May 21, 2019 2:06 PM
خاص

مناقشات "الموازنة" عرّت الحكومة وفضحت التضامـــن الوزاري المفقود
وزراء يقتحمون "كار" زملائهم وقلّةُ ثقة متبادلة: نتاج المساكنة بين الاضداد!

المركزية- بعد جهد جهيد، تقترب الحكومة من إنجاز درس ومناقشة مشروع قانون موازنة 2019، تمهيدا لاقرارها وإحالتها الى مجلس النواب. على مدى 17 جلسة وأكثر، امتدت جلجلة المداولات الوزارية. قد يقول البعض ان الوقت الطويل هذا دليل جدّية وبحثٍ معمّق خضعت له الموازنة لتكون "نوعية" وقادرة على مواكبة تحديات المرحلة بأفضل صورة، الا ان مصادر سياسية مراقبة تعتبر عبر "المركزية" ان ما حصل هو في الواقع "مماطلة"، ناتجة من تشتّت أهل البيت الحكومي الواحد، وغياب التضامن الوزاري. وقد ظهرت هذه التناقضات في أكثر من محطة على طريق اقرار الموازنة.

والحال أن مجلس الوزراء بدا في الاسابيع الماضية، مجالس، لكلّ فريق فيه موازنتُه الخاصة ورؤيته الخاصة لكيفية خفض العجز وتحفيز النمو وإطلاق الاصلاحات وإنقاذ الوضع الاقتصادي، حتى اختلطت الامور حتى على أكثر المتابعين للملف. ففي الظروف الطبيعية، يضع وزير المال تصورا للموازنة ويوزّعه على المجلس للنقاش ويكون ضمّنه سلفا الافكار والطروحات التي زوّدته بها مسبقا، القوى السياسية الحكومية.

اما في الايام الماضية، فقد "ضاع" مشروع وزير المال و"فتح كلّ طرف على حسابه" ووضع بعضهم أوراقه الخاصّة وأصرّ على مناقشتها في الحكومة، وقد ذهبوا الى حد التلويح بالاستقالة منها اذا لم يحصل ذلك، وهذا ما فعله تحديدا رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل الذي أعلن أنه يسعى إلى وضع رؤية اقتصادية للموازنة.

وبحسب المصادر، فإن سابقة طبعت مناقشات الموازنة في مجلس الوزراء هذه المرة، تمثّلت في "اقتحام" وزراء، بشكل واضح، "ميادين" واختصاصات زملائهم في الحكومة، محاولين فرض خياراتهم وتوجهاتهم عليهم، وقد نجحوا الى حد بعيد في ذلك... وقد وتّرت منافسةُ باسيل وزيرَ المال علي حسن خليل في "عقر داره"، علاقات الرجلين. وظهر التباين بينهما، واضحا. ففيما قال باسيل امس "النقاش لا يزال يحتاج إلى عدّة جلسات"، رد خليل "لا مبرر لجلسات اضافية"، قبل ان يعلن اليوم ان "الموازنة انتهت بالنسبة لي ولوزارة المال، والرسوم الأخيرة التي أقرت لن يدخل أثرها في هذه الموازنة ولم يعد هناك لزوم لكثرة الكلام والتأخير ولقد قدمت كل الارقام بالصيغة النهائية"، في وقت كرر باسيل "ننتهي حين ننتهي ولا وقت محددا".

لكن هشاشة الجسم الحكومي، وانقسام المجلس على نفسه، لم يتجلّيا هنا فحسب، بل في فقدان الثقة بين أعضائه ايضا. فقد شكّك بعض الحكومة ببعضها الآخر، ورأى انها تسرّب معلومات مغلوطة وشائعات خصوصا في ما يتعلق برواتب موظفي القطاع العام والمتقاعدين، وتحاول تحريض الرأي العام ضد تدابير معيّنة، لتحقيق انتصارات شعبية "وهمية" تارة، وللحؤول دون اقرار المجلس هذه الإجراءات، تارة أخرى.

وبعد، واذا كانت "معركة الموازنة" ستنتهي قريبا في الحكومة، فإن السؤال الذي يفرض نفسه هو "كيف ستخرج الحكومة من "الميني" حرب هذه؟ وهل ستنتهي التوترات التي فجّرتها مع انتقال مشروعها الى مجلس النواب"؟ على الارجح هذا ما سيحصل، فالمساكنة بين الخصوم والاضداد تُعتبر من ركائز حكومات الوفاق الوطني اللبنانية. وهي، بطبيعة الحال، لن تحول دون تجدّد الخلافات في ما بينهم سريعا، على التعيينات والسياسة الخارجية والنأي بالنفس... فالى اللقاء في جولات جديدة!

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o