Jul 18, 2019 1:28 PM
خاص

هل يتراجع لبنان عن تنفيذ قوانينه تحت وطأة الشارع؟
تنصُّل الحكومة من قرار أبو سليمان رصاصة قاتلة في قلب الدولة وهيبتها

المركزية- خلال اطلاقه مطلع حزيران الماضي خطته لتنظيم العمالة الاجنبية في لبنان، اكد وزير العمل كميل ابو سليمان ان "هدفنا حماية اليد العاملة اللبنانية وتطبيق القوانين"، مشيرا الى ان "هذه الخطة بعيدة من العنصرية وتساعد على صون حقوق العمال الاجانب". واوضح "اننا وضعنا خطة لمكافحة العمالة غير الشرعية ترتكز بخطوطها على: اعطاء مهلة شهر للمخالفين من اجل تسوية اوضاعهم تبدأ في 10 حزيران، تفعيل جهاز التفتيش في الوزارة، انشاء غرفة مشتركة بين وزارة العمل وقوى الامن والامن العام وامن الدولة وتحرير محاضر ضبط".

لم يكن الوسطان السياسي والشعبي، حينها، يدركان ان ما وعد به الوزير القواتي، سيلتزم بتطبيقه على ارض الواقع، في شكل جدي، في بلد اعتاد اعلان "الخطط" ورميها على الرفوف ليتآكلها الغبار، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ"المركزية"... لكن الرجل ليس من هذه "الطينة". فقرن قوله بالفعل وباشر، تنفيذ ما رسمه. تدريجيا، بدأت ترتفع صرخات الاحتجاج من حناجر المتضررين، أوّلهم العمال السوريون غير الشرعيين، ومن ثم الفلسطينيون، وقد كانت لهؤلاء التحركات الاوسع رفضا لقرارات وزير العمل، حيث تحوّلت قطعَ طرقات وأعمال شغب وتظاهرات مع تلويح بخطوات تصعيدية، فاستدعى هذا الواقع اتصالات دخل على خطها أبو سليمان وقيادات فلسطينية من أعلى الهرم، أبرزها الرئيس محمود عباس الذي دعا الى الحوار لحل الأزمة الناشئة.

وفيما يُعتبر الاعتراض، طبيعيا ومتوقّعا كون القانون يفرض على الفلسطينيين تنظيم أوراقهم وترتيبها، كان مستغربا التنصل التدريجي الرسمي من قرار أبو سليمان. خطّته كانت تحظى بغطاء سياسي رئاسي وحكومي، الا انه تلاشى في الساعات الماضية تحت وطأة تحرّكات الشارع، حيث أعلن رئيس الحكومة سعد الحريري في مستهل الجلسة التشريعية اليوم، انه سيطلب من وزير العمل ان يرفع القرار بشأن مكافحة اليد العاملة الاجنبية غير الشرعية الى مجلس الوزراء لاتخاذ القرار الملائم بهذا الموضوع، في وقت أكد برّي أنه سيطلب من أبو سليمان عقد مؤتمر صحافي لإعلان انتهاء العمل بالقرار الجديد. وكان عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي عمار  أول من أثار الموضوع وطالب بعودة وزير العمل عن القرارات التي اتخذها لانها تهدد بتفجير الوضع في المخيمات. وقد ناشد المعنيين، بناء على ما حدث ليل أمس من اضطرابات امنية، بأن يتم سحب الموضوع والعودة الى القرار السابق "لأن الجيش أنهك بما حصل"... في المقابل، أكد أبوسليمان انه أعطى تعليماته لتسهيل إعطاء اجازات العمل بأسرع وقت، وقال "كل ما نفعله في وزارة العمل هو تطبيق القانون ونريد ان نعامل الفلسطينيين كلبنانيين وفقا للقوانين، ليتوقف الشغب على الطرقات لأن لا معنى له وقانون العمل اللبناني يحمي العمال الفلسطينيين من الطرد التعسفي". واضاف "مستمرون بتطبيق القانون ولا قرار ضد الفلسطينيين ونطبق القوانين التي تؤمن لهم التسهيلات، لا افهم الاحتجاجات وكل ما نفعله هو تطبيق القوانين وحماية الفلسطينيين أنفسهم".

وسط هذا المشهد الملبد، ترى المصادر ان الدولة امام امتحان جديد، لهيبتها. فهل يجوز ان تتراجع عن تطبيق قوانينها، تحت ضغط التظاهرات؟ وهل يجوز ان يُطالَب وزيرٌ بتعليق العمل بالقوانين اللبنانية، خاصة ان كان من شأنها حماية اللبنانيين من منافسة غير شرعية تحرمهم فرص عمل هم أحقّ بها من اي أحد آخر؟ وبعد، هل يمكن ان نرى ما يجري اليوم في بيروت، في أي دولة أخرى تستضيف لاجئين فلسطينيين؟ المطلوب اليوم، أن تنتصر الحكومة لقوانينها وليس فقط لوزيرها، أو فلتعدّل القانون الموجود. أما التراجع عن تطبيق القانون اللبناني، فيُعتبر رصاصة قاتلة اضافية، ستُسدَّدها الدولة في قلبها وصورتها، تختم المصادر.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o