Aug 19, 2019 1:04 PM
اقتصاد

مؤشر "جمعية تجار بيروت – فرنسَبنك لتجارة التجزئة"
للفصل الثاني مـن 2019: استمرار تراجع الاستهلاك

المركزية- ما زال "مؤشر جمعية تجار بيروت – فرنسَبنك لتجارة التجزئة" للفصل الثاني من سنة 2019، يشير الى "استمرار التراجع في الحركة الاستهلاكية. وبات التركيز اليوم منصبّاً على مصير الموازنة وبنودها، وأيضاً على تصنيفات المؤسسات الدولية وتقييم البنك الدولي وتجاوب الدول المشاركة في مؤتمر CEDRE، ولكن أيضاً على تطمينات سعادة حاكم مصرف لبنان، لا سيما في الشقّ النقدي".

وجاء في نَص المؤشر: "لم تطرأ خلال الفصل الثاني لسنة 2019 أي تطوّرات إيجابية على الساحة الاقتصادية اللبنانية من شأنها أن تنشّط الحركة في الأسواق. لا بل ظلت الأنظار مركّزة على طروحات وزارة المال والحكومة وعلى بحثها عن موارد تساهم في خفض العجز في ميزان المدفوعات عبر طروحات متنوّعة لخفض العجز في الميزان التجاري، إن من خلال زيادة الرسوم الجمركية على الواردات، أو رفع الضريبة على فوائد الودائع في المصارف.

فكثُر التداول والتشاور في رفع الرسوم على السلع المستوردة بحجّة الحمائية للصناعة الوطنية من دون تقديم دراسات مُقنعة لوقع مثل تلك الإجراءات على النشاط التجاري بصورة خاصة والوضع الاقتصادي بشكل عام. بالإضافة أنه لم يتم الاحتياط لما قد يؤدّي إليه رفع الضرائب على فوائد الودائع في المصارف من هجرة للودائع الكبيرة، وتضاؤل إقبال ودائع جديدة مثلها، وارتفاع إضافي في معدّلات الفوائد وانكماش في التسهيلات المصرفية التي يساهم جزء كبير منها في دوران العجلة الاقتصادية في البلاد. علماً أن لا شيء سوى النمو سيسمح للبنان باستعادة عافيته الاقتصادية، من حركة في الأسواق وإنتاج في المصانع وإستحداث لفرص العمل وإعادة إستقطاب الإستثمارات.  فإستعادة العافية والنمو مقرونة بسياسات إقتصادية علمية يحتـُـسب وقعها بدقـّـة وتثبت جدواها.

فكانت حالة الترقـّـب هي السائدة في أوساط التجار في العاصمة وكافة المناطق اللبنانية الأخرى، والذين ظلّ البعض منهم يتمتــّـع بالقدرة على الصمود في إنتظار الفرج الموعود، إنما قرّر في المقابل عدد آخر ليس بقليل إقفال متاجرهم ومؤسساتهم – أو تأجيرها لغير اللبنانيين، إذ باتوا غير قادرين على الإستمرار تحت وطأة تكاثر الواجبات والمتطلـّـبات والإلتزامات والمستحقـّـات والمصروفات في ظلّ قلـّـة في النشاطات وإنخفاض حادّ في أرقام الأعمال وإرتفاع في الفوائد المصرفية وغياب للتسويات في الغرامات لمالية الدولة والضمان الإجتماعي والجهات الرسمية الأخرى ... (وقد بلغت الإقفالات في بيروت وحدها ما بين 4 % و13 % وفقاً لمسح ميداني لأسواق المدينة المختلفة، وما فاق تلك النسبة في المناطق).

إذاً، لم تكن حركة الأسواق والنشاط الاستهلاكي خلال الفصل الثاني لهذه السنة بالمستوى الأدنى المتوقـّـع، بالرغم من أن شهر رمضان وعيد الفطر المبارك وعيد الفصح المجيد تزامنا في هذا الفصل، إنما لم تشهد البلاد قدوماً مـُـرضياً للزوّار العرب أو سواهم، ولا رجوعاً للمغتربين كالمعتاد مناسبات مماثلة، فلم تشهد المحال والمؤسسات التجارية الإقبال المعهود الذي يمثـّـل لديهم نسبة هامة من مبيعاتهم السنوية.

فبقيت الأسواق، في معظم قطاعاتها، تشكو من حالة تراجع حاد في أرقام أعمالها، بما فيها القطاعات المعيشية كالمواد الغذائية والحياتية الأساسية، مقارنة بأرقام السنة الماضية.

وتزامناً مع هذا الوضع، سجـّـل معدّل التضخـّـم ما بين الفصل الثاني لسنة 2018 والفصل الثاني لسنة 2019 نسبة + 1.69 % وفقاً للأرقام الصادرة عن إدارة الإحصاء المركزي، وذلك بالرغم من إستمرار التخفيضات والعروضات السخية التي ظلّ التجار يقدّمونها طوال هذه الفترة، لا سيما إبـّـان إطلاق حملة # فكـّـر_بلبنان في شهر آذار المنصرم والحث على تخفيض إضافي في الأسعار من قـِـبل جمعية تجار بيروت.

أظهرت النتائج المجمـّـعة لأرقام أعمال قطاعات تجارة التجزئة إنخفاضاً حقيقياً في الفصل الثاني لسنة 2019 بالمقارنة مع النتائج المجمـّـعة للفصل الثاني للسنة السابقة (أي بعد التثقيل بنسبة مؤشر غلاء المعيشة لهذه الفترة) بنسبة بلغت – 6.00 % مقابل - 7.94 % للفصل السابق له.

وبعد إستثناء قطاع المحروقات (الذي شهد زيادة في الكميات تناهز + 7.09 % بالمقارنة مع مستويات الفصل الثاني لسنة 2018)، يتبيـّـن أن التراجع الحقيقي في أرقام الأعمال المجمـّـعة لقطاعات تجارة التجزئة بلغ نسبة – 9.89 % بالمقارنة مع مستوى أرقام أعمالها المجمـّـع خلال الفصل الثاني من السنة الماضية (أيضاً دون قطاع المحروقات) مقابل – 10.05 % للفصل السابق له.

إن هذه النتائج تبيـّـن بوضوح أن التجار باتوا في حالة صعبة للغاية، وأن عدداً منهم لم يعد قادراً على الصمود، كما تمّ ذكره سابقاً، فيتمّ صرف الموظفين والعمـّـال وإقفال المصالح أو تأجيرها – لغير اللبنانيين في حالات كثيرة، ولجهات عمل مختلفة عن نوعها الأصلي.

فطال إنتظار مفاعيل الإصلاحات الإقتصادية التى وُعِد بها كافة الأفرقاء الإقتصاديين، وطال وصول وتبلور مفاعيل الدعم الذى قـُـرّر للبنان في مؤتمر " سيدر" على شكل مشروعات إستثمارية بنيوية منذ أكثر من عام، ولم ترجع الإستثمارات الخاصة لحينه، ولم تلحظ موازنة 2019 أي إستثمارات عامة لإعادة تنشيط العجلة الإقتصادية، وإرتفعت الفوائد، ولم تتـّـخذ الجهات المعنية – على إختلافها، أي قرارات بتمديد المهل أو تسوية الغرامات أو غيرها من التدابير التي قد تسمح للتجار تعدّي هذه الفترة المتأزّمة، فتسارع مسلسل الإقفالات، والخوف من الأعظم في الفترات اللاحقة.   

وبالنظر الى أرقام الفصل الثاني من هذه السنة بالتفصيل، يتمّ الملاحظة بأن أرقام أعمال تجارة التجزئة خلال هذا الفصل تشير الى إستمرار التراجع، الذي ظل سيد الموقف في معظم القطاعات، وأن التقشـّـف في الإنفاق والاستهلاك بات معهوداً لدى الأفراد والأسر بسبب التأنـّـي لمعوقات تمّ الإشارة إليها سابقاً.

من جهة أخرى، وبالرغم من أن مؤشر غلاء المعيشة ما بين الفصلين الأول والثاني لسنة 2019 سجـّـل تحسـّـناً طفيفاً بنسبة – 0.25 % (أي انخفاض في الأسعار)، تبيـّـن دراسة أرقام أعمال القطاعات المختلفة للفصل الثاني من 2019 تراجعاً بالمقارنة مع أرقام الفصل السابق له، بالرغم من المناسبات الدينية التي تمّ الإشارة إليها سابقاً، ومن إنتعاش نسبي – ومنطقي نظراً للمناسبات، في بعض القطاعات ...

فقد طال التراجع إذاً قطاعات مختلفة من تجارة التجزئة، لا سيما قطاعات السلع التي لا تُعتبر أساسية أو معيشية، فيما لحظت قطاعات أخرى، الى جانب قطاع الوقود للسيارات، بعض التحسـّـن بسبب الأسباب الموسمية والأعياد (اللعب، المواد الغذائية والمخابز، العطور، الأجهزة المنزلية الكهربائية، ...)، ولكن أيضاً بسبب التحسـّـن الذى سجـّـله مؤشر غلاء المعيشة في البعض منها (على سبيل المثال انخفاض الأسعار بنسبة - 3.55 % في قطاع المواد الغذائية والمشروبات غير الروحية، في الحين الذى سجـّـل فيه المؤشر المجمـّـع - 0.25 %، وفقاً لإدارة الإحصاء المركزي).

عليه، جاءت النتائج المجمـّـعة لكافة قطاعات تجارة التجزئة لتسجـّـل تراجعاً حقيقياً في أرقام الأعمال المجمـّـعة بنسبة – 3.28 % بعد إستثناء قطاع المحروقات (الذي شهد هو الآخر معدّل زيادة ملحوظ في الكميات المباعة بلغ + 8.34 % لهذه الفترة).

في ضوء ما سبق، وبعد الإشارة إلى أن المؤشر الأساس (100) الذي قد تم تبنّيه هو للفصل الرابع لسنة 2011، وأن تضخم الأسعار خلال الفصل الثاني من سنة 2019، وفقاً لإدارة الإحصاء المركزي، بلغ + 1.69%، نعلن عن أن "مؤشر جمعية تجار بيروت- فرنسَبنك لتجارة التجزئة" هو: 44.14 للفصل الثاني من سنة 2019 مقابل 44.24 في الفصل الأول من هذه السنة.

إن "مؤشر جمعية تجار بيروت – فرنسَبنك لتجارة التجزئة" للفصل الثاني من سنة 2019 ما زال يشير الى استمرار التراجع في الحركة الاستهلاكية. وبات التركيز اليوم منصبّاً على مصير الموازنة وبنودها، وأيضاً على تصنيفات المؤسسات الدولية وتقييم البنك الدولي وتجاوب الدول المشاركة في مؤتمر CEDRE، ولكن أيضاً على تطمينات حاكم مصرف لبنان، لا سيما في الشقّ النقدي".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o