Sep 03, 2019 4:32 PM
خاص

ثمّن حوار بعبدا "على أمل استكماله بخطوات إجرائية"
مروان بركات: الأسواق المالية تلقفت نتائجه بإيجابية
على الأطراف السياسية الشروع في الخيارات الصعبة

المركزية- طمأن المدير العام المساعد ورئيس قسم الأبحاث لدى بنك عودة الدكتور مروان بركات إلى أن الأسواق المالية تلقفت بإيجابية نتائج الحوار الاقتصادي الذي جرى أمس في بعبدا، "بحيث انخفض متوسط المردود على سندات اليوروبوندز اللبنانية إلى 13.73% اليوم، بعدما وصل إلى مستوى قياسي ناهز 14.31% في الأسبوع الماضي".

وأجرى بركات عبر "المركزية"، قراءة اقتصادية لطاولة الحوار الاقتصادي وما أفضت إليه أمس في قصر بعبدا. ونظر بإيجابية إلى الحوار الاقتصادي الذي جمع رؤساء الأحزاب والكتل النيابية في لبنان، وقال بركات: يبدو أن السياسيين والسلطات المعنيّة باتوا يدركون دقّة الوضع الماكرو اقتصادي للبلاد ويعتزمون اتخاذ إجراءات ملحّة لتنفيذ الإصلاحات المالية والهيكلية اللازمة لاحتواء الدين العام، وإعادة بناء الثقة والحفاظ على الاستقرار المالي والنقدي. كما أن تطبيق التدابير الواردة في ورقة بعبدا يساهم في زيادة فرص تحقيق إصلاح مالي ناجح وتوفير فرصة لتعزيز الوضع المالي وخفض أسعار الفائدة، مع تحفيز النمو الاقتصادي الذي من المتوقع أن يكون في الدائرة الحمراء هذا العام.

وإذ لفت إلى أن "الأسواق المالية تلقفت بإيجابية نتائج حوار بعبدا، بحيث انخفض متوسط المردود على سندات اليوروبوندز اللبنانية إلى 13.73% اليوم بعد أن كان قد وصل إلى مستوى قياسي ناهز 14.31% في الأسبوع الماضي"، أمل في أن "يستكمل لبنان حوار بعبدا بخطوات إصلاحية إجرائية تساعد على الهبوط الآمن للاقتصاد اللبناني. وفي حال تمّ تطبيق الإصلاحات في لبنان بشكل مناسب بدءاً بحسن تنفيذ موازنة العام 2019 وعدم تجاوز نسب العجز المالي العام المستهدفة، إلى اعتماد موازنة إصلاحية للعام 2020 على قاعدة ورقة بعبدا وإلى تنفيذ سريع لخطة إصلاح قطاع الكهرباء، وإلى نتائج إيجابية لعملية التنقيب عن النفط والغاز في الفصل الأول من العام 2020، يمكن حينها أن ينتقل لبنان من حقبة المخاوف الماكرو اقتصادية إلى حقبة الاحتواء التدريجي للمخاطر والتهديدات".

وتابع: ما يمكن إضافته هنا أن التصنيفات السيادية الأخيرة قد تشكل حافزاً لصانعي السياسات في لبنان للمضيّ في الاتجاه الإصلاحي على ما يبدو.

وفي هذا الإطار، قال: على الرغم من أوضاع المالية العامة الواهنة في المرحلة الحالية، نرى أن المخارج لا تزال متوفرة. وبالتالي على جميع الأطراف السياسية في البلاد الشروع في الخيارات الصعبة التي من شأنها أن تجنّب لبنان تجرّع الكأس المرة الناجمة عن غياب المبادرات الإصلاحية. إن تقييم متطلبات هذه المرحلة الدقيقة يشير إلى أن القرارات الإصلاحية يمكن أن تنبع من عدد من المصادر لاسيما تلك المتعلقة بالتقشف في الإنفاق العام، إلى إصلاحات قطاع الكهرباء، تعزيز تعبئة الموارد ومكافحة التهرّب الضريبي.

وفي ما يتعلق بالتقشف في الإنفاق العام، قال: هناك مجال لتخفيض النفقات غير الثابتة (أي خارج الأجور والرواتب وخدمة الدين والتحويلات لمؤسسة كهرباء لبنان) بنسبة لا تقلّ عن 15%. وفي ما يتعلق بإصلاحات قطاع الكهرباء، هناك إمكانية لخفض ملموس في عجزه ابتداءً من العام المقبل، عقب عجز قطاعي بقيمة 1.7 مليار دولار في العام الماضي. ويمكن تحقيق ذلك من خلال إصلاح القطاع عبر بناء محطات الطاقة اللازمة، وضمان الكهرباء على مدار 24 ساعة ورفع رسوم الكهرباء. مع الإشارة إلى أن تعرفة الكهرباء في لبنان يمكن أن تزيد بما لا يقل عن 40٪ (أي من 9.5 سنت لكل كيلوواط ساعة حاليًا إلى 14.4 سنت لكل كيلوواط ساعة، وهي تبقى أقل من المتوسط العالمي البالغ 19 سنتًا لكل كيلوواط ساعة)، خصوصاً عندما يتوقف اللبنانيون عن دفع فواتير مزدوجة وحصرها بفاتورة واحدة لمؤسسة كهرباء لبنان، مع الأخذ في الاعتبار أن الفاتورة التي تُدفع للمولدات الكهربائية تبلغ حوالي 25 سنتًا لكل كيلوواط ساعة.

أما ما يتعلق بتعزيز تعبئة الموارد، فاشار بركات إلى أن "نسبة الاقتطاع في لبنان لا تتجاوز 19٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وهي أقل من متوسط البلدان النامية البالغ 26٪ ومتوسط البلدان المتقدمة البالغ 36%، ما يشير إلى القدرة على تعزيز النسبة في لبنان ببعض النقاط المئوية. وفي حين أن تعزيز الاقتطاع لا يزال خاضعًا للتجاذب السياسي في البلاد بسبب الضغوط الاجتماعية التي يمكن أن تولدها أي زيادات ضريبية في اقتصاد واهن النمو، نعتقد أنه كشرط أساسي لأي زيادة ضريبية، يحتاج لبنان إلى اتخاذ تدابير صارمة لمكافحة الفساد كي يتم تقبّل ضرائب إضافية بشكل عام من قبل اللبنانيين. إننا نثمّن بعض الجهود المبذولة في هذا الإطار ولكن ينبغي استكمالها بتدابير أكثر صرامة في الإدارة العامة".

أما ما يتعلق بمكافحة التهرب الضريبي، فقال: هناك مجال في السنة المقبلة، لسدّ ما لا يقل عن 10% من فجوة التهرّب الضريبي التي نقدّر حجمها بحوالي 4.8 مليار دولار، تتأتى بشكل رئيسي عن ضرائب الدخل وفواتير الكهرباء والضريبة على القيمة المضافة والضرائب الجمركية والعقارية. ما من شأنه أن يضمن إيرادات سنوية إضافية بقيمة نصف مليار دولار في العام المقبل في حال المضيّ في إجراءات جديّة على صعيد مكافحة التهرّب الضريبي، أي ما يعادل 1٪ من الناتج المحلي الإجمالي، ويكاد يناهز الجهد الإصلاحي السنوي الذي التزم به لبنان في مؤتمر "سيدر".

وتابع: في حال تمّ تنفيذ جميع هذه التدابير، من الممكن خفض العجز المالي العام إلى ما دون 6% من الناتج المحلي الإجمالي، ما يشير إلى أن أرقام المالية العامة لا تزال قابلة للاحتواء وأن البلاد لم تقع بعد في فخ المديونية، على الرغم من أوضاع المالية العامة الواهنة في المرحلة الحالية.

وختم بركات بأن "احتمالات الشروع في إطلاق عجلة الإصلاحات والتي باتت الآن أكثر جدّية رغم التحديات المرهونة بالتجاذبات السياسية المستمرة، مرتبطة بتوفّر بنى الحوكمة في الآونة الأخيرة خصوصاً أنه لم يعد يوجد شغور وخروق شرعية في بنى الحوكمة العامة. في الواقع، لم يعد هناك شغور في موقع رئاسة الجمهورية، كما بات هناك حكومة وحدة وطنية ومجلس نيابي منتخب حديثًا يقوم بمهامه التشريعية بكل فعالية، ناهيك عن إقرار قانون موازنة يشرف على تنظيم حسابات الدولة بعد 12 عامًا من غيابٍ للموازنات العامة، إضافةً إلى تجديد ولاية حاكم مصرف لبنان. عليه، فإن أطر الحوكمة تلك تعزّز القدرة على الشروع في تطبيق الإصلاحات التي طال انتظارها. عليه، فإن أطر الحوكمة تلك تعزّز القدرة على الشروع في تطبيق الإصلاحات التي طال انتظارها، خصوصاً أنه بات هناك إدراك متزايد من قبل جميع الأطراف السياسية للحاجة الملّحة إلى المضي قُدماً في هذا الاتجاه الإصلاحي من أجل تجنيب لبنان تجرّع الكأس المرّة في الأفق بشكل عام.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o