Jul 10, 2019 3:25 PM
خاص

بين سطور الاصــرار على المجلس العدلي:
ضرب هيبة القضاء وحشر الحريري وجنبلاط

المركزية- يجهد رجل المهمات الصعبة، المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، في بث الأجواء الايجابية في ما يتعلق بمهمته لفض "إشكال قبرشمون" في جانبيه السياسي والقضائي، بعدما نجح "سعاة الخير"  في ضبط الغضب الشعبي الذي ما لبث أن انفجر مظاهر مسلحة ودموية، ضربت هيبة الدولة في الصميم.

لكن، إذا كان اللواء ابراهيم حرص، من على باب دار الفتوى، على التأكيد أن مهمته الصعبة تسجل بعضا من التقدم، فإن هذا لا ينفي أن لا تزال تصطدم بتصلب المواقف من جانب الأطراف المعنية بحوادث الجبل الأخيرة، لا سيما منها الحزب الديموقراطي اللبناني بزعامة النائب طلال إرسلان الذي لا يزال يصر على تحويل القضية إلى المجلس العدلي، أيا كانت "عواقب" هذا الاصرار، وإن كان هذا يعني ضرب الحكومة بداء الشلل إلى أجل غير مسمى. علما أن العهد، الذي يعتد إرسلان بكونه حليفا له، يبدو في غنى عن هذا النوع من الأزمات التي لا تخلو من تصفية الحسابات السياسية على حساب عمل المؤسسات الدستورية وتلك القضائية.

ومن المنظار المرتبط بالجانب القضائي من الملف تحديدا ، تقارب مصادر سياسية عبر "المركزية" الفصل الجديد من الأزمة التي أشعلتها نار الاشتباكات المسلحة في قبرشمون، معتبرة أن ما تشهده الساحة السياسية  في شأن الاحالة (أو عدمها) إلى المجلس العدلي، يعد إشارة خطرة إلى التدخل السياسي في عمل الأجهزة القضائية، علما أن السجال القائم اليوم في البلاد ليس الاشارة الوحيدة التي قدمتها السلطات في هذا الاطار، إلى اللبنانيين كما إلى المجتمع الدولي، فيما هي مدعوة إلى القيام بكل الخطوات اللازمة لكسب ثقة هذا الأخير، لا سيما في ما يتعلق بالأموال المرصودة للبنان في إطار مؤتمر سيدر.

على أي حال، فإن المصادر تدعو الطبقة السياسية المعنية بحادثة قبرشمون، إلى رفع أيديها عن القضاء، وتركه يقوم بعمله من حيث توصيف الجريمة واتخاذ القرار المناسب في شأنها"، مذكرة بأن الأمور تجري على هذا النحو في الدول الحضارية التي تحترم نفسها وناسها ويصبو اللبنانيون إلى بلد يكون في مصافها يوما.

وفي انتظار إقدام من يعنيهم الأمر على اتخاذ هذا القرار الجريء، تحذر المصادر من مغبة الذهاب بعيدا في الاصرار على نقل كرة نار حوادث الجبل إلى المجلس العدلي، ذلك أن تداعياتها السياسية قد لا تكون محسوبة بشكل حكيم يقي التسوية السياسية العريضة التي لا يزال الجميع (حتى اللحظة على الأقل) يتحركون ويتموضعون تحت سقفها) شر السقوط.

وفي هذا الاطار، لا تتوانى المصادر عن التحذير من أن بين سطور التمسك بالمجلس العدلي محاولة مكشوفة من جانب فريق 8 آذار، ما خلا رئيس مجلس النواب نبيه بري، للإمعان في حشر الزعيم الاشتراكي وليد جنبلاط في زاوية سياسية تناقض خياراته السياسية السيادية.

ومن هذا المنطلق، تدرج المصادر حوادث قبرشمون في سياق استمرار المواجهة المفتوحة التي تخوضها المختارة ضد خصومها التقليديين المعروفين، تماما كما كان الوضع عليه  إبان أحداث الجاهلية (1 كانون الأول 2018)، وقبلها جريمة الشويفات (8 أيار 2018)، داعيا إلى عدم الاستخفاف بكلام وزير الصناعة وائل أبو فاعور عقب لقائه الاثنين الفائت رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، حيث اعتبر أن "عقلية سيدة النجاة لا تزال تتحكم بذهن البعض"، في إشارة إلى ما يعتبره البعض "استخداما" مقصودا للانفجار الذي هز كنيسة سيدة النجاة في كسروان عام 1994 ، بهدف "ضرب القوات اللبنانية"، والزج برئيسها سمير جعجع  في السجن، على حد تعبيرهم.

وإلى جانب هذه الخشية الجنبلاطية من استعادة سيناريو سيدة النجاة، لا تخفي المصادر شكوكها إزاء احتمالات مضي محور 8 آذار في خوض المواجهة ضد رئيس الحكومة وصلاحياته، عن طريق السعي الدؤوب إلى المس بدوره الدستوري في إعداد جدول أعمال مجلس الوزراء.

وتنبه المصادر في السياق، إلى أن في وقت يعمل رئيس المجلس النيابي على تعبيد طريق تسوية كفيلة بوضع حد لكل الملفات التي قطعت شعرة معاوية بين جنبلاط وخصومه، يصر بعض حلفاء حزب الله على الامعان في الاجهاز على التسوية الرئاسية وعلى الدستور، بدليل تمسك إرسلان وتكتل لبنان القوي بنقل "قنبلة المجلس العدلي"، إلى طاولة مجلس الوزراء، مخالفين بذلك إرادة رئيس الحكومة. غير أن هذا الأخير يبدو متمسكا بورقة الصلاحيات، بوصفها سلاحه الأمضى في مواجهة هذه الأزمة. وهو ما أوحى به في خطاب ألقاه مساء أمس بإعلانه أنه لن يدعو إلى جلسة لمجلس الوزراء، قبل تكريس مناخات التهدئة.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o