Feb 19, 2019 2:58 PM
اقتصاد

"مؤشر جمعية تجار بيروت – فرنسَبنك لتجارة التجزئة"
49.68 للفصل الرابع من 2018 مقابل 48.17 للثالث

المركزية- أظهر "مؤشر جمعية تجار بيروت – فرنسَبنك لتجارة التجزئة" للفصل الرابع من سنة 2018 (Q4 - 2018) أن "النشاط النسبي الذى شهدته الأسواق خلال شهر كانون الأول سمح فقط بالحدّ من نسبة التراجع في مقابل نشاط الفصل الأخير لسنة 2017".

وأورد المؤشّر الصادر اليوم، ما يأتي: "بالرغم من أن الشهر الأخير من سنة 2018 شهد بعض الإقبال على التسوّق واشتدّت فيه الحركة نسبياً نتيجة لهذا الإقبال، إنما شبه الجمود والكساد كانا سائديْن خلال الشهرين السابقين له، وكانت أنشطة كافة القطاعات ضعيفة، حتى في قطاعات السلع المعيشية الأساسية، وبالتحديد قطاع المخابز، الى جانب قطاع المطاعم، بالرغم من العوامل الموسمية – من أعياد الميلاد ورأس السنة، وبالرغم من أداء أفضل بقليل بالمقارنة مع الفصل السابق في قطاعات المواد الغذائية والهدايا المعهودة في تلك المواسم كالأجهزة الخليوية أو الساعات واللعب... إلخ.

عليه يمكن القول إن النشاط النسبي الذى شهدته الأسواق خلال شهر كانون الأول سَمَح فقط بالحدّ من نسبة التراجع في مقابل نشاط الفصل الأخير للعام 2017. كان الجوّ السائد في تلك الفترة أن لا حكومة تتشكّل، ولا توافق مُجدٍ، ولا إشارة الى أي تدابير إنقاذية للاقتصاد من قبل حكومة تصريف الأعمال أو المجلس النيابي، ولا بوادر لرجوع النازحين الى بلادهم وتخفيف وطأة تأثيرهم على الإقتصاد اللبناني.

وفي المقابل زيادة في العجز وفي المديونية، وتخوّف يومي من الأوضاع النقدية، خفف من وطأته تطمينات حاكم مصرف لبنان، وتصنيفات تتراجع، وتصريحات تزرع التساؤل والحيطة حيال مصير الأوضاع الإقتصادية المستقبلية رغم التوضيحات التى تليها ...

في ظل هذه الحالة، ومع إزدياد العاطلين عن العمل اللبنانيين وندرة فرص العمل، ومع إستمرار وجود المنافسة الضاغطة في أسواق العمل من قـِـبل القوى العاملة النازحة التى لا تضخّ إلا القليل من مداخيلها في الأسواق المحلية،  تسارع المنحى التنازلي في القدرة الشرائية لدى الأسر اللبنانية، الأمر الذى كان له المزيد من التأثير على مستوى النشاط والحجم الإستهلاكي، وتـِـباعاً على حجم أرقام الأعمال.

وفي المقابل، لم تتوقـّـف طبعاً إلتزامات التجار – إن لجهة الدوائر الرسمية من مالية وضمان إجتماعي وبلديات إلخ..، أو لجهة المصارف أو تجار الجملة لسداد التسهيلات لا سيما في ظل إرتفاع أسعار الفوائد، ولا حتى لجهة النفقات العامة المتعلـّـقة بمتاجرهم ونقاط بيعهم وموظفيهم.

تزامناً مع هذا الوضع، سجـّـل معدّل التضخـّـم ما بين الفصل الأخير لسنة 2017 والفصل الأخير لسنة 2018 نسبة 3.98 % وفقاً للأرقام الصادرة عن إدارة الإحصاء المركزي، وذلك بالرغم من التخفيضات والعروضات السخية التى ظلّ التجار يقدّمونها طوال هذه الفترة، لعلّ وعسى ...

ولو نظرنا الى نسبة التضخـّـم في كل قطاع على حدة، نلحظ بعض النسب المرتفعة، حيث بلغت مثلاً:

+ 9.66 %  في قطاع الألبسة والأحذية،

+ 6.18 %  في قطاع المواد الغذائية والمشروبات غير الروحية،

+ 5.40 %  في قطاع  التعليم،

+ 5.36 %  في قطاع الاستجمام والتسلية والثقافة،

+ 5.03 %  في قطاع الأثاث والتجهيزات المنزلية،

+ 4.24 %  في قطاع الماء والكهرباء والمحروقات الأخرى، ...

عليه، أظهرت النتائج المجمّعة لأرقام أعمال قطاعات تجارة التجزئة إنخفاضاً حقيقياً في الفصل الرابع لسنة 2018 بالمقارنة مع النتائج المجمـّـعة للفصل الرابع للسنة السابقة (أي بعد التثقيل بنسبة مؤشر غلاء المعيشة لهذه الفترة) بنسبة بلغت – 4.45 %.

وبعد استثناء قطاع المحروقات (الذى شهد زيادة طفيفة في الكميات تناهز 1.70 % بالمقارنة مع مستويات الفصل الرابع لسنة 2017)، يتبيّن أن التراجع الحقيقي في أرقام الأعمال المجمـّـعة لقطاعات تجارة التجزئة بلغ نسبة – 5.18 % بالمقارنة مع مستوى أرقام أعمالها المجمّع خلال الفصل الرابع من السنة الماضية (أيضاً دون قطاع المحروقات).

إن التوقعات مبنية حالياً على أن إنطلاقة الحكومة الجديدة سوف يكون لها تأثيراً مؤكـّـداً على الأسواق بكافة متفرّعاتها، لما تحمله من آمال معلـّـقة على تحريك مفاعيل مؤتمرCEDRE  وبرنامج الدعم الذى من المنتظر أن يعيد تحريك العجلة الإقتصادية في البلاد، الأمر الذى من شأنه إعادة التفاؤل لدى كافة الأفرقاء المحليين والخارجيين، بما فيهم أولاً المستهلك اللبناني، إنما أيضاً الزوّار ولا سيما من بلدان الخليج الذين لهم تأثير مؤكـّـد في تحريك الأسواق الإستهلاكية المحلية – علاوة على الودائع المهمّة التى من المتوقّع أن تقوم بها حكومات تلك الدول، كما وعودة المستثمرين في مختلف القطاعات، فإستعادة لدورة العجلة الإقتصادية وإن بعد فترة. ولن ننسى أيضاً أن المطلوب من الحكومة العتيدة، وبالأخص من الوزارات المعنية، أن تنكبّ على البدء بتطبيق توصيات دراسة ماكـِنزي التى من شأنها أن تعيد تموضع  مسار الإقتصاد اللبناني في الإتجاه التنموي المرجو، إنما أيضاً بعد فترة. لذلك، وإلى حين البدء بشعور تلك المفاعيل الإيجابية، لا بدّ أن يتمّ تفعيل صيغة إنقاذية فورية تسمح للأسواق أن تصمد خلال هذه الفترة الإنتقالية.

أما بالرجوع الى واقع الفصل الأخير من السنة المنصرمة، وبالتمعـّـن في النتائج الى سجـّـلها كل قطاع من قطاعات تجارة التجزئة خلال هذا الفصل،  تـُـظهر الأرقام أن نشاط الأسواق ظلّ يتردّى وأن التقشـّـف الإستهلاكي بات أوضح فأوضح من خلال ترشيد الإستهلاك، حيث كانت دوافع الشراء والتبضّع مرهونة لدى معظم الطبقات الإجتماعية بالتطوّرات التى سوف تشهدها الساحة المحلية والأوضاع الإقليمية، على ما لذلك من تأثيرات على الأوضاع المالية لدى الأفراد والأسر والأوضاع النقدية في البلاد، لا سيما في ظلّ إرتفاع أسعار الفوائد وتراجع التصنيفات، ونتيجة لما يُعرف في علوم الإقتصاد بتوقـّـعات الدخل المستقبلي التى تحدّد مدى الإقبال على الاستهلاك الحالي.

من جهة أخرى، وبالرغم من أن مؤشر غلاء المعيشة ما بين الفصلين الثالث والرابع لسنة 2018 لم يتعدّى 0.32 %، تبيّن دراسة أرقام أعمال القطاعات المختلفة للفصل الرابع من 2018 تحسـّـناً متواضعاً بالمقارنة مع الفصل السابق له. فالملاحظ هنا أن التحسّن لم يكن بالمستوى المطلوب، وتركـّـز على قطاعات تشهد إقبالاً بطبيعة الحال في هكذا موسم، مثال قطاع السوبرماركت والمواد الغذائية، والمشروبات، والعطور والساعات والمجوهرات، وأيضاً قطاع الأجهزة الخليوية واللعب، وأيضاً قطاع السلع الصيدلانية (وذلك بالرغم من التخفيض المستمر لأسعار الدواء).

لكن في المقابل كان هنالك تباطؤ في الطلب في العديد من القطاعات، أبرزها قطاع معدّات البناء (لأسباب واضحة)، وكذلك في قطاعات من المفروض أن تنتعش في هذه الفترات، كالمخابز مثلاً والتبغ والأحذية والملابس والتجهيزات والأجهزة المنزلية، وأيضاً الأثاث والمفروشات، علاوة على التباطؤ في حركة المراكز التجارية. عليه، جاءت النتائج المجمـّـعة لكافة قطاعات تجارة التجزئة لتسجّل تحسّناً بالمقارنة مع الفصل الثالث - ولو نسبياً لهكذا موسم، وبلغ الارتفاع الحقيقي في أرقام الأعمال المجمّعة + 3.95% بعد إستثناء قطاع المحروقات (الذى شهد هو الآخر معدّل زيادة في الكميات المباعة بلغ + 1.13%).

في ضوء ما سبق، وبعد الإشارة الى أن المؤشر الأساس (100) الذي قد تم تبنّيه هو للفصل الرابع لسنة 2011، وأن تضخم الأسعار خلال الفصل الرابع من سنة 2018، وفقاً لإدارة الإحصاء المركزي، بلغ + 0.32%، نعلن أن "مؤشر جمعية تجار بيروت- فرنسَبنك لتجارة التجزئة" هو 49.68 للفصل الرابع من سنة 2018 مقابل 48.17 في الفصل الثالث من هذه السنة.

إن "مؤشر جمعية تجار بيروت – فرنسَبنك لتجارة التجزئة" للفصل الرابع من سنة 2018 شهد، نتيجة للعوامل الفصلية، تحسـّـناً بسيطاً، لم يكن ليحصل لولا الحركة التى شهدها الشهر الأخير من السنة التى سمحت بتخفيف وطأة الجمود الذى ساد في الشهرين السابقين له.

إن الرهان اليوم هو على إنكباب الحكومة العتيدة، ولا سيما الوزارات المعنية فيها، على إنقاذ الاقتصاد الوطني من خلال ما جاء التصريح به بوضوح في البيان الوزاري، من استقرار مالي ونقدي، واستثمار عام، وتحديث للقطاع العام، والقيام بالإصلاحات الهيكلية والقطاعية المطلوبة، وإقرار استراتيجية للقطاعات الإنتاجية والخدماتية، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة ...".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o