Oct 06, 2019 8:02 AM
مقالات

"الاستراتيجية الدفاعية"همّ بكركي الأكبر... لإحياء "إعلان بعبدا"

تعصف بلبنان أزمات متتالية متناسلة، مثل جسم عليل مصاب بانعدام المناعة. أزمة سياسية تنجم عنها أزمة وطنية - طائفية، تليها أزمة اقتصادية ومالية... وأثناء فصول الأزمات تتواصل المناكفات والمهاترات السياسية، فيما لا يتوقف الكلام عن الإصلاحات المالية.

المشكلة الأكبر
هذه المشكلات والمواضيع كلها باتت تطرق بقوة أبواب الصرح البطريركي في بكركي، وتقلق أروقته بأسبابها ونتائجها المتداخلة. لكن همّ بكركي الأكبر والأهم يظل دائماً "الاستراتيجية الدفاعية"، لأنها العنوان الأساس الذي يقيم في خفايا الأزمة السياسية - الوطنية في البلاد، التي تشعر جماعات منها بأنها مهددة من جماعة أخرى تستقوي عليها بالخارج وقوته الفائضة وسلاحه. لذا كانت الاستراتيجية الدفاعية وما زالت العنوان الغائب الحاضر دائماً، ويفرض نفسه بنداً أساسياً في لقاءات سيد بكركي، البطريرك الماروني بشارة الراعي بزواره، لأن الوصول إلى صيغة مرضية حول الاستراتيجية الدفاعية، قد يعيد التوازن إلى العلاقات اللبنانية - اللبنانية، ويخرج البلاد من مشكلتها الأكبر

فمنذ الاعتداءات الأخيرة بطائرتين مسيرتين على الضاحية الجنوبية من بيروت في شهر آب الماضي، وعلى الرغم من الأحداث الكثيرة التي تلتها من سياسية واقتصادية، ظل موضوع الاستراتيجية الدفاعية يفرض نفسه، إما مادة نقاش علني بين بعض السياسيين، أو خافت وفي الخفاء في بعض الصالونات السياسية، حيث يتردد البعض بطرحها علنا، نظرا لدقتها وإثارتها الخلافات في هذه المرحلة تحديداً

عون و"المقاومة"
والحق أن إصرار رئيس الجمهورية ميشال عون على الكلام عن تغير المقاييس في قواعد الاشتباك بين "المقاومة" وإسرائيل، أي في مقاييس الاستراتيجية الدفاعية، هو ما زاد تواتر النقاش في هذه المسألة التي انقسمت الآراء حولها: هناك من يصر على التغيير في المعايير والمقاييس، وعلى "تأجيل الاتفاق عليها حتى إنضاج الموضوع في لبنان والمنطقة"، مما يعني أن الموضوع مؤجل رسمياً حتى إشعار آخر.

وهناك موقف ما كان يعرف بقوى 14 اذار، التي كانت تطالب دائماً بمناقشة مسألة سلاح حزب الله، وما تفرق من هذه القوى ما زال يصرّ على مناقشة الموضوع مجددا، لأنه غير قابل للاختزال والإخفاء، ولا تتبدل معطياته. أما فريق الثامن من اذار فأيّد موقف رئيس الجمهورية.

لكن هذا لا لم يصرف الأنظار عن الصرح البطريركي، منتظرة موقفه في هذه المسألة الحساسة التي لم يتوقف عن طرحها والتصدي لها في كل مناسبة، وعلى أكثر من مستوى وصعيد.

موقف بكركي
تشدّد أوساط الصرح البطريركي على أن الأحداث التي حصلت في الضاحية الجنوبية من بيروت وما تبعها، تعتبر انتهاكا للسيادة اللبنانية ولأمن اللبنانيين وللقرار 1701. وهي الأخطر منذ حرب تموز في العام 2006. لذا يجب أن يكون التحرك على مستوى الحدث وأخطاره.

في البداية وقبل كل شيء تشدّد بكركي - حسب هذه الأوساط - على التحرك الرسمي للدولة اللبنانية بكل اجهزتها، لمجابهة الخروقات الإسرائيلية، لان الدولة هي المعنية دون سواها بحماية الوطن والمواطنين. وتؤكد أوساط بكركي على "أن حل هذه المسالة يكمن في وضع الاستراتيجية الدفاعية. وخصوصاً أن هذا الموضوع ليس بجديد. وقد طُرح سابقاً وجرى نقاشه بين كل الأطراف السياسية، ونشأ توافق عليه في القصر الجمهوري في عهد الرئيس السابق ميشال سليمان. وقد سُمي ذلك التوافق إعلان بعبدا. فلماذا التأخير والتنصل منه اليوم، وإعادة طرحه كأنه لم يكن، حينما وصلت الأمور في البلاد الى هذا الحد من الخطورة؟".

نقص في الشجاعة
ترى أوساط بكركي أنها تلمس نقصاً في الشجاعة لدى السياسيين الذين يستنكفون عن طرح هذا الموضوع للنقاش مجددا على طاولة حوار يشارك فيها كل الأفرقاء السياسيين، تماما كما تناقش المواضيع الأخرى الحساسة والتي تمس جوهر التوازن والحياة الوطنية، بل الوطن وديمومته. ذلك لأن بكركي تجرؤ عندما يسكت الآخرون، فهي لا يمكن أن تسكت، إذ "لا يمكن لأحد التفرد أو الاستئثار بقرار الحرب والسلم في لبنان".
وما يفاقم المشكلة - بحسب أوساط بكركي - أن غياب الحوار يفاقم الانقسام اللبناني حول الاستراتيجية الدفاعية، وحول دور الدولة اللبنانية في حماية أراضيها. وخصوصا أن وجهات نظر الأطراف اللبنانية متباعدة جدا. والتجارب السابقة اثبتت ان الحوار هو السبيل الوحيد لتخطي الأزمات الداخلية والخارجية والتوصل الى حل واقعي.

وتختم الأوساط بأن بكركي ليست هي المعنية بمناقشة هذا الموضوع الذي على المراجع العليا في الدولة أن تبدأ بالسعي إلى دعوة الأطراف اللبنانية المعنية لمناقشته في مواجهة الاخطار المحدقة بالوطن من كل صوب.

المصدر: "المدن"

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o