Jul 18, 2019 6:05 AM
صحف

تسوية جديدة لحادثة الجبل... لإخراج الوضع الحكومي من التأزم

قالت مصادر وزارية مطلعة لـ"الشرق الاوسط" إن هناك محاولة جديدة قد تكون الأخيرة لإخراج الوضع الحكومي من التأزم بغية قطع الطريق على تحويل الحكومة إلى حكومة تصريف أعمال، وكشفت لـ"الشرق الأوسط" عن أنها تهدف إلى إيجاد تسوية للخلاف الدائر حول المرجعية القضائية التي يُفترض أن تتولى التحقيق ومن ثم النظر في حادثة الجبل.

وأكدت المصادر أن التسوية المقترحة تقوم على صرف النظر عن إصرار البعض على إحالتها إلى المجلس العدلي وإحالتها إلى القضاء العسكري بدلاً من القضاء المدني. ولفتت إلى أن الإحالة إلى القضاء العسكري مقرونة بالاتفاق على اسم قاضي التحقيق العسكري الذي سيتولى النظر في الملف، وقالت إن رئيس الحكومة سعد الحريري قطع شوطاً في المشاورات التي يجريها حالياً لتأمين التوافق الذي يدفع في اتجاه تبني هذه التسوية التي ستؤدي حتماً إلى تفعيل العمل الحكومي. ورأت أن الرئيس الحريري تشاور في اقتراحه مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري وعدد من ممثلي الكتل النيابية المشاركة في الحكومة على هامش انعقاد الجلسة النيابية التي خصصت لمناقشة الموازنة.

وعدّت المصادر الوزارية أن عدم تمكّن مجلس الوزراء من الانعقاد للتصديق على قطع الحساب بالتلازم مع إقرار البرلمان الموازنة، يعود إلى أن هناك من يشترط لتأمين انعقاده إدراج إحالة حادثة الجبل إلى المجلس العدلي من دون التريث إلى حين استكمال التحقيق الأمني في الحادثة، وهذا ما يلقى اعتراضاً من الرئيس الحريري وأطراف في الحكومة ليس لأنه هو الذي يتولى الدعوة لعقد الجلسة وتحديد جدول أعمالها فحسب، وإنما لرغبته في أن يستكمل التحقيق.

وقالت إن التمديد للحكومة مدة 6 أشهر للتصديق على قطوعات الحساب سيتم التعامل معه على أن هناك مشكلة في دعوة مجلس الوزراء للانعقاد للنظر فيها، بصرف النظر عما إذا كان المخرج الذي ابتدعه وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي يشكّل مخالفة للدستور أم لا، يمكن أن يستند إليها من يتطلع إلى الطعن فيه أمام المجلس الدستوري.

وكشفت المصادر عن أن الرئيس الحريري حاول عندما التقى رئيس "الحزب الديمقراطي اللبناني" النائب طلال أرسلان ثنيه عن الإصرار على إحالة حادثة الجبل إلى المجلس العدلي ونصحه بضرورة الاعتدال والتهدئة والتريث في طلبه هذا إلى حين استكمال التحقيق الذي ينتظر منه التجاوب بتسليم مطلوبين للتحقيق من حزبه. لكن أرسلان أصر على موقفه رافضاً تسليم أي مطلوب على أساس أنه متهم، وبالتالي اشتراط الاستماع إلى محازبيه بصفتهم شهوداً والإفراج عنهم فور تدوين إفاداتهم.

كما أن من يدعم أرسلان في موقفه هذا لم يبدِ مرونة تفتح الباب أمام الوصول إلى تسوية مع أن البعض كان يتوقع من رئيس الجمهورية ميشال عون التدخّل لإنضاج المساعي الهادفة إلى إيجاد تفاهم سياسي لا يقحم مجلس الوزراء في انقسام حاد ويحصره في الاحتكام إلى القضاء بعيداً عن فرض شروط مسبقة أقلها أن بعض الذين يدعمون أرسلان سمحوا لأنفسهم بتسمية القاضي الذي ستُسند إليه رئاسة المجلس العدلي.

كما أن الفريق الداعم لأرسلان وتحديداً "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" بادرا إلى إقفال الباب أمام احتمال التفاهم على تسوية تحمي مجلس الوزراء ولا تعطّل جلساته، واشترطا إحالة الحادثة إلى المجلس العدلي في مقابل موافقتهما على عقد جلسة للحكومة، فيما لفتت المصادر الوزارية إلى أن المقربين من رئاسة الجمهورية ليسوا في منأى عن الفريق الذي يدعم أرسلان.

وأكدت المصادر أن هذه الاعتبارات والمعطيات كانت وراء إصرار الرئيس الحريري على رفض الربط بين انعقاد مجلس الوزراء والإحالة إلى المجلس العدلي، لأن مجرد الجمع بين هذين "الخيارين" من دون التريث إلى حين استكمال التحقيق يعني أن هناك من يخطط سلفاً لاستهداف رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط رغم أن وزراء يجمعون على القول إن التحقيقات التي أجريت حتى الساعة استبعدت وجود كمين للوزير صالح الغريب أو أن هناك من يخطط لاغتياله.

وعليه، فإن هناك حاجة ماسة للوصول إلى تسوية تمنع تعطيل جلسات مجلس الوزراء، خصوصاً أن التمديد لإنجاز "قطع الحساب" لا يعني أن الطريق سالكة أمام تفعيل العمل الحكومي وأن "الألغام السياسية" أُزيلت من طريقه بقدر ما ستغرق في "تقطيع الوقت" في ظل تعذّر إنضاج الظروف لولادة مثل هذه التسوية، وإلا فإن الحكومة ستكون مضطرة لتمضية إجازة قسرية في ظروف استثنائية لا تحتمل إقحام البلد في لعبة التعطيل.

وفي السياق عينه، أكدت مصادر وزارية لصحيفة "الحياة" أن رئيس الحكومة سعد الحريري رفض وضع اقتراح إحالة حادثة قبرشمون على جدول أعمال أي جلسة لمجلس الوزراء، إذا لم تأخذ المعالجات المنحى القانوني الذي يفرض أصلا تسهيل استكمال التحقيقات، بتسليم أرسلان المطلوبين لديه. وأبلغ الحريري من يلزم أنه يوافق على ما يقبل به جنبلاط، ولن يسير بأي اقتراح لا يوافق عليه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط.

وبادر جنبلاط نهاية الأسبوع الماضي إلى إبلاغ رئيس الحكومة أن تسلسل خطوات المعالجة القانونية والمنطقية يقضي بداية بتسليم جميع المطلوبين ثم استكمال التحقيق، والمرحلة الثالثة صدور نتائج هذا التحقيق التي في ضوئها يتقرر إذا يتوجب إحالة الأمر على المجلس العدلي بدل القضاء العادي.

وكشفت مصادر واسعة الاطلاع لـ"الحياة" عن أن الحريري أبلغ رئيس الجمهورية ميشال عون أنه إذا من دعوة لعقد جلسة مجلس الوزراء في القصر الرئاسي أي برئاسة عون، فهو لن يضع على جدول أعمالها اقتراح الإحالة على المجلس العدلي، وإذا أصر الرئيس عون على طرح الاقتراح من خارج جدول الأعمال فإن الحريري سيتجنب الدخول بخلاف مع الرئيس ويغادر الجلسة. وهذا يعني نهاية الاجتماع.

وبينما راجت أنباء نهاية الأسبوع الماضي بأن جنبلاط مستعد للقبول باقتراح المجلس العدلي، نتيجة التباس في المعلومات بين دوائر القصر الرئاسي ورئيس البرلمان نبيه بري، علمت "الحياة" أنه حسما للجدل أبلغ جنبلاط الحريري أنه "إذا أفضى التحقيق إلى أن هناك ما يوجب إحالتها على المجلس العدلي، أنا مستعد أن أزور القصر الجمهوري وأعلن موافقتي على المجلس العدلي من عند الرئيس عون"، لكن البداية من تسليم المطلوبين وثم استكمال التحقيق.من جهة أخرى،

من حهة أخرى، علمت "الجمهورية" أنّ الساعات الماضية شهدت تداولاً بفكرة مخرج، يُقال إنّه مؤيّد من رئيس الجمهورية، وتقوم الفكرة على إحالة ملف حادثة قبرشمون على المحكمة العسكرية، مع تسليم كل المطلوبين من كل الاطراف، باعتبار انّ المحكمة العسكرية الطريق الأقصر الى النتائج من اية محاكمة وفي اي قضية، وهي يمكن ان تنطلق في غضون ساعات، تلي قبول الحزب الديمقراطي بتسليم مسلحيه، بعدما ابدى الاشتراكي قبوله بذلك بالتزامن بين الطرفين.

وبحسب المعلومات، فإنّ هذه الصيغة ناقشها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم نهاراً مع النائب طلال ارسلان والوزير صالح الغريب، ثم زار القصر الجمهوري واطلع رئيس الجمهورية على جواب ارسلان عليها، وعاد ونقلها مساء الى رئيس الحكومة سعد الحريري، الذي التقاه في احد مكاتب مجلس النواب على هامش الجلسة النيابية.

وفي السياق نفسه، علمت "الجمهورية"، ان التحقيقات التي وضعها فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي قد اكتملت، وهي ستكون في غضون الساعات المقبلة بتصرّف مدّعي عام التمييز بالوكالة عماد قبلان. والبارز في هذه التحقيقات، انّها توزع المسؤوليات على الطرفين. والمهم فيها انها تحمّل فريق المواكبة للوزير الغريب مسؤولية المبادرة بإطلاق النار فيما لم تكن الطريق مقطوعة امامه. وهو ما ابرزه الفيلم المصوّر الذي عُمّم على مواقع التواصل الاجتماعي. 

بحسب معلومات "الجمهورية"، فإنه حتى ولو انعقد مجلس الوزراء لبحث حادثة قبرشمون، فإنّ احالتها على المجلس العدلي قد لا تبدو ممكنة، بالنظر الى الانقسام الوزاري، الذي هو ترجمة للانقسام السياسي حول هذه الحادثة، وحتى ولو طُرح هذا الامر على التصويت في مجلس الوزراء، فلا توجد اكثرية وزارية تجيز الاحالة. فمجلس الوزراء منقسم بين 15 وزيراً ضد الاحالة، تيار المستقبل (5 وزراء مع رئيس الحكومة)، حركة "امل" (3 وزراء)، الحزب التقدمي الاشتراكي (وزيران) و"القوات اللبنانية" (4 وزراء). وبين 15 وزيراً مع الإحالة (وزراء رئيس الجمهورية وتكتل لبنان القوي (10 وزراء) و"حزب الله" ( 3 وزراء) وتيار المردة (وزير) واللقاء التشاوري (وزير).

وتضيف المعلومات، انّ الجهود تُبذل على اكثر من خط سياسي لبلوغ توافق يسبق الجلسة على مخرج مقبول من كل الاطراف، ويجنّب انعقاد الحكومة ويضعها امام لحظة طرح هذه المسألة على التصويت، الذي قد تترتب عليه سلبيات، جرّاء الانقسام الذي سيفرزه هذا التصويت.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o