May 15, 2019 6:44 AM
صحف

عنوان مهمة ساترفيلد: لا تهاون مع الحالة اللبنانية

في خضم الانشغال بالموازنة التي شارف درسها على نهايته، خطفت الاضواء أمس زيارة مساعد وزير الخارجية الاميركي ديفيد ساترفيلد لبيروت التي كشفت مصادر سياسية وديبلوماسية أنها تحمل هذه المرة أبعاداً مميزة يستحسن بالمسؤولين اللبنانيين التقاطها والتعاطي معها بذهنية جديدة، نظراً للأوضاع الدقيقة ولتمرير هذه المرحلة المليئة بالمفاجآت بأقل ضرر ممكن.

فزيارة هذا المسؤول الأميركي تأتي فيما ترتفع حرارة التحديات الأميركية ـ الإيرانية في الخليج وقبل أسابيع قليلة من كشف واشنطن عن بنود «صفقة العصر» التي سيكون لها ارتداداتها اللبنانية من خلال اللاجئين الفلسطينيين وتثبيت الحدود البرية الدولية والثروة النفطية.

مهمة ساترفيلد

وافادت المعلومات من مصادر التقاها ساترفيلد أمس، أنّ مهمته تتركز على النقاط الآتية:

ـ الأولى: مصير الاتصالات الجارية للتنقيب عن النفط في المنطقة الحدودية اللبنانية ـ الإسرائيلية. وفي هذا الإطار ينصح ساترفيلد الدولة اللبنانية بأفضلية القبول منذ الآن بإجراء مفاوضات، ولو غير مباشرة، مع إسرائيل للاتفاق على ترسيم الحقوق اللبنانية في هذه المربّعات النفطية والغازية لأنّ الاتصالات التي أجرتها الإدارة الأميركية مع إسرائيل في الأشهر الأربعة الأخيرة لم تسفر عن تليين الموقف الإسرائيلي حيال فكرة ترك الحرية للبنان في التنقيب عن النفط من دون التفاهم على ترسيم الحدود البحرية بينهما.

وتضيف المعلومات أن المسؤول الأميركي جدّد استعداد واشنطن للعب دور في المفاوضات يكمل الدور الذي تحاول الأمم المتحدة القيام به، والذي وصل على ما يبدو إلى حائط مسدود لأنّ إسرائيل لا تثق بالمنظمة الدولية وتفضّل أن تلعب واشنطن دور الوسيط بينها وبين لبنان. وحسب المسؤول الأميركي، إنّ من مصلحة لبنان المباشرة في هذه المفاوضات لأنّ احتمال حصول تطورات إقليمية سلمية أو عسكرية سيهمّش الوضع اللبناني ويعرقل قدرة لبنان على استخراج النفط الذي يبدو أنه الحل الوحيد للمديونية اللبنانية.

ـ الثانية: ضرورة معالجة وضعية «حزب الله» داخل السلطة اللبنانية. فالمسؤول الأميركي يشير إلى أنه من الصعوبة تحييد ساحة لبنان عن التطورات الشرق الأوسطية طالما بقي حجم دور «حزب الله» في قرار الحرب والسلم على ما هو عليه.

ويبدو حسب المصادر ذات الثقة أنّ لدى الأجهزة الأميركية معلومات تؤكد أنّ «حزب الله» سيتحرك عسكرياً في حال حصل أي تدهور بين إسرائيل وإيران، أو بين أميركا وإيران.

وتؤكد هذه المعلومات أنّ «أميركا وإسرائيل صبرتا ما فيه الكفاية على تصرفات «حزب الله» وعدم تقيّده بالقرارات الدولية، ولاسيما منها القرار 1701».

وطالب ساترفيلد الحكومة اللبنانية باعتماد موقف متمايز عن «حزب الله» إذا كانت عاجزة عن ضبطه، وشدّد على ضرورة حصول افتراق حقيقي بين المؤسسات العسكرية والأمنية في لبنان وقيادات «حزب الله».

ـ الثالثة: طريقة تطبيق لبنان العقوبات الأميركية ضد «حزب الله»، ذلك أنّ الإدارة الأميركية تملك معطيات تشير إلى أنّ «الحزب» لا يزال يتمتع بحرية الحركة المالية والاقتصادية من خلال مؤسسات لبنانية تنتمي إلى النظام المالي اللبناني.

وشدّد ساترفيلد على ضرورة معالجة هذا الموضوع سريعاً لأنّ الإدارة الأميركية ترغب في حماية النظام المصرفي اللبناني وفي مساعدة لبنان اقتصادياً، لكن يفترض بلبنان في المقابل أن يساعد نفسه ولا يتذرّع دائماً بضعف الدولة أمام «حزب الله» للتمَلّص من الالتزامات الدولية.

وذكرت المصادر نفسها أن ساترفيلد أبلغ الى شخصيات لبنانية أن المرحلة السابقة كانت مرحلة مراوحة تسمح بأخذ الأوضاع اللبنانية في الاعتبار والتسامح، لكن المرحلة الحالية مختلفة، إذ ان المنطقة مرشحة للدخول في مدار جديد يصعب معه التهاون مع الحالة اللبنانية.

ترجمة الوعود: وفي السياق، أكدت مصادر القصر الجمهوري لـ"الشرق الأوسط"، "ان هدف زيارة المسؤول الأميركي اطلاع السلطات اللبنانية على التطورات الحاصلة في المنطقة، والموقف الأميركي من المستجدات والتصعيد القائم بين الولايات المتحدة وإيران". وأشارت إلى "ان الزيارة تأتي ترجمة للوعود التي قدّمها وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو خلال زيارته لبيروت في 22 آذار الماضي، بوضع المسؤولين اللبنانيين بأجواء التطورات التي سيشهدها محيط لبنان سواء في سوريا أو العراق أو غيرهما".
ورغم تعويل لبنان على الدور الأميركي لمساعدته في ترسيم الحدود البرية والبحرية الجنوبية، بعد الرسالة التي سلّمها عون للسفيرة الأميركية، لا يبدو أن ساترفيلد يحمل أجوبة قاطعة حولها، وفق توقعات مصادر القصر الجمهوري، التي أشارت إلى أن زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركي "تزامنت مع رسالة رئيس الجمهورية التي تعبّر عن رغبة لبنان بترسيم الحدود ولم تكن الزيارة بسببها". وشددت على "ان الرئيس ميشال عون سيطرح هذا الموضوع مع الضيف الأميركي، لكن من غير المعروف ما إذا كانت لدى الأخير أجوبة حولها"، مشيرة إلى "ان لبنان مهتمّ الآن بتسريع عملية ترسيم الحدود، كي لا تطغى أحداث المنطقة على هذا الموضوع، خصوصاً أن لبنان يسعى إلى البدء بالتنقيب عن النفط في البلوك رقم 9 في الجنوب، والشركات التي ستتولى عملية التنقيب تشترط استقراراً على حدود المنطقة الاقتصادية قبل أن تباشر عملها»، لافتة إلى أن «البلوك رقم 9 قريب من الحدود، والإسرائيليون يزعمون أنه يدخل ضمن مياههم الإقليمية، ولبنان لديه مصلحة بترسيم الحدود انطلاقاً من خطّ الناقورة البري وامتداداً إلى الحدود البحرية، مستفيداً من الاستقرار القائم في الجنوب».

وعن مدى انسجام رسالة الرئيس عون مع هذا الطرح، والتمسّك بموقفه من رفض خطّة هوف، أوضحت مصادر قصر بعبدا، أن "الدولة اللبنانية لن تفرّط بأي شبر من أرضها أو مياهها، لكنها أشارت إلى أن رسالة الرئيس عون تحمل أفكاراً قدمها رئيس الجمهورية بالتفاهم مع رئيسي البرلمان نبيه بري والحكومة سعد الحريري، لتحريك المفاوضات بشأن ترسيم الحدود، بما أن الولايات المتحدة هي الجهة المقبولة إسرائيلياً». وقالت إن لبنان «يقترح تشكيل لجنة ثلاثية تضم ممثلين عن لبنان وإسرائيل والأمم المتحدة، بمتابعة أميركية، لعلّها تصل إلى اتفاق نهائي على ترسيم الحدود، وسنرى مدى استجابة الجانب الأميركي لهذا الطرح».

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o