May 24, 2019 6:39 AM
صحف

جلسة أخيرة للموازنة اليوم أم بدء اشتباك جديد؟

لعلّها أكثر المفارقات اثارة للسخرية ان تبقى موازنة 2019 المتأخرة والعالقة في اشتباك سياسي وزاري بات يحتاج الى أكثر من غرفة عناية مكثفة للإفراج عنها، فيما أوعز وزير المال علي حسن خليل الى الادارات والوزارات بالشروع في التحضير لوضع مشروع موازنة 2020 وفق الأصول الزمنية! ذلك ان هذه المفارقة برمزيتها كما بدلالاتها العملية أضافت بعداً مأزوماً جديداً الى المراوحة الغريبة التي حوصرت في دائرتها ولادة الموازنة في اللحظات الأخيرة التي كان يفترض ان تنتهي فيها الحكومة من اقرارها بعد 18 جلسة لمجلس الوزراء. ومع كل الكلام والمواقف التي تطلقها القوى السياسية عن مسببات التأخير ومبرراته وذرائعه، بات مجمل المأزق يعكس ما يتجاوز ملف الموازنة حتى لو انفرجت الامور في الساعات أو الأيام المقبلة. 
فالموازنة ستقر في النهاية وبعجز يقارب 7 في المئة أو أكثر بقليل بما يتيح للبنان التوجه برسالة ايجابية مالية أولى الى نادي الدول المانحة في مؤتمر "سيدر" بما يمكن الحكومة ولا سيما منها رئيسها سعد الحريري المندفع الأول والأكثر حرصاً على الشروع في تنفيذ مشاريع "سيدر" الانطلاق نحو مرحلة متبدلة يؤمل ان تحمل ملامح انفراجات تنموية واقتصادية وتالياً اجتماعية ومالية. لكن اقرارها سواء حصل اليوم أو بعده سيأتي محفوفاً بمزيد من تآكل الثقة بين المواطنين والسلطة من جهة وبين مكونات الحكومة في ما بينها من جهة أخرى، علماً ان المخاض الشاق لمناقشة الموازنة وإقرارها عمق الشروخ القائمة بين قوى عدة مشاركة في الحكومة وخصوصاً بين "التيار الوطني الحر" وحركة "امل" عبر الوزيرين علي حسن خليل وجبران باسيل، ورسم أيضاً ظلالاً كثيفة على الاستحقاقات المقبلة في ظل هشاشة التماسك الحكومي الذي فضحته مناقشات الحكومة للموازنة والتي اثبتت الصعوبة الكبيرة لتوحد الحكومة وتصرفها كفريق عمل لدى مواجهتها استحقاقات تحتاج الى هذه الوحدة. 
في أي حال ، لم تجزم مجمل المعطيات المتوافرة عشية الجلسة التي سيعقدها مجلس الوزراء بعد ظهر اليوم في السرايا للعودة الى مناقشة طروحات واقتراحات اثيرت في الجلسة الاخيرة، بوضوح بأن المجلس سيخرج باعلان انهاء مناقشاته للموازنة تمهيداً لولادتها النهائية في جلسة أخيرة تعقد في قصر بعبدا. 
وقالت مصادر وزارية مساء أمس إن من الأفضل التريث وعدم اطلاق توقعات مسبقة جازمة في هذا الاتجاه أو ذاك لأن المعلومات المتوافرة تشير الى تمسّك وزير الخارجية بالمضي في مناقشة الكثير المتبقي من بنود وردت في ورقته التي قدمها قبل أيام وان وزراء "تكتل لبنان القوي" يصرون على استنفاد مناقشة هذه البنود من دون التوقف عند عامل الوقت. لكن المصادر لفتت الى ان الساعات الـ48 الأخيرة التي أرجئت الجلسات خلالها شهدت تطوراً لا بد من رصد آثاره على مواقف القوى السياسية من مزيد من التأخير للجلسات وهو يتمثل في ان قوى عدة في الحكومة بدأت تبلغ الرئيس الحريري مباشرة أنها تحمل الوزير باسيل وتياره التبعة المباشرة للتمادي في تأخير اقرار الموازنة وما يترتب على ذلك من تداعيات ستتمدد الى مجلس النواب وفتح ملف تشريع الانفاق مجدداً بدءاً من الأول من حزيران باعتبار ان قانون الانفاق على القاعدة الاثني عشرية ينتهي مفعوله في نهاية ايار الجاري.

70% للموازنة! ومع جلسة اليوم، تكون الحكومة أنفقت ما نسبته 70٪ من جلساتها الـ26 لإقرار الموازنة، مع انقضاء مائة يوم غداً، على منحها الثقة من قبل مجلس النواب في 15 شباط الماضي.

وعشية الجلسة، نسبت مصادر مطلعة لـ"اللواء" إلى الرئيس الحريري قوله: "انه ليس في وارد المشاركة بأي سباق سياسي لا جدوى منه، وان دوره ينصب على التواصل إلى موازنة تترجم الشراكة الوطنية في تحقيق النهوض الاقتصادي والإصلاح المنشود.

وفي ضوء الاتصالات التي لم تنقطع سواء المباشرة أو عبر الوسطاء، أو بالهاتف، ارتؤي ان الإتجاه المتقدم لإنهاء المناقشات اليوم، جعل من الطبيعي إعادة النظر في زيارة الرئيس الحريري إلى بعبدا، على ان تكون عبر خلوة يعقدها مع الرئيس ميشال عون، قبل الجلسة التي ستقر الموازنة في القصر الجمهوري غداً أو مطلع الأسبوع.

وفي انتظار ما يُمكن ان يطرأ من تطورات في الساعات المقبلة، لاحظت مصادر وزارية، ان الرهان معقود حالياً على التفاهم المطلوب بين الرئيسين عون والحريري لإخراج مشروع الموازنة من عنق الزجاجة العالق فيها بفعل المناكفات السياسية والمزايدات الشعبوية، واقراره في الجلسة المفترض ان تكون الأخيرة اليوم، معربة من تخوفها من ان تصل الأمور إلى التصويت، فيما لو استمرت المناقشات تدور في دوّامة المراوحة، الا انها أعربت عن ارتياحها لما آلت إليه نسبة العجز بملامستها حدود 7،5 في المئة، الأمر الذي انعكس إيجاباً على الوزراء والقوى السياسية التي يمثلونها في الحكومة، خصوصاً وان أصداء إيجابية بلغت المؤسسات الدولية المهمة بلبنان وموازنته وارقامها.

لكن مصادر سياسية، أعربت من جهتها عن اعتقادها لـ "اللواء"، ان موضوع الإصرار على تخفيض نسبة العجز عن النسبة التي تمّ الوصول إليها، مرده، في نظر بعض الوزراء، ولا سيما الوزير باسيل، الإبقاء على هامش والتحسب من أي طارئ يدفع إلى رفع العجز.

واكدت المصادر نفسها انه على رغم الجو المتوتر الذي ساد مناقشات جلسات مجلس الوزراء مؤخراً بشأن ملف الموازنة  فإن هذا الملف سيقر وسيكون البلد امام موازنة جديدة مؤكدة ان الجلسة اليوم هي اختبار لحسن السير بها مع العلم ان اتصالات يفترض ان تكون سبقت هذه الجلسة لتهدئة الجو المشحون واعادة الأمور الى نصابها .

واشارت الى "ان اطالة جديدة لأمد جلسات الحكومة تعني ان المشكلة لا تزال قائمة، مشيرةً الى ان التركيز على اقفال مزاريب الهدر أمر اكثر من مطلوب وان دراسة اي مقترح لذلك لا ينم عن ضرر انما المطلوب عدم تحول مجلس الوزراء  الى متاريس.

ورأت ان اذا كان القرار متخذ بالأنتهاء من هذا الملف في جلسة اليوم فإنها تنتهي اما اذا كان غائبا فإن مسلسل الموازنة قد يتواصل إلى الأسبوع المقبل.

تخوّف مصرفي من المماطلة: وتخوّفت مصادر مصرفية من "مماطلة" في إقرار الموازنة بهدف تمريرها من دون إصلاحات جدية، محذرة عبر "الشرق الأوسط" من "مخاطر جسيمة على الاقتصاد والعملة في حال عجزت الحكومة عن إقرارها قبل نهاية الشهر"، في حين تبدو الصورة ضبابية حول الموازنة مع انقضاء 18 جلسة نقاش داخل الحكومة، في ظل تباين علني بين تيارين أساسيين هما: فريق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بقيادة باسيل الذي يتشدد في رفض موازنة "غير إصلاحية"، وفريق الرئيس بري ممثلا بوزير المال الذي يصرّ على إقرار الموازنة وفق «الإنجاز» الذي تحقق بخفض العجز بنسبة 7.5 في المائة.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o