Sep 19, 2019 4:07 PM
خاص

أنطوان غانم... حين يهب الأوادم لـ"حياة" الوطن

المركزية- 19 أيلول 2007- 19 أيلول 2019. ثقيلة كانت 12 عاما قضاها لبنان وحزب الكتائب من دون أنطوان غانم. إنه موعد أسود جديد ضربه القدر المحترف الحزين لوطن لا تكاد نساء الأبطال فيه تخلع عنهن سواد الموت تمهيدا للعودة إلى الحياة، حتى يصفعهن الغدر مجددا، في ضربة لا توفر هزاتها الارتدادية لبنان بأسره.

هذه المرة أيضا، كان "خيرة الأوادم" هو الضحية التي ارتضت أن تقدم نفسها على مذبح بلاد كانت والحرية توأمان لا ينفصلان... إلى أن حلت عليها لعنة الاحتلالات والوصايات وأغرقتها في دوامة البحث المضني عن "حرية حمراء" لونها أنطوان غانم، تماما كما سابقيه ولاحقيه من شهداء ثورة الأرز، بدماء زكية اثر انفجار دوى في منطقة سن الفيل، محولا نائب بعبدا، الآدمي، والمحامي "المرجع" كما يقول حارس بيت الكتائب الأول، القيادي الوفي العتيق، جوزف أبو خليل لـ "المركزية"، إلى شهيد جديد لا يزال لبنان يبحث عن أمثاله، على ما ألمح إليه رئيس الكتائب النائب سامي الجميل في تغريدته اليوم في ذكرى استشهاد غانم.

ليس غريبا أن يجد لبنان نفسه أمام أناس من طينة أنطوان غانم، لا سلاح في يده إلا آدميته ومواقفه الحرى ضد الاحتلال السوري، ليدافع عنه في ساعات الاستحقاقات السياسية الكبيرة، وليذود عنه عند المحطات المصيرية. ذلك أن هذا المحامي "المحبوب" في منطقة بعبدا، والرجل العصامي بامتياز، على ما يصفه أبو خليل، رفيق مؤسس الكتائب بيار الجميل، انتسب  إلى حزب رفع ولا يزال، شعار "الله، الوطن، العائلة. غير أن الأهم يكمن في أنه طبقه في حياته الحزبية والعامة على أكمل وجه. فكان تقياً، حاملا فضائل الآدمية والقرب من الناس، ونقلها إلى عائلته الصغيرة، وضحى بنفسه كرمى لوطن لم تنته بعد جلجلته الطويلة نحو قيامة مستحقة بعد طول عذاب يبدو نفقه طويلا، وطويلا جدا.

غير أن عاملا مهما يضاف إلى مسيرة حزبية طويلة رصعها غانم، الكتائبي الوفي، بحضور نيابي مميز، إلى جانب الوزير الشهيد بيار الجميل، "الزهرة التي انقضّ أحدهم عليها على غفلة"، على ما قال أبو خليل في إحدى إطلالاته الصحافية النادرة قبل نحو عامين. ذلك أن غانم الذي اعتاد خوض المعارك الكبيرة في السياسة وفي مواجهة الوجود السوري في لبنان، وكسب معركة تمثيل بعبدا في البرلمان عندما كان النضال السيادي في أوجه، لم يخف الوقوف في مواجهة الرياح التي عصفت على غفلة بـ "حزب الكتائب"، فتموضع بوضوح لا يحمل لبساً إلى جانب الرئيس أمين الجميل ونجله بيار في معركتهما الهادفة إلى إعادة توحيد صفوف الحزب تحت الراية السيادية التي لطالما ميزت نضاله الطويل.

معركة كبيرة وشاقة خاضها الجميل وغانم جنبا إلى جنب، من دون أن يكتب لهما فرح الاستمتاع بالنصر المستحق، خصوصا بعد الانسحاب السوري. فموعداهما الأسودان مع الاستشهاد والبطولة، كانا أسرع من رغبتهما في إعادة ضخ الحياة في عروق حزب آمنا بمبادئه حتى الرمق الأخير. 10 أشهر كانت فاصلة بين الشهادتين، اللتين حرص المجرمون على أن يكتبها البطلان في قلب المعقل الكتائبي المتني الأول، في رسالة يعتبرها القيادي العتيق أبو خليل استكمالا لمسار استهداف الكتائب ومبادئه.

اليوم تحل ذكرى غانم وهي محمّلة بالعبر: ذلك أنها تأتي فيما الكتائب تغرد وحيدة في سرب المعارضة لتسوية يراها الحزب مناقضة لمبادئ كبيرة استشهد لأجلها غانم ولا ينفك رئيس الحزب يؤكد الاستمرار في الحفاظ عليها، إلى أن تزهر شهادة الأوادم من طينة أنطوان غانم وطنا للحياة والحرية... رسم إطاره فرسان شجعان وأبطال أحرار بدماء لا تهاب الموت.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o