Feb 17, 2018 6:39 AM
صحف

ساترفيلد يُربك لبنان "نفطياً!

غادر وزير الخارجية ريكس تيلرسون بيروت بخفيّ حنين، حيال الاشتباك النفطي بين لبنان واسرائيل، وبقيت صواعق هذا الاشتباك مشتعلة، وبقي مساعده دايفيد ساترفيلد على خط التواصل مع المستويات الرسمية حيث تنقّل بين عين التينة والسراي الحكومي وقصر بسترس، لكن من دون ان ينجح في انتزاع موافقة على ما سمّي «حل الوسط» الاميركي، الذي يقول إنّ الحل الوحيد لأزمة الحدود البحرية النفطية يكون بالعودة الى خط فريديريك هوف، الذي رسمَ في العام 2012 خطاً بحرياً يمنح لبنان 60 في المئة من المنطقة المختلف عليها بين لبنان واسرائيل، ويمنح اسرائيل 40 في المئة منها.

اللافت للانتباه في هذا السياق، وكما تؤكد مصادر مواكبة لهذا الملف لـ»الجمهورية»، انّ الطرح الاميركي الذي سعى ساترفيلد الى تسويقه، أربك الموقف الرسمي اللبناني، إذ بَدا انّ بعض المستويات السياسية تعاطت بليونة مع هذا الطرح مع ميل الى الموافقة عليه، فيما كانت مستويات اخرى ترفع البطاقة الحمراء امام الطرح الاميركي على اعتباره طرحاً خبيثاً مغايراً لم يأخذ من خط هوف سوى الاسم فقط، ذلك انّ ما اقترحه هوف ليس التقاسم بنسبة 60 % للبنان من المنطقة المختلف عليها و40 % لإسرائيل، بل هو اقترح ان يمنح لبنان 60 الى 65 % من المنطقة المختلف عليها، وامّا المساحة المتبقية، فيعتمد حولها خياران، الاول: ابقاء المنطقة كما هي من دون ان يستثمر فيها لا لبنان ولا اسرائيل الى حين التوصّل الى اتفاق حولها بينهما. والثاني: أن يُصار الى الاستثمار فيها، على ان توضَع الاموال المحصّلة في صندوق حيادي الى حين حصول اتفاق بين الطرفين.

وبحسب المصادر انّ الموقف الاميركي انطوى على لغة ترغيبية عَبّر عنها الموفد الاميركي بقوله ما مفاده، انّ موافقة لبنان على الالتزام بخط هوف يفتح الباب أمامه للشروع في استثمار نفطه البحري الذي كلما تأخّر لا يجني لبنان من ذلك ايّ فائدة، حتى انّ الموفد الاميركي حاول إحراج مَن التقاهم بسؤال: هل يريد لبنان نفطه ام لا»؟

الّا ان صورة الموقف اللبناني، كما تؤكد المصادر، عادت الى الثبات، بعد سلسلة اتصالات جرت في الايام الاخيرة على الخطوط السياسية والرئاسية كلها، وخصوصا بين بعبدا وعين التينة والسراي وكذلك مع «حزب الله»، خلاصتها «اذا تراخى لبنان في هذه المسألة سيخسر حتماً، والطرح الاميركي، كما يجري تسويقه، يعطي 60 % للبنان و40 % لإسرائيل، والمكامن النفطية موجودة بشكل اساسي في مساحة الـ40 % التي تكتنز ثروة من النفط والغاز بعشرات المليارات من الدولارات، وفق تقديرات الخبراء. فإذا قَبل لبنان بهذا الطرح فَرّطَ بسيادته من جهة، وهو لن يجني من الثروة النفطية الموعودة سوى الفتات، من جهة ثانية.

وعلمت «الجمهورية» انّ حركة الاتصالات صاغت موقفا نهائيا فحواه رفض ما سُمّي «التحايل الاميركي على الخط»، وانّ القبول بهذا الطرح معناه التفريط، ليس بالثروة النفطية والغازية، بل بالسيادة الوطنية.

من جهتها، اشارت صحيفة "النهار" الى "ان الدولة اللبنانية لا تزال، وفق مصادر سياسية، تأمل من الاميركيين في بلورة طرح يتعلق بالمنطقة التي تدعي اسرائيل ان لها حقوقاً فيها، بعد رفض "خط هوف". وقالت المصادر "إن لا حل قريباً في الأفق لتسوية في هذا المجال، بعدما ابلغ الرئيس بري ساترفيلد، رفض الطرح الأميركي، مصراً على ترسيم الحدود البحرية بواسطة اللجنة الثلاثية المنبثقة من تفاهم نيسان 1996. ومن الاقتراحات الأميركية إجراء مفأوضات مباشرة شبيهة بمفأوضات الناقورة، وهو أمر رفضه لبنان كذلك، أما التوجه الى الجهات الدولية والذهاب الى خيار التحكيم فيستبعده لبنان، لأنه يحمل أخطاراً على استغلال الثروة النفطية والبدء بالاستكشاف والتنقيب، على رغم أن التحكيم قد يعطي لبنان حقوقاً متقدمة جداً عن الطرح الأميركي. ونقلت عن اوساط الرئيس الحريري قولها "ان الاميركيين لا يزالون يطرحون اقتراح هوف في المنطقة التي تدعي اسرائيل ان لها حقوقاً فيها". ولم تر أوساط الحريري حلاً قريباً لهذه المشكلة. في حين اوضحت أوساط وزارة الخارجية "ان ما يحكى عن تقاسم المنطقة التي تطالب بها اسرائيل غير دقيق والمسألة اكثر تعقيدا من ذلك".

بدورها، اوضحت مصادر وزارية مطّلعة لصحيفة "الشرق الاوسط" ان ساترفيلد اطلع على اقتراحات طرحها الجانب اللبناني، الذي لا يزال مرحباً ومتجاوباً مع الوساطة الأميركية، وهي: "انضمام ممثل أميركي إلى اللجنة الثلاثية التي تجتمع دورياً لبحث الحدود البرية، وتضم الجانبين اللبناني والإسرائيلي عبر وسيط من الأمم المتحدة، أو تشكيل لجنة رباعية سياسية مع مندوب للولايات المتحدة الأميركية، وإما اللجوء إلى التحكيم الدولي أو العودة إلى خرائط قديمة موجودة في بريطانيا".

اما صحيفة "الحياة"، فنقلت عن مصادر عسكرية قولها "ان مطلب لبنان القديم بأن تتولى الأمم المتحدة ترسيم الحدود البحرية على غرار ترسيمها الخط الأزرق البري عند الانسحاب الإسرائيلي عام 2000، واجه صعوبة، لأن قيادة "يونيفيل" تحتاج إلى قرار من مجلس الأمن في هذا الخصوص لأن هذه المهمة ليست مشمولة بولايتها وفق القرار 1701. وهذا ما دفع لبنان إلى اقتراح ترسيم الحدود عبر اللجنة الثلاثية الدولية- الإسرائيلية- اللبنانية. وتردد أن الجانب اللبناني طالب بأن يشارك الجانب الأميركي في اللجنة الثلاثية أيضاً.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o