Feb 07, 2019 3:35 PM
خاص

تركة ثقيلة مـــن "استعادة الثقة" إلى "حكومة الى العمل"
التجنيس والموازنة والنفايات وسيدر قد تطيحها "التناقضات"

المركزية- إذا كانت الحكومة الوليدة أبدت تصميما واضحا على الانكباب على وضع الاصلاحات التي ينتظرها المجتمع الدولي من لبنان، شرطا لمده بالمساعدات المالية والمشاريع التي أقرت له في مؤتمر سيدر الذي عقد في باريس في نيسان الفائت، فإن هذا لا ينفي أن هذا الالتزام الدولي، على أهميته، ليس الوحيد الذي يكمن للمكونات الحكومية المتناقضة في نظرتها إلى الأولويات، على كوع مرحلة ما بعد الثقة النيابية.

ذلك أن تركة "حكومة استعادة الثقة" لخليفتها التي اتخذت "العمل" شعارا لها تبدو ثقيلة جدا، خصوصا أن مرحلة طويلة من الفراغ أعقبت "انتهاء الولاية الحكومية بعيد الانتخابات النيابية في أيار. ذلك أن التأليف الطويل فرمل حل بعض الملفات الحيوية التي ينتظرها الناس منذ عقود. وليس أبلغ من أزمة الكهرباء دليلا إلى ذلك. ففي وقت ارتفعت باكرا الأصوات المعارضة لخطة الوزير (السابق) سيزار أبي خليل القائمة على استئجار البواخر من الشركة التركية "كارادنيز"، من داخل الحكومة كما من خارجها، لجأت الدولة اللبنانية إلى البواخر لمد بعض مناطق أقضية جبيل وكسروان والمتن بالكهرباء، في انتظار الحل المستدام الذي وعدت الوزيرة الجديدة ندى البستاني (التي شغلت سابقا منصب مستشارة سَلَفها أبي خليل) بالعمل عليه، علما أن في جلستها الأخيرة المنعقدة في تاريخ 21/5/2018، قفزت الحكومة فوق التعديلات التي وضعتها دائرة إدارة المناقصات على دفتر الشروط.

وتماما كما البستاني، سارع وزير البيئة الجديد فادي جريصاتي، المنتمي إلى التيار الوطني الحر، وهو صديق شخصي للوزير جبران باسيل، إلى ابداء الحماسة لحل أزمة النفايات. وإذا كانت في هذا الموقف محاولة واضحة لامتصاص النقمة الشعبية التي أذكتها الروائح الكريهة المتأتية من مطمر برج حمود، فإن هذا لا ينفي أن في مقابل التوق الشعبي إلى خطة ترسم أول غيث حل نهائي للأزمة، فإن تناقض النظرة إلى هذا الملف من الممكن أن تسبب كباشا كبيرا في الحكومة الجديدة، تماما كما كانت حال حكومة الرئيس تمام سلام، التي شهدت استقالة كتائبية ثلاثية على خلفية هذه القضية، التي انتقلت إلى الشارع بفعل اعتصام حزب الكتائب في المطمر، انفجر خلافا مع حزب الطاشناق أخّر الحل. أمام هذه الصورة،  فضلت الحكومات اللبنانية المتعاقبة صم الآذان عن المطالبات الكثيرة ببناء معامل الفرز والتسبيخ وتسليم الملف إلى البلديات عملا بمبدأ اللامركزية، مانحة الأولوية للحلول الموقتة كاللجوء إلى مطمر الكوستا برافا، مع ما يشكله ذلك من خطر على الطيران. وفي وقت كانت "المطامر الموقتة" تمتلئ تدريجا، رضخت السلطة لمتطلبات "سيدر" وأقر مجلس النواب "خطة إدارة النفايات الصلبة" التي تتضمن، في ما تتضمن، اعتماد المحارق حلا. والأمل في أن تتجنب الحكومة، في ضوء حماسة الوزير، هذا الخيار المر "السرطاني".

على أن هاتين القنبلتين ليستا الوحيدتين على طريق الألغام الكامنة للفريق الوزاري الجديد. ذلك أن مرسوم التجنيس الشهير الذي وقع بعيد الانتخابات النيابية الأخيرة لا يزال ينتظر حلا، بعد انفجار إشكالية  اشتماله على فلسطينيين وسوريين، بما يشكل مخالفة صريحة للدستور الذي ينص على رفض التوطين ودعم حق العودة للاجئين إلى وطنهم الأم. وبعد ارتفاع الصوت الكتائبي المعارض لهذه الخطوة، إنضمت القوات والحزب التقدمي الاشتراكي إلى النائب سامي الجميل، فقذف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كرة النار إلى ملعب رجل المهمات الصعبة، المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم. غير أن المختارة ومعراب أقدمتا على نقل الملف إلى الميدان القضائي من خلال الطعن به أمام مجلس شورى الدولة، في موقف لم تجارهما فيه الصيفي لاقتناعها بأن هذه التجربة ستبوء بالفشل، لأسباب مرتبطة أولا بالشكل.

على أن إثنين لا يختلفان على القول إن المعضلة الأكبر التي سيتيعين على الحكومة مواجهتها تكمن في وضع موازنة جديدة تلحظ ترشيدا للإنفاق وتخفيضا للعجز كما يطالب به المجتمع الدولي في سياق إصلاحات مسار سيدر، إضافة إلى الزيادة في الواردات، علما أن وزير المال علي حسن خليل لم يتأخر في تأكيد أن خفض العجز لا يعني زيادة في  الضرائب، في وقت لا ينفك رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط يطالب بوقف الهدر والانكباب على معالجة "الكهرباء"، باعتبار ذلك حلا للأزمة المالية للدولة. كلها ملفات "نارية" قد تنفجر في الحكومة، بفعل تناقضات مكوناتها.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o