Oct 05, 2019 12:14 PM
خاص

مسلسل الاستقالات في إدارة ترامب دخل وزارة الخزانة واقترب من الطاقة
التبديلات في فريقه ليست ضعفا بل ترسّخ قوته وقدرته على فرض خياراته

المركزية- رغم عبور نصف الولاية الرئاسية فان مسلسل الاستقالات ما زال مستمرا في إدارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب. ووسط اعتقاد كثر بانها ظاهرة تفردت بها هذه الإدارة الحالية خلافا للعهود السابقة، ورغم تفردها، هناك من يراها روتينية بوجود رئيس يشبه ترامب يمارس صلاحياته كاملة في نظام رئاسي بكل معنى الكلمة.

عند هذه المفارقات التي ميزت عهد ترامب منذ اللحظات الأولى لتسلمه مهامه في 20 كانون الثاني 2016 تتصدر التقارير الدبلوماسية الواردة من واشنطن المعلومات عن التقلبات في سياسته فلم يسبق ان عاشت الإدارة الأميركية تناوبا في ممارسة السلطة بالحجم القائم بكل اللغات العسكرية والدبلوماسية والمالية وصولا الى ما تشهده اليوم من تفوق للسلطات المالية على ما عداها بفعل برامج العقوبات التي تخوضها الإدارة الأميركية بدلا من برامج الحروب.

وقالت مصادر دبلوماسية واسعة الإطلاع لـ "المركزية" ان تقدم القادة الماليين في الإدارة الأميركية الى الواجهة مرده الى ان المواجهة اليوم تدار بالدولار الأميركي المستخدم في العقوبات وتحولت القوة العسكرية بما فيها الأساطيل المنتشرة في بحار العالم ومعها الجهاز الدبلوماسي كاملا لدعم الخطوات التي تقودها الإدارة المالية لترامب. وتضيف المصادر ان الرئيس ترامب الذي اقترب من نصف الولاية اقنع الأميركيين بانه لم يكذب يوما في وعوده الإنتخابية عندما قال انه لن يقتل اي جندي اميركي منذ اليوم على اراض غير اميركية وهو وعد لا يمكن التنكر له. لكنه وفي الوقت نفسه لم يُقل لهم كيف ستحافظ الإدارة الأميركية على تفوقها العالمي قبل ان يكتشفوا ان الدولار هو سلاحه في الداخل والخارج فسارع الى اتخاذ القرارات التي تشجع على النمو وانعاش الإقتصاد الأميركي ومواجهة نسب البطالة التي تجاوزت حدودا كبيرة قبل ان يتسلم سلطاته الرئاسية وينطلق ببرامج العقوبات الأميركية في مختلف انحاء العالم.

عند هذه المعادلة تتوقف المراجع الدبلوماسية لتقول ان التوجهات الأميركية الجديدة لم توحد الإدارة الأميركية بعد وان ضابطها الوحيد هو الرئيس ترامب شخصيا. فالسلطات الدستورية الواسعة التي منحه اياها الدستور جعلت مواقع القوة في البلاد بتصرفه فلم يسمح لأي منها ان تدير مواقفه او تقود البلاد الى ما لا يريده شخصيا فوزع الأدوار بشكل متواز وبالتوقيت الذي اراد، فلم يسمح للدبلوماسية ان تتوسع على حساب باقي السلطات كما بالنسبة الى مسؤولي الأمن القومي وفي البنتاغون ووزارة الخزانة الأميركية وهو ما سمح له بنوع من التوازن الفريد الذي لم تعرفه الإدارات السابقة بهذا الشكل. عند هذه القراءة تتوقف المراجع الدبلوماسية لتقول ان من اعتقد ان الاستقالات المتكررة والمتنقلة في الدوائر الأميركية هي نقطة ضعف سيكتشف انه مخطئ للغاية. فقدرة ترامب على اقالة مسؤوليه سواء كانوا وزراء او قادة او مستشارين في شؤون الدفاع والخارجية والعدل والأمن والخزينة والأمن القومي برسالة تويترية، لم يسبقه اليها أحد. فقد ابعد ترامب بالتواتر كل من ازعجه بموقف او تصريح في لحظات اعقبت اي خطأ ارتكب وظن البعض ان الفجوات التي بقيت في قلب الإدارة الأميركية والشغور في العديد من المواقع لشهور عدة هي نقطة ضعفه، اثبتت الوقائع ان العكس هو الصحيح.

والدليل ليس صعبا فقد اقال ترامب منذ بداية ولايته اكثر من 57 مسؤولا اميركيا قياديا ومن الصف الثاني او اجبرهم على الإستقالة دون ان يرف له جفن على قاعدة ان ليس في بلاده من لا بديل منه. فالقدرات الأميركية متوفرة في كل المجالات وبامكانه الإستغناء عمن يريد في اي لحظة ليتسابق كثر من الكفوئين للوصول الى الموقع الشاغر.

على هذه الخلفيات يتفهم الدبلوماسيون المقيمون في واشنطن حجم الإستقالات المتوالية في الإدارة الأميركية. وان وصولها قبل ايام الى استقالة سيغال ماندلكير لم يغير في نظرتهم الى الواقع شيئا. فهي مساعدة وزير الخزانة المكلفة بهندسة وتنفيذ وملاحقة الدول والكيانات والمؤسسات والأشخاص المتهمين بالإرهاب الذي فرضت عليهم العقوبات المالية. وفي الوقت الذي تستعد فيه ماندلكير للعودة الى القطاع الخاص يستعد وزير الطاقة ريك بيري للاستقالة واللحاق بها في الشهر المقبل وسط حديث عن ارتباط وثيق بين الخطوتين دون اي تأكيد بعد.

فماندلكير التي عرفت بجديتها في العمل منذ ان تسلمت مهامها في حزيران 2017 لجهة هندسة العقوبات الاقتصادية القاسية التي شكلت منذ اشهر عدة إحدى الأدوات الرئيسية في سياسة إدارة ترامب الخارجية القت اللوم على وزير الطاقة في احد تقاريرها قبل فترة. ولكن لم تستدع خطوتها اي رد فعل آسف رغم الترحيب الذي لقيته لدى إيران والصين وكوريا الشمالية وموسكو وفنزويلا كما حلفائها في مختلف انحاء العالم ممن طالتهم العقوبات. ولكن ذلك لم يحل دون استمرار تنفيذ هذه العقوبات التي بنيت على قواعد صلبة.

وتنتهي المراجع الدبلوماسية الى القول ان على اللبنانيين فهم هذه الحقائق قبل تقويم او قراءة اي خطوة اميركية وخصوصا عندما يزور بيروت مسؤولون منها. فهم وفي أي مستوى كان باتوا ممثلين لرئيسهم مباشرة ولم يعد هناك من وسيط سوى ما يسمونه بـ "ساعي البريد" بين البيت الأبيض وهذه الدول.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o