Mar 18, 2019 12:42 PM
اقتصاد

إطلاق الحملـة الوطنية لاستنهاض الاقتصـاد اللبناني: "فكّـر بلبنان"
عون: لنقاوم لتحسين اقتصادنا ولا حصانة لأحد في الحرب على الفساد
شقيـر: نريدها صرخة مدوّية والتزاماً وطنياً وهذه مسؤولية الجميع
شمـاس: هدف الحملة حث المجتمع على المشاركة في إنقاذ الاقتصاد

المركزية- أعلن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن "علينا اليوم أن نقاوم لنحسّن اقتصادنا"، لافتاً إلى ان "المقاومة لا تكون دائماً بهدف الحصول على الحرية والسيادة والاستقلال، وهذه اعتدنا عليها وقدّمنا دماً لأجلها، الشعب المقاوم هو الذي يشتري من إنتاجه، ويأكل من أرضه، ولا يعمل على تهريب الخضار من الخارج إلى الأسواق اللبنانية بحجّة أن أسعارها أدنى"، متمنياً من جميع اللبنانيين أن يكونوا سمعوا نداءه، "ومن المؤكد أننا نستطيع، وبأسرع مما تتصوّرون أن نتخطى الأزمة الاقتصادية".

وأعاد التشديد على أن "معركة الفساد بدأت ولا حصانة فيها لأحد"، لافتاً إلى أنه "النموذج لأكبر متّهَم في لبنان لم يدافع عن نفسه، بل برّأه القضاء وعلى كل متّهَم المثول أمامه".

كلام الرئيس عون جاء في خلال إطلاق الحملة الوطنية لاستنهاض الاقتصاد اللبناني تحت عنوان "فكّر بلبنان" التي أطلقتها جمعية تجار بيروت وتبنّتها الهيئات الاقتصادية ودعمها بنك لبنان والمهجر، ونالت مباركة السلطات اللبنانية ظهر اليوم في قصر بعبدا، وذلك في حضور وزراء الخارجية والمغتربين جبران باسيل، الداخلية والبلديات ريا الحسن، العدل ألبرت سرحان، الاتصالات محمد شقير، الاقتصاد والتجارة منصور بطيش، وعدد من النواب، ووزراء ونواب سابقين، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ونوابه، عميد السلك القنصلي جوزف حبيس، عدد من أركان السلك القضائي ومن المحافظين، الرئيس الفخري للاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والتجارة للبلاد العربية الوزير السابق عدنان القصار، عدد من نقباء المهن الحرة ورؤساء غرف الصناعة والتجارة ورؤساء البلديات وجمعيات التجار في لبنان، رؤساء مجالس عدد من المصارف اللبنانية وفاعليات اقتصادية ومالية وتجارية ونقابية، إضافة الى المدير العام لرئاسة الجمهورية أنطوان شقير وعدد من مستشاري رئيس الجمهورية وكبار الموظفين في الرئاسة.

شماس: وكان الحفل بدأ بالنشيد الوطني قبل أن يُعرض شريط مصوّر ترويجي للاقتصاد اللبناني تحت عنوان "فكّر بلبنان"، ثم ألقى رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس كلمة هنا نصّها: "بعد واجب الشكر على الإستضافة الكريمة، وعلى الحضور المميّز لأصحاب الدولة والمعالي والسعادة والأصدقاء الأعزّاء فرداً فرداً،

يسرّني ويشرّفني أن أعرّف عن الحملة الوطنية لإستنهاض الإقتصاد اللبناني. وهي مبادرة أُطلقت من قـِـبل جمعية تجار بيروت، وتمّ تبنـّـيها من قـِـبل الهيئات الإقتصادية، ودعمها من بنك لبنان والمهجر، وقد نالت مباركة وإحتضان أعلى السلطات الرسمية في البلاد، مشكورة.

إن جمعية تجار بيروت، التى أُسّست في العام 1921، وقد لامست الإحتفال بمئويتها، يتماهى تاريخها بتاريخ لبنان الإقتصادي، بأفراحه وأتراحه. وكما على الدوام، لا تتأخر الجمعية عن تحمـّـل مسؤولياتها الإقتصادية، والإقدام على إستنباط الحلول وإبتكار الطروحات للمساهمة في إنقاذ الموقف عند الضرورة، وتحريك العجلة الإقتصادية.

وها نحن اليوم أمام معضلة بالغة الخطورة تتمثــّـل بتسرّب غير مسبوق للموارد المالية اللبنانية نحو الخارج، وذوبان موازٍ للإقتصاد اللبناني مثل لوح الثلج. فإن الحملة الراهنة تهدف إلـى حث المجتمـع اللبنـاني، بكـل أطيافـه، للمشـاركة في إنقـاذ الإقتصـاد الوطنـي، مـن خـلال تفعيل الشـعور بالمسـؤولية الكبيـرة التـي تقـع علـى عاتـق كـل مواطن، بإعطـاء الأولويـة، والأفضليـة، للتوظيف والتبضّع والإنفـاق داخـل الأسـواق اللبنانيـة، بهـدف إعـادة إنعـاش الركائـز الأربـع الأسـاسـية للإقتصـاد اللبنانـي، ألا وهـي:

1- التجـارة الداخلية

2- السـياحة البينيـّـة

3- الصناعة والزراعة الوطنية

4- القوى العاملة اللبنانية

لـذلك، فإننـا اليـوم نعطـي الإنطلاقـة لحملـة توعيـة تتوجـّـه إلـى كـل فرد مـن أفـراد مجتمعنـا، مناديـن للتكاتـف والمشـاركة في هـذا المجهـود الوطنـي، كل منـّـا على صعيده وفي مجاله، إستكمالاً للسياسة النقدية الناجعة، وبإنتظار أن تبدأ مفاعيل برامج الدعم كالتى هي مطروحة في CEDRE، والإصلاح المالي والإقتصادي من قـِـبل الحكومة والإدارات المختصة، والمواكبة التشريعية من قـِـبل المجلس النيابي.

فالاقتصاد بحاجة ماسـّـة الى المبادرات العاجلة، الى حين أن تتبلور المشاريع الآجلة.

إن الحملة الإعلامية والإعلانية المطروحة اليوم تهدف الى توعية المجتمع اللبناني على خطورة الوضع الإقتصادي، وعلى إقناعه بضرورة إستعمال موارده المالية الداخلية، على قلـّـتها، في الوجهة الصحيحة، إستهلاكاً وإستثماراً وتوظيفاً. ففي علم الاقتصاد، إن الثقة والتوقعات الإيجابية تلعبان دوراً أساسياً في النهوض المنشود من خلال الحثّ والتشجيع.

من هنا اقتضى على جميع اللبنانيين التفكير بلبنان ومصالحه وإستمرارية إقتصاده أولاً.

وفي المقابل، يترتـّـب على القطاعات الإنتاجية كافة، من تجارة وسياحة وصناعة وزراعة وغيرها، تلقّـف هذه المبادرة وملاقاة المواطنين في منتصف الطريق لإنقاذ الإقتصاد.

فعلى الصعيد التجاري مثلاً، إنني أعلم علم اليقين أن التاجـر اللبنـاني مشـهود لـه بالصمود من أجل الديمومة، بالرغـم مـن كـل المصاعب وفي كافة الظـروف، لأنـه علـى درايـة تامـة بضرورة التضحية عند الحاجة، وبكيفيـة تقليص الهوامـش وتخفيض الأسـعار عندمـا تقتضي الأحـوال ذلـك، مع محافظتـه علـى الجـودة العاليـة لبضائعـه والتميّز الفريد في خدمتـه وخدماته.

لـذلك، أتوجـه اليـوم الى زملائي التجار، ومثلهم الى القطاعات الإنتاجية الأخرى، ولي ملء الثقة بأنهم سوف يلبّون دون تردّد هذه الدعـوة للتكيـّـف مع المطالب المستجدّة للمستهلكين، مؤكدين بذلك التناغـم والتكامل اللذين كانا دائمـاً صلة الوصـل المتميــّـزة بين التاجـر والمسـتهلك في لبنـان.

المطلـوب اليـوم هـو أن نقف صفـاً واحـداً لإعـادة تفعيـل الحلقـة الفضلى التي تغـذّي بها الأسـواق نفسـها بنفسها، حيث يبدأ "العرض" بإنخفاض مدروس للأسـعار، الأمر الـذي يـؤدي إلـى إجتـذاب وزيـادة "الطلب"، فإنخفـاض مجدّد للأسـعار، وهكذا دواليك حتى تنتعش وتنتظم الدورة الإقتصادية.

ليس لديّ أدنى شـك بأن التجـار الكرام (ومثلهم القطاعات الإقتصادية الأخرى)، الـذيـن دفعـوا الغالـي والنفيـس، وبذلـوا كـل التضحيـات مـن أجـل البقـاء والصمـود، وذلك في أحلك الظروف، سـيقومون بدورهم مرةً جديدة ويشـكــّـلون، كمـا دائمـاً، الحلقـة التواصليـة الأسـاسـية ضمـن المجتمـع اللبنـاني.

أمـا في ما يتعلـّـق بالمواطنين والمسـتهلكين، فيقيننا أنهم سيتجاوبون مع هذه الحملة الإستثنائية، لدرايتنـا التامـة بأنـه لـو وقـع قطـاع إقتصـادي واحد، لا سمح الله، سـوف يقـع الجميـع معـه.

ختاماً، أنـا مطمئن البال بأن المجتمـع اللبنانـي سـوف يرقـى إلـى مسـتوى المسـؤوليـة التاريخية الملقاة على عاتقه مـن أجـل إنجـاح هـذه الحملـة الجامعة، وإخـراج الإقتصـاد مـن كبوتـه، وإنقاذ لبنان من إنهيار كاد أن يكون محتوماًً. فلنقل لبعضنا بعضاً فكـّـر بلبنان".

أزهري: ثم القى رئيس مجلس الإدارة والمدير العام لبنك لبنان والمهجر سعد أزهري الكلمة الآتية: "يشرفني باسمي وباسم بنك لبنان والمهجر ان اشارك في هذا اللقاء المهم بمناسبة اطلاق الحملة الوطنية فكر بلبنان والتي تهدف الى استنهاض الاقتصاد اللبناني عن طريق تشجيع الصناعة والتجارة والزراعة والسياحة في لبنان اضافة الى العمل على توظيف الشباب اللبناني ووقف نزيف الهجرة. واود ان اشكر جزيل الشكر فخامة الرئيس العماد عون على رعايته الكريمة لهذه الحملة، كما اود ان اشكر معالي الوزير محمد شقير والاستاذ نقولا شماس على مساهمتهم الفعالة في تأسيس وتطوير هذه الحملة.

ويسعدني ان اضيف باننا نفخر بالمشاركة في دعم هذه المبادرة لما فيها من مردود طيب على صعيد الاقتصاد اللبناني خصوصا في هذه الظروف الصعبة التي نمر بها. كما يأتي هذا الدعم في سياق مساهمة القطاع المصرفي في نشاطات المسؤولية الاجتماعية التي يوليها الكثير من الاهتمام نتيجة قناعته الراسخة بان قوة القطاع وسلامته تنبع من قوة وسلامة المجتمع. وفي هذا المجال، تسعى نشاطات القطاع الريادية في مجملها الى تعزيز الحياة الثقافية والانسانية والاجتماعية والتعليمية في لبنان. كما سيعمل القطاع من خلال الحملة الدعائية التي سيطلقها لترويج مبادرة " فكر بلبنان" ومن خلال قدراته المصرفية والمالية على نجاح هذه المبادرة وترجمتها من القول الى الفعل ومن الفكر الى الممارسة.

وفي الحقيقة ان القطاع المصرفي ككل ليس غريبا عن اهداف حملة " فكر بلبنان"  والتي تصب كلها في صلب عمله المصرفي والمالي. فالقطاع المصرفي هو الممول الرئيسي للقطاعات المنتجة من زراعة وصناعة وسياحة وتجارة،  اذ فاقت قروضه في هذه المجالات الـ 100% من الناتج المحلي الاجمالي وبلغت القروض المدعومة منها ما يقارب الـ15 مليار دولار كما تبلغ حصة الشباب ومن هم دون سن الاربعين اكثر من 60% من موظفيه. ونتمنى  في المقابل بان يقوم الجمهور اللبناني بمختلف اطيافه وقدراته بلعب دوره الوطني في تحقيق اهداف هذه الحملة والمساهمة في انقاذ وتشجيع الاقتصاد في هذه المرحلة.

اخيرا وليس آخرا لا يخفى على احد صعوبة الاوضاع الاقتصادية والمالية التي تتطلب معالجتها جهودا متواصلة من مختلف الجهات المعنية. وفي هذا الاطار ان حملة " فكر بلبنان" ليست الا حلقة واحدة من سلسلة مبادرات واصلاحات شاملة ومطلوبة بهدف الاستفادة من مؤتمر " سيدر" وتحديث الاقتصاد الوطني. واهم هذه الاصلاحات هي الاصلاحات في المالية العامة، حيث ارتفع عجز الميزانية كنسبة الى الناتج الى 11% في عام 2018 نتيجة سلسلة الرتب والرواتب ويجب خفضه الى 8% او اقل في  عام 2019 للتقيد بشروط مؤتمر "سيدر". ويعتبر الاصلاح المالي المدخل الرئيسي للنمو الاقتصادي الشامل ولخلق فرص عمل اذ انه يرفع من التصنيف الائتماني ويخفض اسعار الفائدة ويوفر المزيد من التمويل للقطاع الخاص، بالاضافة الى تحسين اداء المرافق العامة. ولا ابالغ بالقول، بان خلاص الاقتصاد اللبناني يعتمد بالدرجة الاولى على خلاص المالية العامة.

وكلنا امل بان يتم كل هذا في القريب العاجل بفضل الاولوية القصوى التي يوليها فخامة الرئيس والحكومة العتيدة للملف المالي والاقتصادي. فالشكر المسبق لهم وتمنياتنا لهم بالنجاح والتوفيق.

وفي الختام، تمنياتي ايضا بنجاح باهر لحملة " فكر بلبنان" وشكرا جزيلا لكم لوجودكم معنا اليوم وبالطبع لتفكيركم الدائم بلبنان".

شقير: بدوره، ألقى الوزير شقير كلمة جاء فيها: "انه يوم مبارك ان نجتمع هنا في قصر بعبدا في حضرة فخامة الرئيس لاطلاق الحملة الوطنية للنهوض بالاقتصاد اللبناني تحت شعار" فكر بلبنان". بداية اغتنم هذه المناسبة لأحيّي فخامة الرئيس على قيادته الحكيمة للبلاد، التحية موصولة للهيئات الاقتصادية وللقطاع الخاص اللبناني الذي لم يعرف اليأس يوما وبقي مؤمنا ببلده حتى في عز الازمات. التحية لجمعية تجار بيروت ورئيسها المبدع نقولا شماس الذي نجتمع اليوم معه على هذه المبادرة الرائدة التي تأتي في الوقت المناسب مع انطلاقة العمل الحكومي لاعادة الاعتبار للاقتصاد الوطني.

"فكّر بلبنان" نعم فكّر بلبنان، لان لبنان بفكرنا وقلوبنا ويعيش في وجداننا.... وعلينا جميعا كمجتمع لبناني بكل قياداته وفئاته وناسه ان ننخرط في هذه الحملة الوطنية بقوة ومن دون تردد وهوادة. اليوم جميعنا ومن دون استثناء في سفينة واحدة... مصانعنا مهددة بالاقفال متاجرنا على شفير الافلاس، مؤسساتنا السياحية تعبت وانهكت، زراعتنا لا حول ولا،  شبابنا عاطل عن العمل ويستجدي السفر، ومالية الدولة حدث ولا حرج.

نعم نحن في سفينة واحدة.. لكن بهذه الجمعة المميزة، وبقيادة فخامة الرئيس العماد ميشال عون ومعه دولة الرئيس نبيه بري ودولة الرئيس سعد الحريري، وبعزيمة القطاع الخاص وبهمة اللبنانيين، ان شاء الله ستصل السفينة الى شاطىء الامان.

ان نقف مع انفسنا ليس لاحد منة في ذلك، من ليس لديه خير لاهله وبلده ليس لديه خير لاحد.

علينا ان نقف مع انفسنا وان نشجع سياحتنا وتجارتنا وصناعتنا وزراعتنا لان ذلك باختصار هويتنا.

نريدها صرخة مدوية، والتزاما وطنيا، لانقاذ بلدنا واقتصادنا وهذه مسؤولية الجميع من دون استثناء... لان الاقتصاد اللبناني سيبقى اولا، وبالتأكيد صناعتنا تجارتنا سياحتنا زراعتنا وعمالنا اولا.

فخامة الرئيس، مطلب شد الاحزمة كان احد البنود الاساسية التي تضمنتها الوثيقة الصادرة عن قوى الانتاج  المتمثلة بالهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام والمهن الحرة والمجتمع المدني في لقائها الاخير الذي عقد في 25 ايلول 2018 في مقر الاتحاد العمالي العام. ونحن اليوم امامكم نعود ونشدد على هذا البند، الذي يجب ان لا يطال فقط الدولة بكل اداراتها العامة انما ايضا جميع اللبنانيين. فلنقلها بصراحة ان ما وصلنا اليه من عجوزات كبيرة في الميزانية العامة وفي ميزان المدفوعات والتراجع الخطر في مختلف المؤشرات الاقتصادية والمالية، يجعلنا بحاجة للدولار الواحد..وهذا يستدعي اولا من كل مؤسسات الدولة واداراتها ان تلتزم بالبيان الوزاري لجهة وقف التوظيف وخفض النفقات.

كما يقتضي من كل لبناني شد الاحزمة، خصوصا تقليص الانفاق في الخارج وحصره بالضروري.

اننا في ضائقة اقتصادية ومالية لم يمر فيها بلدنا باي يوم من الايام، ولا ينقذنا الا تضامننا والتفافنا حول بعضنا وحول دولتنا ومؤسساتنا الشرعية الرسمية والخاصة. واغتنم هذه المناسبة لأدعو من القصر الجمهوري الى القيام بحملة مركزة وشاملة لاقفال المؤسسات غير الشرعية التي باتت تتوسع وتكبر على حساب اقتصادنا الوطني ومؤسساتنا الشرعية وماليتنا العامة.

ختاما، في شهر المرأة اتقدم من نساء بلادي بالمعايدة.. وانا كلي ثقة بالسيدة اللبنانية وادعوها لتكون رأس حربة في حملة فكر بلبنان.. واكيد بيطلع بئيدا.. لتركيز الانفاق في الداخل وتشجيع المؤسسات اللبنانية والمنتجات الوطنية".

عون: ثم القى الرئيس عون كلمة هنا نصها: "يدرك الجميع اننا نعيش اليوم تراكم أزمات وليس أزمة واحدة، ولكن عندما نحللها نعرف كيفية مداواتها. في افطار شهر رمضان الماضي، اعلنت ان المرحلة المقبلة ستكون مرحلة بناء الاقتصاد اللبناني، ومكافحة الفساد، ومعالجة وضع النازحين السوريين في لبنان. هذه الملفات تتكامل لاعادة استنهاض الاقتصاد اللبناني. الأزمات المتراكمة ناتجة عن اسباب عدة:

- أولاً الأزمة الاقتصادية الدولية، التي وان كنا قد استفدنا منها قليلا في بدايتها الا اننا ما لبثنا ان تأثرنا  بها سلباً.

- الأزمة الثانية ناتجة عن الظروف التي ادت الى اقفال مداخل الشرق الاوسط في وجهنا، وبتنا محاطين بالحديد والنار من الشمال والشرق، اضافة الى وجود اسرائيل جنوباً. وبات كل ما نريد تصديره الى الدول العربية مكلفاً بالنسبة الينا.

- السبب الثالث هو الارث الكبير والسيء الذي ورثناه من اعتماد سياسة اقتصاد ريعي، لسنين عديدة، ما اوقف نمو الاقتصاد الداخلي، زراعيا وصناعياً، فبتنا سوقا استهلاكية ولم نعد سوقاً انتاجية.

طبعا من الصعب علينا حين نكون في الهاوية ان نصعد الى القمة، ولكن في بلدنا جبال، ونحن نعرف كيفية التسلق، وسنبلغ القمة ان شاء الله. لا اقول ذلك لاخافتكم بل لاؤكد انه بامكاننا الصعود".

واضاف الرئيس عون: " الملفات الثلاثة التي ذكرتها نعمل على معالجتها معاً. اولا في المجال الاقتصادي، بنينا خطة اقتصادية وخطة لاستكمال البنية التحتية للدولة الضرورية للنمو الاقتصادي. كما حققنا الارضية التي تبنى عليها هذه الخطة وهي اساسية، وذلك عبر طرد الارهاب من لبنان وتنظيف الارض اللبنانية من الخلايا النائمة، وتعرفون جميعاً اننا والحمدلله لم نتعرض لأي حادث ارهابي. اما بالنسبة الى الجريمة في لبنان،  فلا تحصل جريمة على الارض اللبنانية الا ويلقى القبض على الفاعلين خلال اقل من 48  ساعة . واود هنا ان أهنىء القوى الامنية وسائر الاجهزة التي تعالج المشاكل الامنية من الداخل والخارج. واعتبر ان قوتنا العسكرية وقوتنا في المحافظة على الامن باتت كافية، وتتطور.

ما يشكل خلافاً حاليا هو مسألة معالجة مشكلة النازحين السوريين، الذين رفعوا نسبة البطالة لدينا، كما رفعوا نسبة الجريمة بمعدل 30%، حتى صارت سجوننا غير قادرة على الاستيعاب.  وزادت بسببهم المشاكل الاجتماعية، ومشاكل البنى التحتية. وأحدثوا ضرراً في السوق التجارية الصغيرة، من خلال المحلات التي يبيعون فيها. فاللبنانيون يدفعون الضرائب فيما هم لا يدفعونها. اذاً اصبح النزوح عنصرا مؤثرا سلبا في اقتصادنا ومضرا بمصلحة عمالنا وتجارنا الصغار.

يبقى ايضا الفساد الذي هو السبب الأكبر للضرر في لبنان. طبعا الفساد عاد بالخير على الفاسدين والمفسدين، ولكنه تسبب بالشقاء لمن يدفعون الضرائب، ولا يتلقون الخدمات اللازمة التي يستحقونها من الدولة. الآن بدأت معركة الفساد، وهذا عهد قطعته على نفسي، وان شاء الله قبل هلال رمضان المقبل، سيكون هناك قسم كبير منه قد صححناه. الآن نسمع اعتراضات، ولكن في هذه المعركة ليس هناك حصانة لأحد، وهذا ما يجب ان يعرفه الجميع. انا اول شخص كنت متهما في الجمهورية اللبنانية، وكان كلما طرح سؤال على المسؤولين في لبنان عن سبب ابعادي كان الجواب نفسه: اني متهم بملف مالي ، والقضاة الموجودون هنا يعلمون جيدا ان الملف فارغ. كنت بريئاً ولم أتوسط لأحد لإظهار براءتي وطالبت التيار الوطني الحر الذي كان يتظاهر بوجه الوجود السوري في لبنان ويقاومه يومياً، ألا يتظاهر لأجل المطالبة ببراءتي التي بيّنها القضاء بعد عودتي الى لبنان".

وقال رئيس الجمهورية: "أنا نموذج لأكبر متّهم في لبنان، وعلى كل متهم ان يمثل أمام القضاء، وإلا نكون أمام مشكلة كبيرة. والشعب اللبناني عليه ان يصبح شعبا مقاوما. فالمقاومة لا تكون دائماً بهدف الحصول على الحرية والسيادة والاستقلال، وهذه اعتدنا عليها وقدمنا دماً لأجلها، ولكن علينا اليوم أن نقاوم لنحسّن اقتصادنا. لدينا انتاج جيد وعلينا تصريفه، فلا يمكن دائماً أن نستمر باستيراد كل شيء من الخارج ونزيد بذلك من قيمة العجز في ميزان المدفوعات.

لبنان يتميز بقطاعه السياحي الذي سيمنحه مردوداً ماديا مرتفعا بسبب الاستقرار الامني الذي يتمتع به، " ولكن ليس بالضرورة أن يصرف اللبنانيون الاموال على السياحة في الخارج، فالمطلوب من اللبناني أن يستغني لمرة واحدة عن السياحة في الخارج كي يخفف من العجز المالي ويمنح هذا القطاع مناعة قوية. هذا هو الشعب المقاوم، الذي يشتري من انتاجه، ويأكل من ارضه، ولا يعمل على تهريب الخضار من الخارج الى الاسواق اللبنانية بحجة أن اسعارها أدنى. ومن المعلوم أن انتاجنا الزراعي كما الحرفي هما من الافضل في العالم، وأنا أرتدي ثيابا صنعها خيّاط لبناني، كما أن أثاث منزلي لدى عقد قراني صنعته في بعلبك .

هذه هي المقاومة الحقيقية التي من الممكن ان تبني وطناً. لقد حاربنا كثيراً في الماضي، ولكن حربنا اليوم هي اقتصادية وعلينا جميعاً المشاركة فيها، كل على قدره".

وختم عون: أتمنى من جميع اللبنانيين، كبارا وصغارا ان يكونوا قد سمعوا ندائي ومن المؤكد أننا نستطيع، وبأسرع مما تتصورون، أن نتخطى هذه الازمة الاقتصادية".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o