Feb 16, 2018 6:53 AM
صحف

المحادثات مع تيلرسون: تطمينات من دون ضمانات

 

لخّصت "الجمهورية" المحادثات اللبنانيةـالاميركية التي جرت امس بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة من جهة مع وزير الخارجبة الاميركي ريكس تيلرسون من جهة ثانية بالنقاط الاتية:

  1.  الجانب اللبناني اعتبر انّ حق لبنان هو شرعي بكل البلوك 9، وبالتالي يحق له استخراج النفط من دون اعتبار لمعارضة اسرائيل.

امّا الجانب الاميركي فاعتبر انّ هذا الموضوع يتطلّب جهداً ديبلوماسياً لكي لا يؤدي الى انعكاسات امنية، وهو ما عبّر عنه تيلرسون في مؤتمره الصحافي في السراي الحكومي، إذ قال: «ملتزمون بمساعدة لبنان والشعب اللبناني لتحقيق الازدهار من خلال تطوير ثرواتهم الطبيعية بالتوافق مع كل جيرانهم. وإذا تمّ التوصّل إلى اتفاقية فهذا سيساعد لبنان ودول الجوار على الازدهار، الآن وفي المستقبل».

  1.  شرح الجانب اللبناني شرعية الحدود الدولية التي تثبتت في الـ1949 في اتفاق الهدنة، وانّ الخط الازرق هو خط وقف اطلاق نار وليس خطاً حدودياً دولياً. وبالتالي، هو خط امني لا يجيز لإسرائيل اعتبار الحدود الدولية بديلاً من خط الهدنة. وبالتالي، فإنّ الجدار الحدودي الذي تبنيه يشكّل مسّاً بالسيادة البرية لدولة لبنان.

امّا الجانب الاميركي، وإن كان تفهّم موقف لبنان فإنه ربط مصير خطّي الهدنة والازرق بالقرار1701. وفي كل الحالات بضرورة ان لا يؤدي هذا الخلاف الى تصعيد عسكري في الجنوب في هذه المرحلة تحديداً، وأبدى استعداد بلاده للقيام بدور بنّاء في هذا المجال حرصاً على استقرار المنطقة الجنوبية، التي اشار الحريري في المؤتمر الصحافي الى انها «اكثر الحدود هدوءاً في كل الشرق الاوسط».

  1.  كان لافتاً التناقض النسبي بين تصريح تيلرسون في الاردن الذي اعترف فيه بأنّ «حزب الله» جزء من العملية السياسية في لبنان، وبين موقفه الحاد بعد اجتماعه مع الحريري، إذ قال انّ الحزب منظمة إرهابية ولا نقبل التمييز بين جناحيه العسكري والسياسي. ودعاه الى الانسحاب من حروب المنطقة، ومن سوريا تحديداً.

لكنّ مصادر لبنانية كشفت انّ الجانب اللبناني، وخصوصاً عون وبري، حاولا التخفيف من الموقف الاميركي من «حزب الله»، وشرحا للوزير دوره في مقاومة اسرائيل في مرحلة لا تزال القوى الامنية والعسكرية تحتاج الى مزيد من الدعم والعتاد والعديد، الأمر الذي لم يوافق عليه الجانب الاميركي.

  1. أبلغ الجانب اللبناني الى تيلرسون انّ لبنان يعتبر سياسة «النأي بالنفس» مفيدة له، ولطالما كان يتبعها طوال العقود السابقة، والحكومة اصدرت بياناً بذلك بعد عودة الحريري. لكنّ الجانب الاميركي تمنى ان يكون لهذا الاعلان صفة تنفيذية «لأنّ «حزب الله» لم يلتزم «النأي بالنفس» حسب التقارير الرسمية الواردة الى واشنطن، وهو أمر من شأنه إضعاف شبكة الحماية الدولية للبنان في حال حصول تطورات في المنطقة او على الحدود اللبنانية ـ الاسرائيلية.

وأبلغ تيلرسون الى الجانب اللبناني انّ بلاده تبلّغت اكثر من مرة في الاشهر الماضية انّ اسرائيل لا ترغب الحرب مع لبنان وتفضّل ان يُصار الى الالتزام الكامل بالقرارين 1701 و1559 الأمر الذي لا يجد ترجمة له على الارض. وهنا أبلغ الجانب اللبناني الى تيلرسون أنّ شكوى اسرائيل ترتدّ عليها لأنها هي التي تخرق القرار 1701 بنحو شبه يومي من خلال خروقاتها الجوية والبحرية والبرية للسيادة اللبنانية، من دون ان يصدر موقف دولي بذلك.

  1. أكد الجانب اللبناني، وخصوصاً رئيس الجمهورية، ضرورة البدء بإعادة النازحين السوريين الى بلادهم، وتمنى على الولايات المتحدة أخذ المبادرة في وضع برنامج العودة ما يقوّي ثقة لبنان بالعلاقات التقليدية مع واشنطن، لأنّ كل الدعم الذي تقدمه واشنطن والمجتمع الدولي للبنان يبقى سريع العطب طالما يوجد على ارضه مليون ونصف مليون نازح. وشدّد عون على ضرورة الاسراع في وضع هذا البرنامج موضع التنفيذ، لأنّ هذا الوجود البشري الكثيف يشكّل من دون ان ندري قنبلة موقوتة في المجتمع اللبناني من شأنها تهديد استقرار لبنان.

امّا الجانب الاميركي، وإن كان تفهّم موقف لبنان، فقد رأى انّ هذا القرار يتطلب تعاوناً بين لبنان والامم المتحدة والدول المانحة لكي يُصار الى عودة تدريجية وآمنة للنازحين على المدى المتوسط، ما جعل بعض المراقبين يعتقدون انّ الاوضاع في سوريا قد تكون مُقبلة على تطورات عسكرية جديدة.

وفي النتيجة، حصل لبنان من تيلرسون على تطمينات لم تبلغ حدود الضمانات. كذلك قدّم اقتراحاً لحلّ لموضوعي الجدار والبلوك 9 تحدَّد على أساسه موعد اللقاء بين ساترفيلد وباسيل اليوم للبحث فيه.

وفيما نفت مصادر مطّلعة على المفاوضات عرض الوزير الأميركي إجراء مقايضة بين «خط هوف» و«التطنيش» عن السلاح، عقد باسيل وتيلرسون خلوة، سمع فيها الأخير بوضوح أن المقاربة التي جاء بها ساترفيلد في شأن ترسيم الحدود اللبنانية ــ الفلسطينية المحتلة تحت شعار «العرض غير القابل للتفاوض» (take it or leave it) غير مقبولة من لبنان. وعلمت «الأخبار» أن باسيل أبلغ نظيره الأميركي أن الموضوع لا يتعلق برسم خط حدودي، بل بـ«خط اقتصادي» يعطي لبنان حصته الكاملة من موارده النفطية. مصادر مطّلعة على المحادثات قالت إن أجواء المحادثات مع تيلرسون كانت «أكثر طراوة» من تلك التي جرت مع ساترفيلد، كون الأول أكثر خبرة في ملف النفط، بحكم عمله سابقاً في هذا القطاع.

بدورها، نقلت صحيفة "النهار" عن مصادر أميركية مطلعة في واشنطن قولها "إن التسوية التي طرحتها الولايات المتحدة قبل سنوات لحل الخلاف اللبناني - الاسرائيلي على الحدود المائية، والمعروفة بـ"خط هوف" نسبة الى السفير فريدريك هوف الذي قدمها في مطلع العقد عندما كان مبعوثاً لبلاده، لا تزال الحل الأفضل والموقت للخلاف على ملكية 860 كيلومتراً مربعاً من المياه الاقليمية التي يطالب بها الطرفان للتنقيب عن الغاز الطبيعي فيها. ويقضي خط هوف بإعطاء لبنان 60 في المئة من هذه المياه بعدما تلقت واشنطن مقترحين من الحكومتين اللبنانية والاسرائيلية آنذاك اعتمدا على منهجية اميركية متساوية البعد في تخطيط الحدود المائية بين االبلدين. وأوضحت المصادر الاميركية المطلعة ان كلا الطرفين اعتمد الأسلوب ذاته في تخطيط التضاريس وحضت واشنطن الطرفين في حينه على قبول التسوية وايداعها الأمم المتحدة. وأضافت أن التسوية الأميركيّة هي الأفضل في غياب مفاوضات مباشرة بين البلدين، مرجحة ان يكون الوزير تيلرسون ونائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الاوسط ديفيد ساترفيلد ماضيين في محاولة اقناع الطرفين بها.

كذلك، وصفت مصادر مطلعة زيارة المبعوث الأميركي بـ"الجيدة التي يمكن البناء عليها"، وهو ما لفت إليه الوزير الأميركي في المؤتمر الصحافي الذي عقده مع رئيس الحكومة سعد الحريري. وأوضحت المصادر لـ"الشرق الأوسط"، أنه "إضافة إلى الاقتراح الأميركي الذي كان قد طرحه ساترفيلد الذي يرتكز على ما يعرف بـ(خط هوف)، طُرحت خلال اللقاءات أفكار جديدة يمكن البناء عليها التي ستبقى محور بحث بين ممثلي الطرفين، اللبناني والأميركي، للتوصل إلى تسوية".

ونقلت "الحياة" عن مصادر رسمية قولها "أن تيلرسون أثار في لقاءاته مع الرؤساء الثلاثة موضوع سلاح "حزب الله" وتدخله في سورية، ونقلت عن عون قوله له: "إننا ندعو المجتمع الدولي والدول الفاعلة إلى إيجاد حل سريع للحرب السورية وأوضاع المنطقة وتطبيق القرار الدولي الرقم 1701، لأنه يؤدي إلى انتفاء الحاجة إلى السلاح". ووفق المصادر، قال بري للوزير الأميركي: "قرأت تصريحك عن أن حزب الله جزء من العملية السياسية في لبنان"، فأكد له تيلرسون ما قاله خلال زيارته الأردن، فسأله بري: "كيف تطلبون نزع سلاح الحزب الذي يعود إلى المقاومة في بلد لا تزال إسرائيل تحتل جزءاً من أرضه وترفض ترسيم الحدود وتهدد بوضع يدها على ثروته النفطية في البلوك الرقم 9؟". وذكرت المصادر أن بري لفت إلى حق أي شعب في مقاومة من يحتل أرضه وهناك إجماع لبناني على تحريرها ومن ضمنها مزارع شبعا. وعندما تتحرر لن تعود هناك حاجة إليه. واعتبر بري أن "الدليل هو أنه حين توافقنا على حل الأزمة في لبنان وفق اتفاق الطائف سلمت الأطراف سلاحها للدولة".

وأوضحت المصادر أنه عند مناقشة مراقبة الحدود بين لبنان وسورية شدد بري على الدور الفعال للقوى الأمنية والجيش اللبناني لضبط الحدود، وأن الجيش استحدث لواء حماية الحدود ودعمه بأحدث التجهيزات لمراقبتها.

 

 

 

 

 

 

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o