Aug 23, 2019 6:26 AM
صحف

احتكار التعيينات يفخخ الشركة في الحكومة ويستعيد تجارب الوصاية السورية!

سجلت جلسة مجلس الوزراء أمس، عملية إقصاء سياسية متعمدة لفريق أساسي في الحكومة والتسوية السياسية هو حزب "القوات اللبنانية" عن التعيينات في المجلس الدستوري. هذا الاقصاء اتخذ أمس دلالات مؤذية للغاية لصورة الحكومة ومجلس النواب باعتبار ان انتخاب نصف أعضاء المجلس الدستوري في مجلس النواب قبل فترة شهد أبعاداً لـ"القوات" عن الاعضاء المنتخبين، لكن "القوات" أمنت النصاب وانتخبت الأعضاء الخمسة مقابل وعد من رئيسي المجلس والحكومة بتأييد مرشحها للمجلس الدستوري ضمن حصة الحكومة. 

واذ بدا واضحاً في مرحلتي الانتخاب في مجلس النواب سابقاً والتعيين في مجلس الوزراء أمس ان "التيار الوطني الحر" تعمد اقصاء أي عضو ماروني لـ"القوات" عن المجلس الدستوري والاستحواذ على الحصة المارونية وغيرها من المقاعد المسيحية الأخرى، فإن مصادر وزارية ونيابية معنية حذرت من خطورة تسليم الأفرقاء الآخرين سواء أكانوا مسيحيين أم مسلمين بهذه السابقة التي تمنح فريقاً القدرة على احتكار التعيينات والمناصب واقصاء أفرقاء آخرين بما يفخخ الشركة في الحكومة والسلطة ويستعيد تجارب كانت تحصل في زمن الوصاية السورية لاقصاء الأفرقاء المناهضين لها ولكن هذه المرة على أيدي جهات داخلية تبيح لنفسها لعبة الاقصاء ويماشيها أفرقاء آخرون بفعل تقاسم المصالح، بحسب ما أفادت "النهار". 

وأسف مصدر مسؤول في "القوات اللبنانية" لتراجع الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري عن تعهدهما أن يعيّن مرشح "القوات" الماروني للمجلس الدستوري المحامي سعيد مالك في مجلس الوزراء. وذكِّر بانه بناء على تعهدهما شاركت "القوات" في جلسة الإنتخاب في مجلس النواب والاقتراع لمصلحة اللائحة، وأنّه لولا مشاركتها لما كان توافر نصاب الجلسة. 

كما أسفت "القوات اللبنانية"، كما قال المصدر "للخفة التي يتعامل فيها البعض ضارباً عرض الحائط بتعهداته وكلامه ووعوده، فيما خطأ القوات، ربما، انها اعتقدت أن كلمة الرجال هي كلمة لا عودة عنها، وعلى هذا الأساس اقترعت للأسماء الخمسة على أساس ان مرشحها سيطرح في الحكومة، ولكنها تفاجأت أمس ان من أعطوا وعوداً تراجعوا عنها تحت ضغط الوزير جبران باسيل… فهنيئا للرجال أولاً، وهنيئاً لباسيل ثانياً من أجل ان يستكمل وظيفته ومهمته في تهديم الدولة ومؤسساتها". 

وفي المقابل، برر مصدر في "تكتل لبنان القوي" ما جرى في مجلس الوزراء بقوله "إن القوات اللبنانية طلبت حصة في المجلس الدستوري، والتيار الوطني الحر كان موافقاً، لكن القوات أصرت على ان يكون مرشحها لهذا المنصب حصراً من الطائفة المارونية. إلّا أنّه تبيّن ان المرشح الماروني لهذا المنصب من جانب التيار الياس ابو عيد هو أكثر كفاءة في مجال العلوم الدستورية وله مؤلفات وصاحب سمعة مرموقة، وإزاء إصرارهم على سعيد مالك، انتهى الامر بعدم تعيين أي مقرّب من القوات اللبنانية في المجلس الدستوري". 

واستغرب مصدر في "تيار المستقبل" عبر "النهار" ان تشمل الحملة "القواتية" في هذا الموضوع الرئيس الحريري الذي لم تكن له اي علاقة بما حصل لدى انتخاب الأعضاء الخمسة في مجلس النواب حيث حصلت التسوية بين "القوات" والرئيس بري كما ان الرئيس الحريري لم يكن له أي دخل أمس في ما آلت اليه الأمور. 

من جهة ثانية، قال مصدر وزاري لـ"اللواء" حول السجال الذي اندلع على خلفية تعيينات المجلس الدستوري: مَن تنصل من التصويت للموازنة، لا يسأل لماذا يتنصل الآخرون من الإلتزام بحصة.

ووفقاً لما اشارت إليه "اللواء" أمس، فقد استكملت الحكومة نصاب المجلس الدستوري بتعيين الأعضاء الخمسة من حصتها ومن خارج جدول الأعمال، خلال الجلسة الأولى لمجلس الوزراء التي انعقدت في المقر الرئاسي الصيفي في بيت الدين، مستفيدة من التوافق الذي تمّ أمس الأوّل، بين رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل، على العضو الماروني الثاني في المجلس.

والاعضاء الذين تم تعيينهم أمس هم: الدكتور عمر حسن حمزة (سني)، الدكتور فوزات خليل فرحات (شيعي)، المحامي الياس بو عيد(ماروني)، المحامي الياس مشرقاني (كاثوليك، والنقيب عبد الله الشامي (ارثوذوكس). 
وفي تقدير مصادر مطلعة، ان إخلال "التيار الحر" بوعده بالنسبة إلى المرشح الماروني الثاني، كان هدفه تأمين الفوز برئاسة المجلس الدستوري من خلال القاضي طنوس مشلب الذي انتخب عضواً من حصة المجلس النيابي، قبل شهرين، وهو نجح في ضمان الفوز له بالرئاسة، بعدما أزاح من طريقه مرشحاً الطائفة المارونية ربما كان يأمل بأن ينافسه على هذا المركز.

أفادت معلومات لـ"الجمهورية" بشأن تعيينات المجلس الدستوري، انّ "التيار الوطني الحر" استأثر بالأسماء المسيحية الثلاثة المعينة امس. والى ابو عيد اختار الوزير جبران باسيل صديقه المحامي الياس مشرقاني، ونقيب المحامين السابق في طرابلس عبدالله الشامي، وهو والد مسؤول التيار في منطقة الضنية، والدكتور فوزات خليل فرحات من حركة "امل" وهو مستشار رئيس الجامعة اللبنانية حالياً. اما القاضي عمر حمزة فهو من انصار تيار "المستقبل"، مضيفة "انّ سلة من التعيينات بدأ تحضيرها تمهيداً لإقرارها قريباً، وتشمل: رئيس مجلس شورى الدولة، رئيس هيئة القضايا والتشريع، رئيس مجلس القضاء الاعلى، المدّعي العام التمييزي، وهناك توافق حول القاضي غسان عويدات، لكنه سيُطرح ضمن سلة تعيينات قضائية، وثمانية من مجلس اعضاء ادارة كهرباء لبنان".

بدورها، اكدت مصادر وزارية ونيابية لـ"الحياة" ان التراجع عن اتفاق سابق على أن يسمي حزب "القوات اللبنانية" العضو الماروني الثاني في المجلس الدستوري في مجلس الوزراء كان مؤشرا سلبيا إلى الاتجاه الذي ستسلكه الأمور في المرحلة المقبلة. وذكرت أنه عند انتخاب الأعضاء الخمسة من قبل المجلس النيابي في شهر حزيران الماضي أصر "التيار الوطني الحر" على انتخاب مرشحه لرئاسة المجلس القاضي طنوس مشلب من حصة البرلمان، في وقت كان لـ"القوات اللبنانية" مرشحها، فجرى الاتفاق في هيئة مكتب المجلس النيابي في حينها، على أن يؤخذ بإسم مرشح القوات في تعيين الماروني الثاني من الأعضاء الخمسة الذين هم من حصة الحكومة، والذين تم تعيينهم بالأمس.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o