Jun 17, 2019 3:37 PM
خاص

بين التحييد والنأي: لبنان عربي الهوية والانتماء

المركزية- تنفرد الحكومة اللبنانية في اعتماد مصطلح "سياسة النأي بالنفس" التي تُشكّل العمود الفقري لبيانها الوزاري وألف باء المجتمع الدولي في مقاربته لاي مسألة ترتبط بها بيروت.

وتعود جذور "النأي" الى "اعلان بعبدا" الذي اقرّه الفرقاء السياسيون جميعاً على طاولة الحوار في قصر بعبدا برئاسة الرئيس ميشال سليمان وبات وثيقة دولية رسمية مُسجّلة لدى منظمات عربية ودولية، بتشديده على مبدأ تحييد لبنان عن صراعات المنطقة وعدم جرّه الى سياسة المحاور القائمة.

لكن ما بين التحييد والنأي خيط رفيع يُحدد جوهر الاختلاف بين المصطلحين ولو انهما يصبّان في المكان نفسه.

فالتحييد من وجهة النظر القانونية هو خيار سياسي ثابت ودائم تتّبعه الدولة ويتطلّب مستلزمات منها التحييد الامني والعسكري والسياسي. بمعنى آخر انه تحييد كامل متكامل لا يقبل التجزئة، في حين ان النأي هو حالة ظرفية وعلى "القطعة". بمعنى ان الدولة تقررالنأي بنفسها عن قضية لها علاقة بدولة أخرى محددة من دون ان يسري ذلك على مسائل مرتبطة ببلد آخر.

ومع ان الفرق بين المصطلحين لا يعتبر شاسعاً الا انهما لا يخرجان عن "جوهر" السياسة الخارجية اللبنانية التاريخية التي كرّسها الميثاق الوطني والقائمة على مبدأ "لبنان مع العرب اذا اتّفقوا وعلى الحياد اذا اختلفوا". فلا يمكن للبنان ان يقف على الحياد او ان ينأى بنفسه عن محيطه العربي الشقيق الذي هو جزء اساسي منه عندما تتعرّض دولة منه لتهديد او عدوان من دولة اجنبية. وهذا ينطبق على ما تتعرّض له السعودية ودول خليجية من تهديد وعدوان من دولة غير عربية، لاسيما ما يحصل في خليج عمان ومضيق هرمز.

فموافقة لبنان ممثلاً برئيس الحكومة سعد الحريري على البيان الختامي لقمة مكة التي عُقدت منذ اسابيع والذي ندد بالتدخل الايراني في شؤونها وتهديد امنها واستقرارها ينبع من هذا المبدأ، كما تؤكد اوساط السراي لـ"المركزية"، موضحةً "ان "النأي بالنفس" لا يعني "تغريب" لبنان عن محيطه العربي واشقائه، بل على العكس عليه ان يكون الى جانبهم ضد اي عدوان او تهديد يتعرّضون له من دولة اجنبية، حتى لو كان ذلك من ايران".

واستغربت في السياق، مواقف امين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله الاخيرة التي انتقد فيها موقف لبنان الرسمي في قمة مكّة"، واعتبرت "ان آخر من يحق له "انتقاد" الرئيس الحريري في عدم التزامه بسياسة حكومته القائمة على مبدأ النأي بالنفس هو "حزب الله" نفسه، اذ كان اوّل من ضرب في عرض الحائط هذه السياسة باعلانه جهاراً المشاركة في الحرب السورية، وكان قبل ذلك قال على لسان مسؤوليه عن "اعلان بعبدا" "اغلوه واشربوا زومو".

ولفتت اوساط السراي الى "ان لا يحق لاحد ان يتجاوز التزامات الحكومة المُعلنة وان يتفرّد بمواقفه وأن يخرج عن الاجماع الوطني، خصوصاً اذا كان مشاركاً في حكومة وحدة وطنية. فلا يُمكن لهذا الفريق او ذاك ان يعتبر نفسه غير معني بسياسة النأي بالنفس او ان يتعامل معها "بالقطعة" فيتذكّرها ساعة تقتضي مصالحه ويقفز فوقها عندما تتعارض مع مشروعه السياسي".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o