Aug 17, 2019 10:28 AM
خاص

هل تشكل زيارة الحريري انذارا مبكرا لطريقة التعاطي مع زوّار لبنانيين آخرين
اولويات بيروت وواشنطن واحدة ما عدا ملف العقوبات على حزب الله

المركزية – رغم حجم الأولويات اللبنانية التي اعقبت تطويق ازمة قبرشمون واقرار موازنة العام 2019 والقرارات الإقتصادية التي يزمع لبنان المباشرة بها من خلال التحضير لموازنة العام 2020 وما قالت به خطة "ماكينزي" ومتابعة الإجراءآت التي تؤدي الى تطبيق مقررات "سيدر" وموجباتها، فقد فرضت زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري الى الولايات المتحدة الأميركية جدولا موازيا بالإستحقاقات قياسا على حجم الملفات التي طرحت في لقاءات واشنطن التي عاينت العديد من المشاريع الحيوية التي تعني اللبنانيين بمختلف اطيافهم بالنظر الى حجم الرهان على دعم الإدارة الأميركية وحجم تفهمها لحاجات لبنان والظروف الصعبة التي يواجهها.

وفي ضوء المعلومات الأولية التي تسربت من واشنطن تصريحا وتلميحا، فقد قرأت مراجع الدبلوماسية عبر"المركزية" توافقا لا سابق له على الإطلاق بين القضايا التي طرحت هناك وتلك المطروحة على المسؤولين اللبنانيين باستثناء الملف المتصل بالعقوبات الأميركية على حزب الله وتردداتها المحتملة رغم اعتبارها من "القضاء والقدر" الذي على اللبنانيين مواجهتهما والسعي الى التخفيف من كلفتهما قدر الإمكان.

واضافت هذه المراجع "لا شك ان الحديث الأميركي المتواصل حول العقوبات المفروضة على ايران واذرعها في المنطقة والعالم تطال جزءاً من اللبنانيين يتمثل بحزب الله بقيادتيه السياسية بمختلف وجوهها النيابية والحكومية كما العسكرية والأمنية ومختلف اوجه الحياة اليومية لقيادة الحزب ومسؤوليه بالإضافة الى مجموعة من المقربين منه من المسؤولين اللبنانيين في مواقع حكومية وسياسية وحزبية مختلفة.

وعليه، فان مضي الإدارة الأميركية ببرامج العقوبات لا حدود ولا سقوف محددة لها. وهي تستعد للمزيد من الخطوات التي تعتقد واشنطن– عن حق او عن خطأ – انها ستؤتي ثمارها ولو بعد حين رغم قناعة اللبنانيين بصعوبة الوصول الى تلك المرحلة واستحالتها في ظل موازين القوى على الساحة اللبنانية والمنطقة وعدم وجود اي قوة لمواجهة الحزب. وهو ما أكده الرئيس الحريري اكثر من مرة اثناء زيارته الأميركية، تحديداً عندما قال في توصيفه للموقف الأميركي وانعكاساته على لبنان في دردشة مع الصحافيين بعد لقائه وزير الخارجية مايك بومبيو "ان الموقف الاميركي معروف من حزب الله ولا يمكننا تغييره لكننا نسعى دائما كحكومة لتحييد الدولة وتجنيبها تبعات هذه العقوبات". وأضاف في الإطار "شرحنا وجهة نظرنا بموضوع العقوبات بضرورة تجنيب لبنان تبعاتها" ملمّحا الى ان "رسالتنا وصلت بشكل جيد". ولم يخف الحريري أنه "يتم التداول اليوم اكثر من اي وقت مضى بامكان ان تطال العقوبات حلفاء لحزب الله، خصوصاً في الكونغرس" لكنه اضاف مشككا بنتائج هذه المحاولات وقال: "لا يمكن الوصول الى اي نتيجة حتمية" وقال بوضوح واطمئنان بانها "لن تصل الى اي نتيجة".

على هذه الخلفيات، برزت وجهات النظر المختلفة بين بيروت وواشنطن بوضوح لكنها لم تحل دون سعي لبنان الى استيعاب المواقف الأميركية وتجنّب ان تطال عقوباتهم اللبنانيين ومؤسسات الدولة الأساسية كالجيش والمؤسسات العسكرية والأمنية وهو ما إطمأن اليه اللبنانيون من خلال ما سمعه الحريري من المسؤولين وما عبرت عنه الإدارة الأميركية بمختلف مؤسساتها. فهي التي شددت بمختلف الأشكال ومن مواقع مختلفة على الفصل النهائي بين برامج العقوبات وما تحتاجه القوى العسكرية والأمنية اللبنانية من دعم فعليها تقع مسؤولية الدفاع عن لبنان دون غيرها من القوى غير الشرعية في إشارة دائمة الى رفضها لثلاثية "الجيش والشعب والمقاومة". هذا بالإضافة الى تأكيداتهم بمساعدة لبنان للوصول الى مليارات "سيدر واحد" ومن اجل تشجيع المؤسسات الدولية المانحة على التعاطي مع لبنان بايجابية والسعي الى تزخيم المفاوضات من اجل الإسراع بترسيم الحدود البحرية والبرية توصلا الى استثمار ثروات لبنان النفطية.

وبناء على ما تقدم، تجزم المراجع السياسية والدبلوماسية ان العقوبات الأميركية على انصار ومؤيدي حزب الله من اللبنانيين آتية لا محالة لكنها قد تكون بأشكال ووسائل مختلفة عمّا سبقها وهي ستنفذ بحق البعض منهم من دون اعلان مباشر نتيجة المخاوف التي عبّر عنها الحريري وتفهمها الأميركيون بشكل واضح وهي قد تظهر من خلال الحصار الدبلوماسي والسياسي المحتمل تجاه بعض المسؤولين.

ويعتقد بعض العارفين بخفايا الامور عند ترجمتهم لهذه النظرية ان زيارة الرئيس الحريري في توقيتها وشكلها ومضمونها يجب ان تشكل رسالة مبكرة الى من يعنيهم الأمر في لبنان. فان اي مسؤول لبناني آخر لن يلقى الدعم الذي لقيه الحريري في واشنطن ولن يكون له المواعيد التي حددت له رغم انها زيارة عائلية في شق كبير منها. وهو امر ستبرز أهميته ان زار احدهم واشنطن او نيويورك في وقت قريب حيث سيظهر الفرق الكبير بين ما لقيه الحريري من ترحيب اميركي لن يلقاه المسؤولون الآخرون وان على "اللبيب من الإشارة ان يفهم".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o