May 16, 2019 4:09 PM
تحليل سياسي

بطريرك "الاستقلال الثاني" يجمع لبنان والعالم حوله في الوداع الاخير
الولايات المتحدة: كان قائدا وبطلا شجاعا ونواصل دعم مُثُلَه العليا
ساترفيلد الى تل ابيب وايجابيات "عسكرية" ومصرفية في واشنطن

المركزية- ابرز مشهد الوداع الكبير لبنانياً وعربيا ودوليا للبطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير  الصورة التي مثّلها في حياته وتجسدت بقوة في يوم تشييعه، صورة الاعتدال والمصالحة والحوار والتواصل وكلمة الحق في زمن العصبيات الدينية عموما والمذهبية خصوصا التي تجتاح المنطقة، متستّرة خلف أقنعة التنظيمات الاصولية.

 لكن وطن بطريرك "الاستقلال الثاني" الذي حلم به وناضل لاجله بالكلمة والفعل في اكثر حقباته التاريخية صعوبة وخطورة، لا زال يعاني على درب الجلجلة الذي لا يظهر في آخر نفقه ما اذا كانت هناك قيامة ام موت. وهذا ما يتبدّى جليّاً في الازمة التي تعصف بالبلاد سياسيا وشعبيا بفعل بلوغها حافة الهاوية وربما اكثر، وسط ترقب لمصير النقاشات الموازنتية في الجلسات الحكومية الضائعة بين الارقام والغائصة في بحور السجالات الوزارية من دون طائل حتى الساعة، فيما مساعدات "سيدر" تنتظر على باب اقرار الاصلاحات التي لم تلح تباشيرها سوى في بعض المواقف والتمنيات.

لبنان يودّع صفير: منذ الصباح اكتملت الاستعدادات لمراسم الدفن التي شارك فيها الرؤساء الثلاثة وممثلون عن رؤساء فرنسا والسعودية وقبرص وقطر والأردن، وأركان الدولة كلّهم. ووسط حداد رسمي واقفال للمحال والمؤسسات التجارية، توافد المودعون والحشود الى الساحة الخارجية للصرح حيث أقيم مذبح وضع عليه الصليب المقدس ورفعت عليه صورة للعذراء وخلفه خمسة اكاليل باللون البنفسجي ترمز لجروح المسيح. وأقيمت منصة باللونين القرمزي والبنفسجي وهو لون الحزن لدى الأحبار والملوك. ووضع النعش على منصة وُزعت حولها 12 مزهرية باللون البنفسجي ترمز الى رسل المسيح و14 صليبا من حديد تعبيرا عن مراحل الجلجلة، وحول المنصة من الجانبين حوالى 260 كرسيا للأساقفة والكهنة ورجال الدين، وثلاثة مقاعد للرؤساء ولممثلي الدول، وجهزت الباحة بحوالى 8600 كرسي. وفي الرابعة والنصف الا خمسة دقائق انطلق موكب نقل جثمان البطريرك من كنيسة القيامة في بكركي، وخرج النعش من الباب المقدس في اتجاه الساحة الخارجية حيث وضع على المذبح، في نعش يرمز إلى حياة التجرد والنسك، واقيمت مراسم الدفن في الخامسة عصرا.

قائد شجاع: وتقدمت وزارة الخارجية الأميركية بالتعازي بالبطريرك صفير. وقالت: كان قائدًا شجاعًا ضد الاستبداد والاضطهاد، وكان بطل فكرة سيادة واستقلال لبنان، والولايات المتحدة ستواصل الوقوف إلى جانب لبنان لدعم هذه المثل العليا التي يجسدها الكاردينال صفير.

خليل يراجع: سياسيا، غاب النشاط الرسمي. وعشية جلسة جديدة لمجلس الوزراء لمناقشة الموازنة بعد ظهر غد، نشر وزير المال علي حسن خليل صورة على حسابه عبر تويتر مع فريق عمل وزارة المالية. وعلّق عليها بالقول: "مراجعة أخيرة لأرقام الموازنة مع فريق عمل الوزارة اليوم، لإنجازها قبل جلسة الغد". كما أعلن  أن "مشروع الموازنة طبع في وزارة المال بعدما ادخلت اليه التعديلات"، وقال: "حققنا خفضاً كبيراً جداً في نسبة العجز ولن ادخل الان في الارقام". ورأى أن "اللقاء مع حاكم مصرف لبنان كان جيداً"، وأشار إلى أنه "لا مشكلة في كل المستحقات وستدفع كاملة في وقتها".

اضراب الادارات العامة: في الموازاة، صدر عن الهيئة الإدارية لرابطة موظفي الإدارة العامة بيان اشارت فيه الى ان "في ضوء الأجواء السائدة وغير المطمئنة لجهة النقاش حول مشروع الموازنة، وما يتردد من معلومات حول اتجاه للمساس برواتب الموظفين ومستحقاتهم ومحسوماتهم التقاعدية ودوامهم وحقوقهم المكتسبة، تعلن رابطة موظفي الإدارة العامة الإضراب العام يوم غد الجمعة في كافة الإدارات العامة تعبيرا عن رفضها لسياسة قضم الحقوق، وإدانتها لأي إجراء يرمي لتحميل الموظفين ومحدودي الدخل جريرة السياسات الخاطئة التي كانت السبب في هدر أموال الخزينة"، داعية الحكومة إلى "مقاربة أي إصلاح حقيقي بعيدا من لقمة الفقراء، وعبر إقفال مزاريب الهدر، محاربة الفساد، وتعزيز الإدارة العامة وتفعيلها بدلا من ضربها والمساس بحقوق موظفيها". كما اعلنت "أنها ستواكب ما يصدر عن مجلس الوزراء في جلسة الغد، وعليه يصدر قرار تصعيد التحركات وصولا الى الاضراب المفتوح."

ساترفيلد الى تل ابيب: على صعيد آخر، وغداة مداولاته في بيروت، غادر مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط دايفيد ساترفيلد لبنان قبل الظهر، متوجها الى اسرائيل عبر قبرص، وفق معلومات "المركزية" حيث سيناقش في تل ابيب ملف ترسيم الحدود الجنوبية. ومن المفترض ان يعود الاسبوع المقبل الى لبنان في ضوء نتائج مناقشاته في الاراضي المحتلة.

القائد في واشنطن: في الاثناء، تابع قائد الجيش العماد جوزيف عون لقاءاته في الولايات المتحدة الأميركية، على هامش الاجتماع السنوي لتقييم المساعدات الأميركية للجيش اللبناني، بداية مع مسؤول لجنة الاعتمادات العسكرية المنبثقة من وزارة الخارجية في الكونغرس هارولد روجرز الذي زار لبنان مراراً، وأكّد للعماد عون أنه يسعى لاستمرار الدعم الأميركي للجيش. ثم مع السيناتور من أصل لبناني دارين لحّود الذي تطرق إلى الوضع العام في المنطقة وتداعياته على لبنان وبخاصة النازحين السوريين، مشدّداً على "دور الجيش في المحافظة على الاستقرار الداخلي". أما عضو لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس آدم كينسينغر والذي زار لبنان منذ فترة منتدباً من قبل الأمم المتحدة، فقد أكّد للعماد عون أن "بلاده قد تلجأ إلى تخفيض موازنات بعض الجيوش التي تدعمها، باستثناء الجيش اللبناني، لاقتناعها بضرورة استمرار دعمه حفاظاً على الأمن والاستقرار في لبنان". كما التقى العماد عون رئيس لجنة العلاقات الدولية في مجلس النواب جايمس ريش، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب جان شاهين.

ارتياح مصرفي: وفي واشنطن ايضا، وصفت مصادر مصرفية لـ"المركزية" الزيارة التي قام بها وفد جمعية المصارف برئاسة جوزف طربيه إلى الولايات المتحدة الأميركية بـ"الجيدة"، حيث التقى الوفد المسؤولين في لجان الكونغرس والشيوخ. وأوضحت أن "الوفد عاد بانطباع أميركي مشجع على الدور الذي يقوم به القطاع المصرفي اللبناني خصوصاً في ما يتعلق بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وتقيّده بالقوانين والأنظمة التي ترعى ذلك". وأشارت إلى أن "المصارف المراسلة أبدت ارتياحها لاستمرار التعاون مع القطاع المصرفي اللبناني بعدما طمأنهم الوفد إلى الوضع المالي في ظل العمل على خفض العجز في الموازنة والإسراع في تطبيق مندرجات مؤتمر "سيدر".

التحالف يغير: اقليميا، التصعيد سيد الموقف. ففيما اعتبر التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، بقيادة السعودية، أن استهداف جماعة الحوثي لمنشآت نفطية في المملكة منذ ايام "يرقى لجرائم حرب"، أغارت مقاتلات التحالف على مواقع عسكرية للحوثيين، في صنعاء ومحيطها، موقعة 6 قتلى و10 جرحى ، وفق أ.ف.ب.

الرياض تتهم ايران: في الموازاة، صعّدت الرياض ضد ايران، حيث اتهمتها بإعطاء الأوامر للحوثيين بمهاجمة منشآتها النفطية قرب الرياض بحسب ما أعلن نائب وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان. وكتب الأمير خالد في تغريدة على تويتر "ما قامت به المليشيات الحوثية المدعومة من إيران من هجوم ارهابي على محطتي الضخ التابعتين لشركة ارامكو السعودية، يؤكد انها ليست سوى أداة لتنفيذ أجندة إيران". وأضاف "ما يقوم الحوثي بتنفيذه من أعمال إرهابية بأوامر عليا من طهران، يضعون به حبل المشنقة على الجهود السياسية الحالية".

ظريف: في المقابل، وفي حين اعلن البيت الأبيض ان" إذا قام الإيرانيون بأي فعل فلن يكونوا سعداء بنتائجه"، أكد وزير الخارجية الايرانية محمد جواد ظريف، أن إيران لا تسعى لاشتباك في المنطقة لكنها لطالما دافعت وتدافع عن مصالحها بقوة، حسب وكالة "فارس" الإيرانية. وأوضح بعد اجتماعه بنظيره الياباني "تارو كونو" في طوكيو ، أن الاجتماع بحث مستجدات المنطقة والإجراءات الأميركية وكيفية الحفاظ على الاتفاق النووي في حال رغب المجتمع الدولي بذلك. وأكد ظريف أنه أوضح لنظيره الياباني "طرق خفض التوتر ولجم الإجراءات الأميركية الساعية للحرب". وأشار إلى أن الاجتماع بحث أيضا ضرورة التزام المجتمع الدولي بتطبيع العلاقات الاقتصادية لإيران والتي تشكل الهدف الأساسي للاتفاق النووي، إذا ما رغبت الأسرة الدولية بالحفاظ على هذا الاتفاق".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o