Mar 10, 2018 7:27 AM
مقالات

إسرائيل تلعب بالنار و”اليونيفيل” عين ساهرة

موناليزا فريحة - النهار

كاد صراخ العمال في موقع بناء الجدار الإسرائيلي في رأس الناقورة أن يكون الصوت الوحيد الذي يخترق الهدوء العميق في المنطقة، لولا طائرة استطلاع رسمت خطوطها البيض في السماء، مذكرة بالاستباحة المستمرة لأجواء لبنان على رغم مرور أكثر من 18 سنة على الانسحاب الاسرائيلي من أرضه. فخلافاً لطبول الحرب التي تقرع هنا وهناك منذرة بمواجهات جديدة بحجة الجدار حيناً والبلوك 9 أحياناً، تمر المنطقة بفترة هي الاكثر هدوءا منذ 2006، بحسب قوة الامم المتحدة الموقتة في لبنان، “اليونيفيل”، ولا شيء فيها يوحي بتوتر بين الجيش اللبناني وقوة حفظ السلام الدولية، خلافاً لما حاولت اسرائيل الايحاء به أخيراً. ومع ذلك، لا أحد يضمن بالا يكون في تلك السكينة شيء من الهدوء الذي يسبق العاصفة.

لا تبدو اسرائيل مستعجلة في بناء جدارها الذي تقول إنه يهدف الى منع “حزب الله” من احتلال البلدات الإسرائيلية الحدودية أو أسر جنود فيها، في حال حصول مواجهة جديدة . الورشة المفتوحة في الناقورة متواضعة. بضعة عمال يرصون ألواحاً اسمنتية جاهزة عرض كل منها متر ونصف متر تقريباً وطوله نحو خمسة أمتار، بموازاة الخط الازرق، مستعينين ببوكلين لإنزال ألواح من شاحنة متوقفة في المكان. ويتحرك هؤلاء تحت أنظار جنود لبنانيين في برج للمراقبة من جهة، وضباط اسرائيليين، بينهم امرأة، وضابطين من “اليونيفيل” من الجهة المقابلة.

صار بناء الجدران تقليداً لإسرائيل يزيد عزلتها في المنطقة. فالجدار الذي تشيده جنوب الخط الازرق هو السابع بعد ستة أقامتها مع مصر والأردن وسوريا ولبنان (كفركلا) وقطاع غزة، إضافة إلى جدار الفصل العنصري الأكبر في الضفة الغربية. وصارت كلمة الجدار متداولة بالعربية بين العمال الاسرائيليين. وقال لنا أحدهم: “يلا، سيلفي والجدار خلفي”.

يقول الجيش الإسرائيلي إن الجدار سيحمي تلك البلدات الحدودية من أية صواريخ مضادة للدروع قد تستهدف المنازل القريبة من الخط الحدودي، ومنع الحزب من مراقبة التحركات العسكرية والمدنية هناك. ومع ذلك، لا توحي الامتار الـ500 تقريباً المنجزة حتى الان بقدرات كهذه. وكذلك، لا تزال ممكنة رؤية السياح والاسرائيليين على الطريق الشاطئية التي تعتبر امتداداً لبوابة روش حانيكرا، بالعين المجردة.

وعلى مسافة أمتار قليلة من الخط الازرق، تتناوب مجموعات راجلة حيناً ومؤللة أحياناً من “اليونيفيل”، لرصد اية انتهاكات استناداً الى التفويض الممنوح لها بموجب القرار 1701.

الضابط القبرصي دميتريس نيوكليونز الذي كان على مسافة أمتار من برج المراقبة للجيش يقول إن الدوريات تكثفت أخيراً لتجنب حصول اية مشاكل نتيجة بناء الجدار، مضيفاً أن كل شيء يسير على ما يرام حتى الان، “لأن السلطات اللبنانية تقول إن بناء الجدار ممكن الا في المناطق المتنازع عليها”.

في رأس الناقورة تحديدا، تقع أولى نقاط التحفظ اللبنانية لجهة البحر، وهي نقطة “B1” في منطقة روش حانيكرا وهي توصل إلى الحدود البحرية المتنازع عليها ايضاً، بما فيها “البلوك 9”. ولكن هناك تجنبت اسرائيل البناء، أقله حتى الان، مفككة أول الصواعق. فلو مضى الاسرائيليون ببناء الجدار هناك، لكان سيقضم معه آلاف الكيلومترات المربعة من المياه الإقليمية ومن ضمنها البلوك 9، الذي سبق للحكومة اللبنانية أن لزمت أشغال الاستكشاف فيه.

وبناء على التسوية غير المعلنة، ابتعدت اسرائيل 25 متراً تقريباً عن النقطة التي يتحفظ عنها لبنان، وبدأت تشييد الجدار عند مستوى أعلى من الشاطئ صعوداً، ملتزمة حتى الان الترسيم الدولي للخط الازرق الذي وافق عليه لبنان. ولكن التصريحات التي أطلقها وزير الدفاع الاسرائيلي أفيغدور ليبرمان في 31 كانون الثاني الماضي بملكية اسرائيل للبلوك 9 تؤكد أن اسرائيل تلعب بالنار.

اللبونة ومروحين والبستان

وإذا كانت المواجهة المحتملة عند B1 قد علقت حالياً، فإن النقاط الساخنة الاخرى ليست بعيدة وليس معروفاً كيف ستتعاطى اسرائيل معها.

ويقول العميد المتقاعد أمين حطيط الذي كان في عداد الوفد اللبناني – الدولي الذي شارك في ترسيم الخط الازرق عام 2000، أن اسرائيل تحايلت على النقطة B1، وهي تحاول إعادة قضم المساحة التي استعادها لبنان بعد اعتراضه على الصيغة الأولى التي تقدّمت بها الأمم المتحدة للخط الأزرق عام 2000 والتي كانت متباينة مع الحدود الدولية.

أما الاختبار الثاني ، فسيكون بحسب العميد المتقاعد، في مناطق اللبونة ومروحين والبستان، وهذه النقاط تقع على التوالي على مسافة 3 كيلومترات و3 كيلومترات وكيلومترين.

وكانت صحيفة “هآرتس” نشرت في 27 شباط الماضي، خريطة حددت فيها النقاط الـ13 التي يتحفظ عنها لبنان على الخط الازرق، وهي من الغرب الى الشرق، روش حانيكرا (الناقورة) وثلاث نقاط في شلومو حانيتا (علما الشعب) وشوميرة (البستان) وشتولا (مروحين) وهارأدير (رميش) وأفيفيم (ماون الراس) ويفتاح (بليدة) وكريات شمونة (ميس الجيبل) وثلاث نقاط في متولا (متولا (العديسة-كفركلا).

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o