Oct 11, 2019 6:37 AM
صحف

بين الموازنة والتواصل مع دمشق.. جلسة سجالات في مجلس الوزراء.. وأبو سليمان: "لنحسب خطّ الرجعة"

شهدت مناقشات مجلس الوزراء أمس حول مشروع الموازنة مستوى لافتاً من السخونة. وقالت مصادر وزارية لـ"النهار" إن الموازنة بالأرقام أنتهت، لكن التخبط مستمر في الاصلاحات، ومجلس الوزراء سيعود الاثنين ليعرض تقارير الوزراء عن دمج مؤسسات عامة أو الغائها.وأعلنت ان فريقي "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية " يصران على ادراج الاصلاحات في صلب الموازنة، فيما فريق آخر يعتبر ان اصلاحات مثل إنهاء خدمة مؤسسات تحتاج الى إصدار قوانين ومسار زمني طويل. أما وزير المال علي حسن خليل فيصر على احالة الموازنة كما هي ضمن المهلة الدستورية. وهو وفريقه يعتبران الاصلاحات عناوين فضفاضة بعضها يحتاج درسها الى أشهر. وبتوجيه من رئيس الوزراء اتفق على التزام الحكومة الإصلاحات في فذلكة الموازنة.
وتحدثت المصادر عن سجالات عدّة شهدتها جلسة مجلس الوزراء أمس في مسائل مختلفة:
- سجال حول الإيرادات بين فريق دعا الى زيادة المحسومات التقاعدية، التي رفضها وزراء "أمل" و"حزب الله"، ووزراء اقترحوا رفع تعرفة الكهرباء التي رفضها الوزير جبران باسيل.
- سجال حول التعامل مع النظام السوري في شأن معبر البوكمال، الذي رأى فيه الوزيران محمد فنيش وباسيل مصلحة اقتصادية لتخفيف الرسوم على الشاحنات.
- سجال حول التدخل التركي في سوريا. فالوزير وائل أبو فاعور انتقد مخالفة بيان وزارة الخارجية للنأي بالنفس، فيما انتقد باسبل منطق ابو فاعور، كأنه يؤيد الهجوم التركي على دولة عربية.
- سجال حول طرح باسيل ان تكلف الحكومة شخصاً زيارة سوريا للبحث في ملف النازحين والمعابر، فرد عليه الوزير كميل أبو سليمان: "خلي الوزراء اللي بيطلعوا على سوريا هني يعطوا مواقفن ونحنا نضل على الحياد لنضل حاسبين خط الرجعة".

وبحسب "الاخبار"، ضمن نقاش الموازنة والإصلاحات، ولا سيّما ضرورة تنشيط الاقتصاد وعلاج العجز في ميزان المدفوعات وتأمين العملة الصعبة، وضع الوزير محمد فنيش مسألة انعكاس فتح معبر البوكمال بين سوريا والعراق كمعطىً وجب على الحكومة التعامل معه. كلام فنيش، الذي طرحه من خلفية اقتصادية، أحدث لاحقاً سجالاً كبيراً بين الوزراء، اشترك فيه الحريري، الذي طلب أن لا يخرج الأمر إلى الإعلام. لكن على الرغم من تمنّيه، حاول الوزير وائل أبو فاعور ووزراء القوات استثمار ما حصل في الجلسة لتحويله إلى "انتصار" شعبوي إعلامي. وبحسب المعلومات، فإن فنيش اقترح أن تتم الاستفادة من فتح المعبر عبر الانفتاح على السوق العراقي الكبير، وخصوصاً أن المنتوجات اللبنانية مطلوبة عراقياً، والتكلفة عالية لمرور البضائع عبر معبر نصيب الأردني (في جنوب سوريا)، والتي تصل إلى 1800 دولار للشاحنة الواحدة، كما أكد وزير الزراعة حسن اللقيس. وطَرْحُ فنيش الذي يقوم على أساس أن الحكومة معنية بمعالجة هذه المسألة مع سوريا، أيّده سريعاً وزير الخارجية جبران باسيل، الذي كشف أنه تحدّث بالأمر مع الحريري قبل يومين واقترح أن يتمّ تكليف وزير محدّد بشكل رسمي من قبل الحكومة للتفاوض مع سوريا. بدوره، أكّد الحريري أن الوزير يوسف فنيانوس كان قد فاتحه بالموضوع قبل أسبوع. بينما لم يتوقّف وزير الدولة لشؤون التجارة الخارجية حسن مراد منذ أشهر عن طرح موضوع نصيب، ولاحقاً البوكمال، في التداول الإعلامي، مطالباً بالحوار مع سوريا بشأن تفعيل هذه الخطوط التجارية المهمة.

وكشف الحريري أن الأردن يتفاوض مع الأميركيين منذ مدّة لأجل السماح له بمدّ لبنان بالكهرباء (500 ميغاوات) عبر سوريا، مبلغاً الوزراء أنه إذا نجح الأردنيون في إقناع الأميركيين، فإنه سيوافق سريعاً على الأمر لما فيه مصلحة لبنان.

كلام الحريري والوزراء، أصاب أبو فاعور والوزيرة مي شدياق بغضبٍ، فراح كل منهما يحوّل الطرح إلى طرح سياسي، وما يسمونه "الاعتراف بالنظام السوري"! وفي محاولة منهما للضغط على الحريري، سأل أبوفاعور وشدياق الحريري كيف يقبل أن يكلّف وزير بشكل رسمي للتفاوض مع سوريا، بينما هناك "حكم بالإعدام" صادر عن القضاء السوري بحقّه. بدوره، اعترض الوزير كميل أبوسليمان أيضاً على طرح باسيل وفنيش، قائلاً إن هناك وزراء يزورون سوريا وتغضّ الحكومة الطرف، فتدخّل باسيل وأكّد أنه لا يمكن أن تستمر الأمور كذلك، وأنه يجب تكليف وزير بصورة رسمية. وبعد تطوّر النقاش، طلب الحريري أن يتم تأجيل الأمر وأن يبقى بعيداً عن الإعلام.
ولم يكتف أبوفاعور بتحويل الموضوع إلى سياسي، بل اعترض على بيان وزارة الخارجية الذي يدين العدوان التركي على سوريا، معتبراً أن الموقف خرق للنأي بالنفس، فما كان من باسيل إلّا أن ذكّره بمواقف الدول العربية الشاجبة للعدوان وبموقف الجامعة العربية، سائلاً: "هل من أحد على هذه الطاولة مع اعتداء أي دولة أجنبية على أي بلد عربي؟".

من جهته، علّق الوزير فنيش في اتصال مع "الأخبار" على ما دار في الجلسة، مؤكّداً أن "بعض الفرقاء يعيشون في أوهام وعصبيات ولا تفرق معهم مصلحة البلد". وقال وزير الشباب والرياضة: "نحن كفريق سياسي مستهدفون أميركياً بشكل مستمر، ومع ذلك لا نطالب الحكومة بمواجهة هذا الاستهداف، وعندما يطرح أحد مسألة تخصّ العلاقة مع أميركا ويقول لنا من أجل مصلحة البلد، فنحن لا نعرقل، مع اقتناعنا بأن كل ما يأتي من أميركا ضد مصلحة البلد. انطلاقاً من هذا الموقف، طرحنا ضرورة بحث مسألة معبر البوكمال مع سوريا، لكن يبدو أن البعض يسعى إلى القول إنه "يتصدّى"، لا نعرف يتصدّى لماذا أو لمن؟".


وفي معلومات "الجمهورية" انّ رئيس الحكومة سعد الحريري قال في بداية الجلسة، انّ لجنة الإصلاحات تدرس سلّة من الإجراءات يجب ان تقرّ بالتوازي مع مشروع الموازنة، وتوضَع في نص الفَذلكة، كالتزام من الحكومة لتطبيقها خلال ? أشهر.
وإذ فتح باب النقاش في هذا الامر قال وزير الخارجية جبران باسيل "انّ الموازنة لا يجب ان تقرّ قبل الاتفاق على الإصلاحات وتنفيذ خطة الكهرباء"، مؤكداً "انّ التيار الوطني الحر لن يسير في الموازنة الّا مع هذه المطالب".
ولاقاه وزراء "القوات اللبنانية" لجهة "الارتباط العضوي" بين الموازنة والإصلاحات، فعلّق وزير "حزب الله" محمد فنيش رافضاً "أيّ ارتباط مُسبَق بالتزامات ومشاريع لم تصل بعد الى مجلس الوزراء للاطلاع عليها ومناقشتها، خصوصاً أن ليس هناك من تأثير مباشر لبعض هذه الإصلاحات على الموازنة".
وتطرّق البحث الى كلفة معاشات التقاعد، فرفض وزراء "حزب الله" اي حسم إضافي عليها، وقُدّمت دراسة أظهرت أنّ تأخير البَت بمعاشات التقاعد يفوّت على الدولة وَفراً مقداره 900 مليار ليرة.
ودار نقاش عابر حول خطة الكهرباء، إذ طلبت الوزيرة ندى البستاني تأخير البَت في الاعتماد المرصود للكهرباء داخل الموازنة الى حين اتخاذ قرار في شأن الخطة لمعرفة تأثير القرارات على العجز، اي زيادة التغذية او نقصانها ورفع التعرفة.
وفي حين اكّد فنيش، بعد الجلسة، انه تم الاتفاق على تحديد مبلغ 1800 مليار ليرة للكهرباء داخل الموازنة، نَفت بستاني هذا الامر نفياً قاطعاً، سائلة: مَن قدّر هذا المبلغ؟ وعلى أي أساس؟"
معبر البوكمال
ودار سجال آخر حصل داخل الجلسة يتعلق بمعبر البوكمال بين سوريا والعراق، وفي معلومات "الجمهورية" انّ فنيش فتح الموضوع وقال: "المعبر فتح وخَلّينا نلَحِّق حالنا من اجل تسهيل انتقال البضائع". فذهب باسيل الى الأبعد، مقترحاً تشكيل وفد والذهاب الى سوريا للحوار مع الحكومة السورية.
وهنا كشف وزير الزراعة حسن اللقيس انّ وزير الاقتصاد السوري اتصل به وأبلغ اليه أنهم يريدون من لبنان 80 الف طن من الموز.
وأشار الى وجود وزير الزراعة الأردني في لبنان تحضيراً لاتفاقات من اجل تبادل الإنتاج الزراعي، وهذا يفرض البحث في سبل انتقال البضائع في خط ترانزيت عبر الاراضي السورية، لأنّ هناك تكلفة يحددها طول المسافة التي ستقطعها البضائع".
وأضاف: "أضع هذه المعطيات أمامكم لكي تتخذوا القرار المناسب".
ولم يكد اللقيس يُنهي كلامه، حتى هَبّت عاصفة شرسة من "القوات اللبنانية" و"الحزب التقدمي الاشتراكي"، حيث رفضا أيّ تَعاط مباشر مع سوريا. وقالت الوزيرة مي شدياق: "نحن كنّا ننتظر منكم ان تفتحوا هذا الموضوع وانكم ذاهبون إليه، لكن ليس بهذه السرعة".
ولفت في هذا المجال كلام للحريري الذي حاول أن يُوازِن بين الطرفين، لكنه بدا أكثر مرونة، فقال: "نحن مع الإجماع العربي، ويجب ان تعلموا ان العرب يتجهون الى نسج علاقات جديدة مع سوريا، لكنّ هذا الامر لا اتفاق حوله في الحكومة". وهنا اقترح اللقيس تكليف وزراء معنيين رسمياً من الحكومة، وليس الذهاب بالمفَرّق والتستر. وطلب الحريري في نهاية النقاش عدم تسريبه الى الاعلام والالتزام بهذا الامر، على رغم من انه قال: "أعلم أنني سأقرأه غداً في الصحف".
والموضوع السوري جَرّ الوزير وائل ابو فاعور الى توجيه انتقاد حاد الى باسيل حول بيان وزارة الخارجية في شأن العملية العسكرية التركية في الشمال السوري، وقال: "أين النأي بالنفس الذي تلتزم به الحكومة؟". فأجابه باسيل: "هل يفسّر كلامك أنك تؤيّد هجوم دولة غير عربية على دولة عربية؟ واذا كنّا نلتزم الإجماع العربي أعتقد أنك قرأتَ الاستنكارات العربية حيال هذا الهجوم".

الى ذلك، اشارت مصادر وزارية لـ"اللواء" ان عدم إدخال إصلاحات، ولو بالحد الأدنى إلى الموازنة أمر غير مستحب.
وكشفت ان الرئيس الحريري استهل جلسة مجلس الوزراء التي تابعت أمس، درس موضوع الموازنة، بالاعلان ان لجنة الإصلاحات التي ستعاود الاجتماع عصر اليوم، توصلت خلال اجتماعاتها إلى إجراءات إصلاحية، وقال: "علينا ان نضمن فذلكة الموازنة قسماً من هذه الإصلاحات، والقسم الآخر نتعهد بالقيام به خلال الأشهر الثلاثة المقبلة".
ويبدو ان اقتراح الحريري، جاء بمثابة مخرج لاشكالية تضمين موازنة الإصلاحات المطلوبة، وفق ما تطالب به "القوات اللبنانية"، في حين بدا أن الوزير جبران باسيل بات يميل إلى وجهة نظر الرئيس الحريري، بأن تتضمن الموازنة قسماً من الإصلاحات، أو بحسب تعبيره "الحد الأدنى"، بعد الاجتماعين اللذين عقدهما مع رئيس الحكومة في "بيت الوسط"، وكان الثاني أمس الأوّل ليلاً، وجاء بعد اجتماع مطوّل مع وزير المال علي حسن خليل قبل يومين.
واعتبرت المصادر الوزارية، ان فذلكة الموازنة، والتي هي بمثابة مقدمة الموازنة تتضمن مادة إجراءات تلتزم الحكومة بتنفيذها، ولكن، بحسب ما هو موجود حالياً في الفذلكة مجرّد أفكار عامة، ومن هناك تؤكد المصادر على ان تتضمن التزامات من قبل الحكومة من خلال كتابة نصوص وان لم تكن قانونية، لأن النصوص تترجم أعمال وقرارات صادرة عن الحكومة وتلتزم بها من أجل تحقيق أرقام الموازنة.
ورداً على ما أعلنه الوزير خليل، قبل الجلسة، بأن الموازنة ستقدم وتحال كما هي ضمن المهلة الدستورية، رأت المصادر انه وبسبب المناقشات التي تجري، سواء في لجنة الإصلاحات أو في مجلس الوزراء قد يُصار ربما إلى تعديل بعض بنود المشروع.
جلسة الاثنين: وكشفت المصادر ان مجلس الوزراء لم ينته بعد من دراسة أرقام الوزارات بشكل كلي، لا سيما وان وزير المال وعد باطلاع الوزراء في الجلسة المقبلة التي حددت عصر الاثنين المقبل على كامل أرقام موازنات الوزارات بعدما تمّ تعديلها، موضحة بأن نقاشاً جرى في بعض النقاط المقدمة من بعض الأطراف، وتم التوافق على بعضهاو تأجيل البعض الآخر.
وبحسب المعلومات، فإن الحزب يرفض الالتزام بأي ارتباط باصلاحات مسبقة، خصوصاً وأنه يرى ان لا تأثير مباشراً حالياً لهذه الإصلاحات على الموازنة.
ولفتت المصادر الى ان النقاش الاساسي في الجلسة المقبلة سيتركز على موضوع المؤسسات العامة، والتي يجب ان يتم الغاء قسم كبير منها، خصوصا ان عددها يتجاوز المئة مؤسسة حسب ما اظهر وزير المال، وتعتبر ان هناك الكثير من المؤسسات لا جدوى من بقائها ويجب اتخاذ الاجراءات اللازمة لالغائها، اما اذا كنا بحاجة لها فيجب الحاقها بالوزارات المعنية ويجب ان تخضع للرقابة الكاملة من خلال ضبط نفقاتها ام ربما تشرك وتخصص.
وتؤكد المصادر ان هناك توافقا على المبدأ ولكن لا توافق حتى الان على المؤسسات التي يجب الغاؤها، وترى المصادر ان هناك 15 مؤسسة على الاقل يمكن الاستغناء عنها فورا.
وفي خلال النقاش، اعتبر الوزير محمّد فنيش ان هناك لجنة وزارية مكلفة درس موضوع المؤسسات العامة، وهي مخولة لإعطاء رأيها، لكن بسبب كثرة الاجتماعات ليس لديها وقت للاجتماع.
وفي ملف الكهرباء، اصرت وزيرة الطاقة ندى البستاني على مناقشة خطة الكهرباء المتعلقة بدفاتر الشروط قبل تحديد الاعتمادات المطلوبة، مشيرة إلى ان مبلغ 1500 مليار ليرة لا يكفي لتأمين التيار، وانها تحتاج إلى 1800 مليار، وتمت الموافقة على هذا الرقم، في حين أعلن وزير الدفاع الياس بو صعب، ان "التيار الوطني الحر" لن يسير في الموازنة بدون إصلاحات فعلية ومن دون تنفيذ خطة الكهرباء، وأنه يرفض زيادة التعرفة قبل تأمين الكهرباء 24 على 24.

وعلى هامش النقاشات التي تفرعت إلى ملفات أخرى، طرح وزير الزراعة حسن اللقيس ضرورة تحسين ظروف التصدير إلى العراق والأردن والخليج عبر سوريا، فرد الوزير فنيش مقترحاً "اجراء مفاوضات مع الجانب السوري بعد ان تمّ فتح معبر "بوكمال"، فيما رحب الوزير باسيل، وذهب إلى حدّ طرح فكرة زيارة وفد لبناني إلى سوريا للتنسيق في الموضوع"، مشدداً على أهمية مصلحة لبنان الاقتصادية التي هي فوق كل اعتبار "وفك الخنقة" عنه من خلال فتح سوق كبير كالعراق.

ورد الوزير القواتي كميل أبو سليمان، لافتاً إلى ان "هناك وزراء يزورون سوريا بصورة دائمة، فلماذا لا يزوروها، ونحن نبقى على الحياد لنحسب خط الرجعة".

لذلك جرى سجال حول موضوع التدخل التركي المسلح في سوريا، حيث انتقد الوزير الاشتراكي وائل أبو فاعور بيان الخارجية اللبنانية، معتبراً انه يحيد عن موقف النأي بالنفس، فرد باسيل بأن من يتكلم بهذا المنطق وكأنه يقول انه مع الهجوم التركي، مضيفاً "نحن ندين هجوم دولة غير عربية على دولة عربية"، وهنا صمت الجميع ولم يرد أحد.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o