قدرة على تغييره من الداخل، وأن التعايش معه لم يعد ممكناً، وأن المعركة مع "المتآمرين" باتت "وجودية": إذا لم ينجح التيار مع ميشال عون في قصر بعبدا فقد لا ينجح أبداً. لذلك، "ما بعد 31 تشرين الأول لن يكون كما قبله"، و"حكماً، لا التيار ولا رئيس الجمهورية مكَفيين هَيك" وفق مصادر رفيعة المستوى في التيار الوطني الحر أكّدت لـ"الأخبار" أن "من الواضح لنا ما الذي نريده. وحتماً حان وقت أن نخبط يدنا على الطاولة أو حتى قلب الطاولة بأكملها". الحشد الذي حضر أمس قداس 13 تشرين في الحدث، على أبواب بعبدا، رسالة واضحة بأن للتيار شارعه الذي لن يتوانى عن استخدامه في وجه من يحاول إنهاء عهد ميشال عون بصفر إنجازات، وبـ"13 تشرين اقتصادي". وهو ما لوّح به رئيس الجمهورية نفسه بالقول إنه حين يُصبح رفع الصوت حاجةً فإنه سيكون أول الداعين الى التظاهر لمحاسبة المسؤولين الحقيقيّين عن الأزمة. وهؤلاء كثيرون، يبدأون من واشنطن و"لا ينتهون بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة وأدائه الفاقع" أخيراً. وفي التيار الوطني الحر اقتناع تام بأن ما لن يحققه حزب الله والتيار، بقوتيهما الشعبية الكبيرة، مدعومين بقوة المقاومة وقدرتها على تحصين لبنان وتثبيت دوره الاقليمي، لن تكون لأحد آخر قدرة على تحقيقه، خصوصاً في ما يتعلق بمكافحة الفساد. صحيح أن الأزمة الحالية هي نتاج "طبيعي" لسياسة نقدية اعتُمدت على مدى أكثر من عقدين، لكن التوقيت يبقى "مُريباً"، ويغذّي اقتناعاً لدى التيار بأن "المؤامرة" تستهدف العهد و"ما بعد العهد". "مؤامرة" لفت اليها رئيس الجمهورية نفسه، عندما قال انه بمجرد الإشارة في خطابه أمام الأمم المتحدة إلى أنه قد يحاور دمشق من أجل عودة النازحين "قاموا بحملة لإشعال الداخل ومحاولة تقويض اقتصادنا، وأوشكوا أن يضعونا في جهنم من أجل فرض حلولهم علينا".
في النصف الثاني من الولاية، يُفترض أنه حان وقت التعامل مع المواضيع الأساسية بحزم أكبر. العلاقة مع سوريا التي وصفها باسيل أمس بالرئة الوحيدة المتبقية للبنان بعدما فقد الرئة الفلسطينية لن تعود بعد اليوم من المحرّمات. وهو أعلنها أمس بالفم الملآن: سأزور سوريا. وفي معلومات "الأخبار" أن الزيارة باتت قريبة جداً.

من جهتها، قالت مصادر سياسية بارزة في 8 آذار، تعقيباً على كلام باسيل، ان "حزب الله لطالما شجّع على زيارة سوريا"، خصوصاً أن هناك نقاطاً عديدة تستدعي "التنسيق التام والمباشر مع الدولة السورية"، أولاها "موضوع النازحين الذي يحتاج الى حلّ جذري ولا يُمكن الوصول الى نتائج فيه إلا بالكلام مع الحكومة السورية"، وثانيها "الموضوع الاقتصادي المرتبط بالمعابر شرقاً وشمالاً، وقد زاد الضغط فتح معبر البوكمال الذي يشكل فرصة كبيرة للخروج من الأزمة الاقتصادية، ولا سيما أن الدولة العراقية سبقَ أن أعلنت استعدادها لاستقبال كل المنتجات اللبنانية". وفيما طرحت مواقف باسيل علامات استفهام حول مصير الحكومة، قالت المصادر إن "وزير الخارجية سيزور سوريا كمُوفَد رسمي، وأن رئيس الحكومة سعد الحريري لن يفتعل مشكلة بشأن ذلك، وموقف باسيل منسّق مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي".

قلب الطاولة ضد من؟ في المقابل، اعتبرت مصادر سياسية لـ"اللواء"، ان باسيل لم يعد يرى في الأزمة التي يعانيها البلد، نتيجة ‏الشح في الدولار، سوى انها حرب اقتصادية تشن عليه، ولم يعد يرى وسيلة للرد على التدخل ‏العسكري التركي في الأزمة السورية، سوى عودة سوريا إلى حضن الجامعة العربية، ولم يجد ‏وسيلة لتمكين النازحين السوريين أو دفعهم للعودة إلى بلادهم سوى ان يذهب هو إلى ‏دمشق، لكي "يُعيد الشعب السوري إليها، كما عاد جيشها على حدّ قوله"، متناسياً الزلزال ‏الذي حدث في ذلك اليوم المشؤوم من شباط 2005، والذي لولاه لما عاد الجنرال الذي يظهر ‏ان صهره يحن إلى الأيام الذي كان معتصماً فيها في "قصر الشعب" إلى حدّ تحريضه على ‏ضرب الطاولة لكي يعود إليه‎.‎
اضافت "لكن باسيل لم يوضح ما المقصود من قلب الطاولة وضد من؟ وان كان أقرّ ضمناً بفشل ‏السنوات الثلاث من عمر العهد، باستثناء، ان التلويح بقلب الطاولة، يعني استعداداً عونياً ‏للانقلاب على التسوية السياسية والانقلاب على الشراكات السياسية التي أرساها التيار، سواء ‏مع تيّار "المستقبل" أو مع "القوات اللبنانية‎".‎
وفي تقدير الاوساط السياسية، فان مواقف باسيل سواء في موضوع إعلان استعداده ‏للذهاب إلى سوريا، أو من تحريض الرئيس عون على ضرب الطاولة، ستكون لها تداعيات ‏سياسية كبيرة، بدأت طلائعها بالظهور عبر المواقف التي ردّت عليه، بوضع شروط على ‏الزيارة، ومنها تسليم مرتكبي جريمة تفجير مسجدي "التقوى" و"السلام" في طرابلس، وإلا ‏تكون تلبية لحاجة إيرانية، على حدّ تعبير النائب السابق فارس سعيد، علماً ان الرد على مسألة ‏عودة سوريا إلى حضن الجامعة، تولاه المكتب الإعلامي للرئيس الحريري، الذي لفت نظر ‏باسيل إلى ان البيان الوزاري للحكومة لم يقارب مسألة عودة سوريا إلى الجامعة، بل هو كرّر ‏التأكيد على سياسة النأي بالنفس وعدم التدخل في الشؤون العربية‎.‎

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o