Apr 17, 2019 4:45 PM
تحليل سياسي

"سـباق غموض" بين قرار خفض الرواتب ومسـار الاصـلاح
الحريري قبـل السـفر غدا: اجراءات تقشفية او كارثة حقيقيـة
اضراب واعتصامات في الشارع واقرار خطة الكهرباء في البرلمان

المركزية- تبدو الاجراءات التقشفية التي تنوي الحكومة اعتمادها لخفض العجز في الموازنة العامة محاصرة بالعاصفة الحادة التي أثارتها التسريبات في شأن المس برواتب واجور الموظفين واضعة البلاد امام أزمة خطيرة تزيد التعقيدات والنقمة الشعبية على الحكم وتفتح الابواب على تطورات مجهولة. ووسط "سباق الغموض" بين ما ستؤول اليه المباحثات المالية لارساء معالجات جذرية تكفل رفد الخزينة بالمال اللازم لتسديد استحقاقات داهمة مترتبة عليها للخارج سريعا وقبل بدء مسار الاصلاح الفعلي بوقف الفساد والتسيب وسد حنفيات الهدر المفتوحة منذ عقود وبين تصاعد وتيرة الاحتجاجات الشعبية، أطل رئيس الحكومة سعد الحريري من البرلمان ليصارح اللبنانيين بالواقع المرير "لبنان ليس في "وضع انهياري" لكن ان لم نتخذ الاجراءات اللازمة سنصل إلى كارثة حقيقية".

اقرار خطة الكهرباء: وفيما أقرّت الجلسة التشريعية التي عقدت في ساحة النجمة، خطّة الكهرباء التي أحيلت من الحكومة الى البرلمان، كما هي، بعد سقوط كل اقتراحات القوانين المقدمة بتعديلها، لاسيما من قبل القوات اللبنانية حيث لم يُكتب العمر لاقتراح تقدّم به النائب جورج عدوان لجهة تعيين الهيئة الناظمة في مدة اقصاها ستة اشهر، في حين اعتبرها رئيس حزب الكتائب سامي الجميل غير دستورية كما هي، خطفت الاجراءات التقشفية التي يحكى عنها عشية اقرار الموازنة المنتظرة، الاضواء في مجلس النواب. ففيما سأل عنها أكثر من نائب، أكد رئيس الحكومة سعد الحريري ان كل ما يحكى عن تخفيضات هو كلام صحف، لافتا الى ان الحكومة تعمل ليلا ونهارا للوصول الى ارقام تحفظ مالية الدولة وأصحاب الدخل المحدود. وشدد على ان المزايدة لا ولن تفيد أحداً لأن البلد اذا سقط فسنقع كلنا معه. وقال "نحن مع المتقاعدين ومع الادارة ولكننا نريد الحفاظ على الليرة وعلينا ان نكون صادقين معهم ان البلد قد يتدهور". أما وزير المالية علي حسن خليل فاشار الى ان تخفيض المعاشات ليس جزءا من مشروع الموازنة المقدّم من قبله، وقال "بالنسبة لنا لم يُبتّ اي امر على الاطلاق يتعلّق بالمسّ بالرواتب".

كارثة حقيقية: وبعد الجلسة، حذر رئيس الحكومة أن "في حال لم نتخذ قرارات تقشفية حقيقية فقد نصل إلى كارثة حقيقية خلال سنة.وقال: ان من واجبي كرئيس حكومة ان أكون صادقاً مع الناس وان أشرح لهم الوضع الحقيقي الذي نحن فيه ، فإذا لم نتخذ إجراءات تقشفية حقيقية  ونقوم بخطوات أساسية سنصل الى مكان لا تحمد عقباه. يجب التكلم بصدق مع الناس بعيدا من المزايدات، والمطلوب منا  كحكومة موازنة أكثر تقشفية بتاريخ ​لبنان​ لأن وضعنا المالي لا يسمح لنا بزيادة الإنفاق التي حصلت فيها مشكلات في هذا الشأن. وقال أن "​المصارف​ عليها مسؤولية ومستعدة أن تتحمل وتساهم بكل هذه الخطة ولكن يجب أن نرى اصلاحا حقيقيا"، مشيرا الى أنه "في ​باريس​ 2 ذهب لبنان الى ​فرنسا​ والمصارف وضعت 10 الاف مليار في تصرف الدولة ونحن لم نقم بأي اصلاح"، لذلك يجب ان نكون صادقين مع المواطنين ومع  العسكريين ومع ادارة البلد، فإذا بقينا على هذا النمط سنصل الى كارثة .اذا اصابتنا المصيبة من سينقذنا؟ اقول هذا الكلام لأنني اريد أن أكون صادقا مع الجميع وعلينا أن نتكاتف مع بعضنا البعض". وأوضح أن "الخطة التي نتبعها متوازية مع مشروع ​الموازنة​ ونحتاج لأكبر توافق ونحتاج الى حوار حقيقي مع كل اللبنانيين" وتوجه الى العكسريين بالقول: "العسكري مستعد للتضحية بدمه من اجل بلده واذا كان انقاذ البلد يحتاج الى تضحية، أما الذين توجهوا الى الشارع فذلك نتيجة الشائعات"، لافتا الى أن تصريح وزير الخارجية ​جبران باسيل​، "أتى ليقول اننا سنلجأ الى قرارات صعبة ولا أحد يملك جواباًُ حول ماهية هذه القرارات ولن تصيب الفقراء".

باسيل: من جهته، اكد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل في اعقاب الجلسة ""قلت ما قلته عن موضوع الرواتب وهذا الامر يتطلّب صراحة وجرأة ومسؤولية وطنية، لدينا موظفون في الدولة وكذلك موظفون في القطاع الخاص يجب ان نفكّر بهم أيضاً... بعض الاعلام والسياسيين اجتزأ ما قلته في موضوع رواتب القطاع العام وهو يشمل خمسة امور: حجم الدولة الذي يشكل جزءا يسيرا من الموضوع وخدمة الدين والتهرب الضريبي والجمركي والكهرباء والضرائب التي يمكن ان تستوفي من اصحاب الجيوب الكبيرة".

 جنبلاط والتحليلات الهمايونية: وليس بعيدا، غرّد رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط على "تويتر" قائلاً: "حبذا لو تقف تلك التحليلات الهمايونية حول القلوب المليانة ومن جهة اخرى واجب على المصارف المساهمة في خفض الدين العام كما واجب على الدولة مصارحة الرأي العام في اهمية اعادة النظر ببعض التعويضات في القطاع العسكري وفي القطاع المدني التي لا تنسجم والمنطق. اليونان فرضت ضريبة على الاوقاف". واتبع جنبلاط تغريدته بأخرى قائلا: "وفي المناسبة فإن خطة الكهرباء شملت كل شيء ما عدا تشكيل الهيئة الناظمة ومجلس الادارة كي تبقى سلطة الوزيرة مطلقة او سلطة وزير الوصاية بالأحرى سارية، وكي تبقى سلطة المصالح الكهربائية الكبرى بعيداً من الرقابة والمحاسبة".

لا للضرائب على الاوقاف: وتعليقا على طرح فرض ضرائب على الاوقاف لتحصيل ايرادات، استغربت مصادر اسلامية عبر "المركزية" هذا الاقتراح، مشيرةً الى "ان الاوقاف الاسلامية والمسيحية مثلها مثل البلد والناس تُعاني من الضائقة الاقتصادية، لا بل ان العجز اصابها"، وشددت على "اهمية الحفاظ على الوحدة الوطنية في هذه الظروف"، واشارت الى "ان لا خوف على البلد ما دامت هناك ارادة مشتركة لتحمّل المسؤولية".

الحريري الى الخارج: في مجال آخر، علمت "المركزية" ان الرئيس الحريري سيغادر بيروت غدا، متوجها الى الخارج حيث يمضي عطلة عيد الفصح مع العائلة ويطفئ شمعة ميلاده التاسعة والاربعين، على ان يعود الى لبنان مطلع الاسبوع المقبل، علما ان لا جلسة لمجلس الوزراء هذا الاسبوع بفعل عطلة عيد الفصح.

اعتصامات واضراب: على الضفة الاخرى، نفذ اعتصام في ساحة رياض الصلح بدعوة من هيئة التنسيق النقابية، ورابطة الأساتذة المتفرغين والمتعاقدين في الجامعة اللبنانية، رفضا للمساس برواتب الموظفين والمعلمين والمتقاعدين وإعطاء أساتذة الجامعة اللبنانية ثلاث درجات استثنائية، شارك فيه الناجحون في مجلس الخدمة المدنية، وعضو كتلة التنمية والتحرير النائب قاسم هاشم وعضو كتلة "اللقاء الديمقراطي" بلال عبد الله ورئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر الذي قطع زيارته إلى القاهرة على رأس وفد من الاتحاد للمشاركة في مؤتمر العمل العربي الذي ينعقد من 14 إلى 21 الجاري، للمشاركة في التحركات النقابية والعمالية. ورفع المعتصمون لافتات عن رفض اقتطاع او اجتزاء الرواتب او منح التعليم والتعويضات وسائر الحقوق المكتسبة. ودعوا الى استعادة اموال الضرائب من جباية اموال التهرب الضريبي والمصارف والشركات الكبرى والاملاك البحرية والنهرية. وتوازيا، عمّت الإضرابات مختلف المناطق اللبنانية، وشملت الادارات الرسمية والثانويات والمدارس وغيرها من المرافق العامة التي أقفلت أبوابها احتجاجاً على ما يصدر من تصريحات وتلميحات حول المساس برواتب الموظفين وحقوقهم التقاعدية وتأميناتهم الاجتماعية. كما طال الإضراب كلا من الوكالة الوطنية للاعلام والإذاعة اللبنانية.

توضيح مصرفي: على خط آخر، علّقت مصادر مصرفيّة لـ"المركزية"، على ما ورد في الإعلام اليوم حول "عمليات بيع عقارات بين مصرف لبنان ونائب الحاكم"، فأوضحت أن "كاتب المقال المذكور يناقض نفسه بنفسه، إذ بعدما أكد أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة باع لنائبه هاروت صاموئيليان، عاد ولفت إلى أن عملية البيع جرت من قِبَل المجلس المركزي الذي يضمّ المدير العام لوزارة المال والمدير العام لوزارة الاقتصاد والتجارة، ومفوّض الحكومة...، وبالتالي إن جميع أعضاء المجلس صوّتوا على العملية قانوناً، من هنا، كل ذلك يؤشّر إلى أن مضمون المقال يُظهر عدم جديّة المعلومات الواردة وعدم صحّتها".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o