Sep 17, 2019 2:29 PM
أخبار محلية

أزاح الستارة عن لوحة البطريرك الصفـــــــــراوي والأب الخوري
الراعي من الصفرا: لعدم تشويه ملامح لبنان الرسالة والنموذج عربياً ودولياً

المركزية- استهل البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي زيارته الراعوية لبلدة الصفرا في ابرشية جونية المارونية بعد ظهر أمس، عشية عيد القديسة صوفيا شفيعة البلدة، بدعوة من النائب البطريركي العام على ابرشية جونية المارونية المطران انطوان نبيل العنداري، بتبريك كنيسة القديس جرجس، حيث أزاح الستارة عن لوحة تذكارية على مدخل الكنيسة خلدت تاريخ الزيارة وذكرى المثلث الرحمات البطريرك يوحنا البواب الصفراوي والأب جورج الخوري اليسوعي مؤسس رابطة الأخويات في لبنان.

وكان البطريرك الراعي قد وصل الى البلدة يرافقه المطرانان حنا علوان وانطوان شبير وأمين سر البطريرك الأب شربل عبيد، وسط استقبال شعبي لافت، شاركت فيه فاعليات البلدة والبلدات المجاورة وحشد كبير من المؤمنين. واستقبل البطريرك الراعي عند مدخل كنيسة مار جرجس المطران العنداري، كاهن الرعية الأب جوني التنوري، عدد من الكهنة  ورئيس بلدية الصفرا سمير الهوا وأعضاء المجلس البلدي ومختار البلدة جوزيف كيريللوس ورابطة الأخويات وطلائع وفرسان كما عزفت فرقة غزير الموسيقى الترحيبية.

وبارك البطريرك الراعي المؤمنين ودخل الى الكنيسة مار جريس التي تم ترميمها ورفع فيها صلاة التبريك.

ووجّه غبطته تحية شكر وامتنان "على حفاوة الاستقبال الذي جسد محبة ابناء الصفرا"، ولفت الى "المخاطر الكثيرة التي يتعرض لها شباب اليوم، فهم لا يعرفون سوى الأزمات وعلينا نحن ككنيسة وأهل ورعاة ان نتعاون سويا لإعطاء الأمل لشبابنا. ولنتذكر سويا  كم عانى شعبنا على مر التاريخ ولكنه بايمانه تجاوز كل المحن، وبقيت الكلمة الأخيرة ليوم الأحد اي يوم القيامة وليس ليوم الجمعة يوم الجلجلة والتي كان لا بد من ان يسير عليها الرب يسوع ليصل الى يوم القيامة. هكذا نحن علينا ان نتحمل مشقات وصعوبات ومشاكل ما نمر به متسلحين دائما بقوة ايماننا المسيحي التي لم تقهر لأننا واثقون من اننا سنصل الى يوم القيامة ".

بعدها توجه الراعي والوفد المرافق الى القصر البلدي في الصفرا حيث رفع الستارة عن لوحة تذكارية تخلد ذكرى الزيارة، وألقى رئيس البلدية سمير الهوا  كلمة بالمناسبة رحب بها بغبطته شاكرا له لفتته الكريمة الى هذه البلدة، وقدم بعدها مفتاح البلدة الى البطريرك الذي عبر عن تقديره للاستقبال المميز، مشيرا الى ان "مفتاح البلدة الذهبي يشير الى "قلوب ابناء البلدة الذهبية".

ثم توجه الى كنيسة القديسة صوفيا للاحتفال بالذبيحة الإلهية في يوم عيدها. وعلى وقع عزف فرقة قوى الأمن الداخلي للموسيقى الترحيبية والترانيم الدينية بارك الراعي المؤمنين الذين احتشدوا في ساحة الكنيسة يتقدمهم عدد من نواب المنطقة وفاعلياتها الرسمية السياسية والإجتماعية والثقافية ولفيف من الأساقفة والكهنة والرهبان والراهبات وسط استقبال لافت.

قبيل القداس القى المطران العنداري كلمة ترحيبية جاء فيها: "َتواصلون، يا صاحب الغبطة، مسيرةَ أَسلافكم لنَحتَفل بالمئَوية الأولى لإعلانِ دولَة لبنان الكبير، مستذكرين المكرّم البطريرك الياس الحويك ودوره الوطَني، وأنتم بِدوركم تَهزون الضمير من أَجلِ أَن تلتقي آمال الشعب وأَمانيه. ومن كان مشدوداً إلى الكنيسة والوطن لا حدود لَه في الخدمة والعطاء."

 ثم ترأس البطريرك الراعي الذبيحة الإلهية بمناسبة عيد القديسة صوفيا التي عرضت ذخائرها على مذبح الكنيسة بعد ان استقدمت من شمالي ايطاليا، عاونه المطارنة حنا علوان، حنا رحمة، أنطوان نبيل العنداري، وأنطوان شبير، وكاهن الرعية بحضور السفير البابوي جوزيف سبيتيري، المطران سمعان عطالله، وعدد من نواب المنطقة منهم شامل روكز، شوقي الدكاش، فريد هيكل الخازن وروجيه عازار وفاعليات قضائية وعسكرية وسياسية اضافة الى المؤمنين من ابناء البلدة و المنطقة، وخدمت القداس انشاداً جوقة الرعية وعزفاً فرقة موسيقى قوى الأمن الداخلي.

وبعد الانجيل المقدس ألقى الراعي عظة قال فيها: "كما أنّ إيمانكم المتجذّر تاريخيًّا وأثريًّا، ظاهرٌ في تكريمكم للقدّيس جرجس، وقد شيّد أجدادُكم سنة 1914 كنيسةً رعائيّةً جديدةً، مكان الكنيسة القديمة. وأنتم أعدتم ترميمها في العام الماضي مع ما حولها من مجمّعاتٍ تربويّةٍ وصحيّةٍ وراعويّةٍ ورياضيّةٍ. كلّ هذه الأمور تظهر صورة حبّة الخردل. ينبغي ان ندرك نحن أيضا ان الحياة يجب ان تعطي ثمارا وثمارا كثيرة بمقدار ما يعطى كل واحد وواحدة منا من مواهب وامكانيات روحية ومعنوية ومادية. لا احد يعطى شيئا لذاته بل يعطى لكي يعطي. فالانانية تخالف تماما كلمات الرب يسوع في إنجيل اليوم".

وأضاف: "يبقى أن نلقي نظرةً إلى واقع وطننا لبنان، ونحن في بداية الإحتفال بالمئويّة الأولى لإعلانه دولةً مستقلّةً في أوّل أيلول 2020. بعد مسارٍ تاريخيٍّ طويلٍ لعب فيه البطاركة الموارنة الدّور القياديّ منذ أواخر القرن السّابع مع البطريرك الأوّل القدّيس يوحنّا مارون، وصولاً إلى المكرَّم البطريرك الياس الحويّك الذي ترأّس الوفد اللّبنانيّ الرّسميّ إلى مؤتمر الصّلح في فرساي بفرنسا في سنة 1919، بعد انهيار السّلطنة العثمانيّة. فقد وضع الحويّك في مذكّرته الرّسميّة لمؤتمر الصّلح مطالب اللّبنانيّين، وهي: أولاً،  إعلان لبنان دولةً مستقلّة، مع إعادته إلى حدوده التّاريخيّة والطّبيعيّة، بإرجاع الأجزاء المقتطعة منه على يد العثمانيّين. ثانياً، التّعويضات من المتسبّبين بالقتل والتّجويع وارتكاب الفظائع. ثالثاً، تكليف فرنسا بفترة الانتداب، من دون أن ينال من السّيادة المطلقة للبنان. فكان "إعلان دولة لبنان الكبير" في أوّل أيلول 1920 في قصر الصّنوبر ببيروت بحضور ممثّل الدّولة الفرنسيّة الجنرال غورو الذي تلا قرار الإعلان الدّوليّ، بحضور البطريرك الحويّك".

وتابع: "لقد وضع البطريرك الحويّك وخلفُه المباشر البطريرك أنطون عريضه ملامح وجه لبنان الظّاهرة في دستوره الأوّل سنة 1926، وفي الميثاق الوطنيّ سنة 1943، وقد تجدّدا في مضمونهما الأساسيّ بوثيقة الوفاق الوطنيّ سنة 1989 في مؤتمر الطّائف. أمّا وجه لبنان الذي يميّزه عن مختلف بلدان المنطقة فهو إحلال المواطنة المدنيّة مكان المواطنة الدّينيّة، واعتماد النّظام الدّيموقراطيّ اللّيبراليّ، وإقرار التّعدّديّة دينًا وثقافةً بدلاً من الأحاديّة، وجعل العيش المشترك بين المسيحيّين والمسلمين بالمساواة وروح التّعامل والتّكامل أساسًا شرعيًّا للسّلطة السّياسيّة، والاعتراف بالإعلان العالميّ لحقوق الإنسان مع كامل الحريّات العامّة، وفي مقدّمتها حريّة المعتقد".

وختم: " إننا نتطلّع إلى الجماعة السّياسيّة في لبنان، بمناسبة هذه المئويّة، وانطلاقًا من حالة اللاإستقرار السّياسيّ والاقتصاديّ والمعيشيّ والاجتماعيّ، ونناشدهم بأمرين: الأوّل، اعتماد نهج حبّة الخردل أعني القيام بعمليّة النّهوض بلبنان من الحالة التي ذكرت، بتجرّدهم من مكاسبهم الخاصّة وحساباتهم الضيّقة، لكي يتمكّن لبنان من النّموّ بفضل قدراته وقدرات شعبه وشبابه؛ الثاني، العودة إلى خصوصيّات لبنان التي تميّزه عن غيره، وعدم تشويه ملامح وجهه التي جعلت منه رسالةً ونموذجًا على المستويَين العربيّ والدّوليّ. هذه المناشدة المزدوجة نرفعها صلاةً إلى الله، بشفاعة القدّيسة الشّهيدة صوفيا وبناتها الشّهيدات الثّلاث، راجين قبولها مع نشيد المجد والتّسبيح للثّالوث القدّوس، الآب والابن والرّوح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".

وفي ختام القداس القى الأب التنوري كلمة قال فيها: "بتهاليل الفرح نرحّب بقدومكم يا صاحب الغبطة والنيافة الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الكلي الطوبى مع السادة ألأساقفة والكهنة ألأجلاء، فقد بوركت رعية الصفرا مسقط رأس سلفكم البطريرك يوحنا البواب الصفراوي، بحلولكم في رحابها أنتم ألأب والراعي، أنتم بطريرك الشركة والمحبة، بطريرك السلام الذي أعطي مجد لبنان، بشموخكم كأرزة من أرزاته الخالدة التي لا تستكين ولا تتعب مهما عصفت بها الرياح واشتدت عليها المحن. زرتمونا فانتشت خوابي البركة في ديارنا، وعمّ الفرح مزهوًّا في قلوبنا، وانثنت المشاعر مطمئنة في اشرئباب زرع صالح، يرنو إلى نعمة السّماء".

وفي ختام القداس قدم التنوري باسم لجنة الوقف هدية تذكارية لغبطته كناية عن مجسم برونزي جسد كنيستي مار جريس والقديسة صوفيا، كما قدم المجلس الرعوي والحركات الكشفية والرسولية منحوتة بتوقيع حنا ابوسجعان تجسد البطريرك الراعي.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o