Sep 16, 2019 3:36 PM
خاص

"نداء الوطن" وصحافته: لسنا كبش المحرقة!

المركزية- ما عدنا نعرف إن كنا لا نزال نعيش في لبنان الأخضر الذي يتغنى بالحريات في صحراء الديكتاتوريات العربية. ففي وقت تبدو مواقع التواصل الاجتماعي ومساحات الحرية الافتراضية فيها كفيلة بإطلاق مسارات التغيير والتحرر في العالم العربي، لا تنفك مساحات الحرية في مدينة لقبت يوما بأم الشرائع تضيق بناسها و... بصحافييها وأقلامهم ومنابرهم.

... يوما بعد يوم، يؤكد بعض القيمين على الحكم في لبنان أن لا مكان في هذه الدولة ونظامها "الديموقراطي"  للانسان ورأيه وحريته، التي يمثلها صحافيون لا يخشون المتاريس ولا يهابون الخطر... ولا يخافون البحث عن المتاعب. ففي وقت تمر الصحافة اللبنانية، المفترض أنها رائدة زميلاتها في الوطن العربي، في واحدة من أصعب وأخطر أزماتها الكيانية على الاطلاق، لا تكلف الدولة والحكومة نفسها عناء البحث عن السبل الكفيلة بمد هذا القطاع بجرعات الحياة و"المقاومة" والصمود. بل على العكس. لا يجد والقابضون على سلطة القرار فيها ضيرا في ما تعتبره "تلقيننا دروساً في الانضباط"، ورسم الخطوط الحمر، ووضع لائحة طويلة من الممنوعات والمسموحات لئلا تخرج الكلمة الحرة إلى العلن، بل لتبقى مطواعة، تناسب الحكم، بغض النظر عما يخالج المحكومين من هواجس، أو ما يمر في بالهم من انتقادات قد تصيب سهامها الأداء السياسي في الصميم. لكن هذا كله لا يبدو أن أحدا يعيره اهتماما. المهم حرمان "السلطة الرابعة" من ممارسة حقها، بل دورها في وضع الاصبع على جروح الأخطاء متى وجدت و.. الخطايا متى ارتكبت في حق الناس، كما هي الحال في كل دول العالم المتحضر.

هكذا هي حال الصحافيين في لبنان. هذه البلاد التي أعطت العالم عمالقة المهنة، كغسان تويني ومالك مروة وسعيد فريحة وعيسى غريّب وسواهم، من دون أن يغيب عن بالنا الرواد من الشهداء الذين سبقونا على درب البطولة، كجبران تويني وسمير قصير ونسيب المتني وشهداء 1916 ، باتت اليوم تلاحق الصحافيين لا لشيء إلا لأنهم يقولون الحقيقة ويكتبونها ويخوضون كبريات المعارك في سبيلها.

بعد الزملاء مارسيل غانم ونوال ليشع عبود، وعدد من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، علما أنها صارت هي الأخرى وجها من وجوه الاعلام في العصر الحديث، ها هما الزميلان بشارة شربل، رئيس تحرير جريدة "نداء الوطن"، وجورج برباري، المدير المسؤول في الصحيفة نفسها، يستعدان للمثول أمام القضاء اللبناني على خلفية... افتتاحية حملت عنوان "أهلا بكم في جمهورية خامنئي"، في ما حمل انتقادا لمواقف الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله"، الذي أعلن، في خطاب عاشوراء الأخير، ومن دون قفازات، ولاءه التام للمرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية، واستعداده للقتال بالنيابة عن ايران، في حال فتح الجبهة الدولية ضدها، ما يعني توريط لبنان في حرب لا علاقة له بها... بغض النظر عن قرار الدولة السيادي في هذا الشأن... جرى كل هذا في ظل صمت رسمي مطبق ومخيف كسرته "نداء الوطن"، فهبت الدولة لاستعادة هيبتها التي كسرها... قلم صحافي.

أمام هذه الصورة المرعبة عن حال الحريات والصحافة والاعلام في وطن الحريات هذا، لا يسعنا إلا توجيه الرسالة الآتية إلى من يعنيهم الأمر: نحن صحافيون لا نخشى تهديدا ولا نخاف المعارك وقد نضع حياتنا على كفنا.. لا لشيء إلا لأننا لا نمارس مهنة عادية، بل نبحث عن الحقيقة لنكتب التاريخ بصوت الناس وأفكارهم وهواجسهم ولا نهاب المواجهات مع المسؤولين، إذا كانت هي ثمن كلمة الحق السوية والحرة فلا تجعلونا كبش محرقة.    

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o