May 25, 2019 1:41 PM
خاص

عام على تكليف الحريري: بعد التشكيل... لملمـة ذيـول تصفيــة الحسـابات

المركزية- عام بالتمام والكمال مضى على تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل حكومته الثالثة. صحيح أن هذه العملية استغرقت تسعة شهور قبل أن تبلغ البلاد بر أمان حكوميا، لكن الصحيح أيضا أن تكليف الرئيس الحريري والظروف السياسية التي حكمته وأدت إليه ولّد صراعات سياسية ومناكفات لا تزال البلاد والتوليفة الحكومية تعيشان تداعياتهما.

وفي السياق، تلفت مصادر مراقبة عبر "المركزية" إلى أن الاساس يبقى الصراع العلني الذي خاضه شريكا المصالحة المسيحية، التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية على حصصهما  في الحكومة، إنطلاقا من نتائج الانتخابات النيابية، علما أن الجانبين نجحا، في تكبير كتلتيهما النيابيتين. وإذ تلفت المصادر إلى أن الكباش السياسي بين الحزبين المسيحيين الأكبرين تجاوز السجالات الكلامية ومنصات مواقع التواصل الاجتماعي، ليبلغ الحكومة نفسها، بعدما دفع برئيس حزب القوات سمير جعجع إلى كشف النقاب عن مضمون اتفاق معراب، بعد أكثر من عامين على توقيع بنوده الذي أريدَ لها أن تبقى سرية.

وفي هذا الاطار، تلفت المصادر إلى أن التعايش القسري الذي اندفع إليه الحزبان المسيحيان تحت سقف الحكومة بغرض صون مكتسباتهما الانتخابية والشعبية، لم يمنع خلافهما المزمن من الانفجار على طاولة مجلس الوزراء، واضعا العصي في دواليب ما يعتبرها أركان الحكم "إنجازات" ينتظرها الناس من "الرئيس القوي" وعهده، خصوصا في ملفي الكهرباء وعودة اللاجئين السوريين.

وتشدد على أن إذا كان مجلس الوزراء قد نجح في القفز فوق المطب القواتي في ملف الكهرباء، فإنه فضل تجاهل السجال الذي فجره الدافعون في اتجاه التطبيع والتنسيق مع سوريا، حرصا على انتاجية الفريق الوزاري الذي تواكبه بعين الدقة والترقب الدول المانحة التي شاركت في مؤتمر سيدر. غير أن الكباش عاد وسبب في العلاقات المتوترة أصلا على خط معراب- ميرنا الشالوحي مقتلا، في سياق مسلسل الموازنة الحكومي الطويل، الذي يلازم اللبنانيين تماما كما مسلسلات شهر رمضان، بفعل تقديم رئيس التيار اقتراحات وأفكارا تعتبر القوات أنها أشبعت درسا، متخوفة من مزيد من التأخير.

وفي انتظار النهاية السعيدة لـ"دراما الموازنة"، تنبه المصادر إلى أن فيما يغرق مجلس الوزراء في الأرقام والاصلاحات وتوابعها، يخوض رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط فصلا جديدا من الحرب المفتوحة التي انطلقت بعيد تكليف الحريري قبل عام من اليوم. ذلك أن حربا ضروسا فتحها محور 8 آذار على زعيم المختارة مطالبا بتوزير رئيس الحزب الديموقراطي طلال إرسلان (المقرب من حزب الله)، إنطلاقا من نتائج الانتخابات التي خاضها إرسلان متحالفا مع التيار العوني، في ما اعتبر محاولة لتوجيه رسالة سياسية إلى جنبلاط في معقله السياسي الأول والأبرز. وتشير المصادر إلى أن حادثة الجاهلية (2 كانون الأول 2018) الشهيرة، تماما كما الكباش الأخير حول لبنانية مزارع شبعا أمران لا يمكن فصلهما عن هذا السياق، خصوصا أن جنبلاط لم يتوان عن توجيه الانتقادات الصريحة إلى حزب الله وحلفائه، على خلفية ملفات كثيرة نوقشت في مجلس الوزراء.

ولا تقتصر تداعيات الصراع السياسي الذي "نشب" بعد تكليف الحريري على الساحتين المسيحية والدرزية، بل إن شظاياها بلغت الميدان السني، في ما اعتبره عدد من المراقبين استهدافا مباشرا لرئيس الحكومة سعد الحريري الذي نجح في تكريس نفسه زعيما سنيا أول في البلاد. ذلك أن المصادر المراقبة نفسها تنبه إلى أن حزب الله لم يتأخر في خوض معركة الرد على "الحشد الشعبي" الذي سجله الحريري في استحقاق أيار 2018، فكان رأس الحربة في معركة تمثيل النواب السنة المناوئين للتيار الأزرق، وقد بلغ به الأمر حد تعطيل إعلان ولادة التشكيلة الحريرية في اللحظات الأحيرة كرمى لهم، قبل أن ينجح في تحقيق هذا الهدف في كانون الثاني الفائت.

صورة لا تتيح للمصادر إلا الدعوة إلى انتظار ما ستنتهي إليه  نقاشات الموازنة وترقب المرحلة المقبلة من الصراع الذي لا ينفي أحد أنه يحمل بين طياته حسابات سياسية آنية وأخرى بعيدة المدى والأهداف...

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o