Feb 21, 2018 1:24 PM
اقتصاد

بارودي يشارك فـي منتدى الطاقة فـي أثينا ويحدّد مسؤوليات الحكومة والتحديــات

المركزية- قدّم الخبير في قطاع الغاز والنفط رودي بارودي مداخلة في منتدى الطاقة الذي عُقد أخيراً في أثينا حول مسؤوليات الحكومة تجاه التطورات الإقليمية المتصاعدة، وهنا نصّها:

1- ظلت منظمة "أوبك" وروسيا لمدة طويلة من أكبر القوى المؤثرة في عالم النفط والغاز في العالم والآن تسبب ما يعرف بـ "ثورة الغاز الصخري" في جعل الولايات المتحدة القوة العظمى الثالثة في مجال الهيدروكربون وتحديد السعر الفعلي الذي يهددهما. وقد نتج عن تلك المؤثرات العظمى وضعها في فئة بحدّ ذاتها في المرحلة العالمية ولكنها تترك مجالاً واسعًا لصغار المنتجين الإقليميين، وهذا هو الحال في العديد من دول شرق البحر المتوسط القريبين من الاتحاد الأوروبي أو حتى الأعضاء فيه بما يجعل المنطقة الكلية بمثابة المورد الطبيعي لأكبر ثاني سوق غاز طبيعي في العالم.

والتحريض على اختراق هذا السوق بسبب التطورات في البنية الأساسية التي تنفذ في العديد من مناطق أوروبا الجنوبية والجنوبية الشرقية في غياب الغاز الإضافي في السوق بما سيؤدي إلى خفض الأسعار، وستكون سوق غاز دول أوروبا الجنوبية والجنوبية الشرقية مجرّد مكمل بدلاً من منافس للموردين الذين يوردون عبر خطوط الأنابيب من روسيا وحاملات الغاز الطبيعي السائل من قطر للجزائر وأولئك المتوقع منهم البدء من الولايات المتحدة، إضافة إلى أن الطلب على الغاز الطبيعي السائل يتزايد بسرعة أكثر منه بالنسبة إلى الطلب على النفط الخام في العديد من المناطق - بما فيها دول شرق البحر المتوسط - وليس هناك نقص في عدد العملاء لذلك فمن المحتمل أن تجد مشروعات الغاز الطبيعي السائل الدعم القوي كوسيلة للحصول على وسيط – ومتطلبات التوريد الطويلة الأمد. كذلك سيتنوّع إنتاج دول شرق المتوسط من حيث مصادر التوريد الأوروبية والحدّ من الأثر المحتمل للتدخلات المحتملة في مكان آخر.

2- أصبحت منطقة حوض شرق البحر المتوسط مقاطعة هيدروكربون قائمة في ذاتها بعقود من الدراسات والاكتشافات والإنتاج ومستودعات النفط والغاز العامة المنتشرة بالمنطقة، إضافة إلى أن هذا الوضع الجديد ظهر في وقت التغيّرات الجوهرية التي طرأت على نظام الطاقة العالمي حيث يتضمّن هذا التحوّل الإثراء الأسرع والأعمق للغاز الطبيعي بصفته سلعة صناعية عالمية، ويعتبر الغاز الطبيعي مصدر وقود أكثر استدامة من المصادر الأخرى بسبب قلة الانبعاثات الصادرة منه، وذلك بدافع العديد من المشكلات البيئية الكامنة وراء التوسع السريع للطاقة المتجددة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية. ومثل ما هو الحال مع الطاقة المتجددة، تستمر التطورات التقنية في إحداث المزيد من التنويعات في الغاز الطبيعي وجلب المزيد من التنافسية السعرية.

3- يبدو الآن أن العديد من الدول المجاورة لدول شرق البحر المتوسط – جميعهم تقريبًا- لديهم مستودعات خارجية من الغاز الطبيعي المجدية من الناحية التقنية والتجارية، بل والأكثر من ذلك، فإن تلك الكميات المعنية ستحقق الدخل الواعد والمدخرات التي ستكون لها الآثار الحاسمة على الاقتصادات القومية المتعددة في حال استثمارها بالشكل الملائم، وفي قارة أوروبا ستشهد نفقات طاقة أقل والحدّ من نفقات المعيشة ومصروفات الشركات والحكومات أيضًا، كما أن تدفق الغاز الطبيعي من دول شرق المتوسط إلى أوروبا يعني المزيد من التنوّع ومرونة التوريد ويليه عن كثب التنافسية في مجال الصناعة الأوروبية والإسراع في النمو الاقتصادي والتطويرات المهمة الطويلة الأمد للتمويلات العامة.

4- بالنسبة إلى دول شرق البحر المتوسط على الأخص، فإن المجازفات تكون أعلى، ولأسباب تاريخية عدة نجد أن معظم تلك الدول لم تحقق بعد أي مستوى من مستويات التطور الذي تحقق لدى العديد من بلدان الاتحاد الأوروبي، والفارق شديد بالنسبة إلى الدول الأخرى على وجه الخصوص (مثل لبنان وسوريا) كما ينطبق أيضًا بعض دول الاتحاد الأوروبي بما فيها قبرص واليونان وقد تواجه تلك الدول عراقيل على عائدات الغاز التي ستضاعف من قدرتهم على تضييق الفجوة بشكل مطرد، وفي وجود المكافآت المحتملة لشعوبهم، لم يكن لدى الحكومات المعنية خيارًا آخر أقل من المسؤولية الأخلاقية لاستغلال الظروف المواتية عن طريق استخراج ثروات النفط والغاز داخل الميادين الاجتماعية والاقتصادية والجيوسياسية.

5- يجب أن تركز هذه الحكومات على السياسات أكثر من التنسيق في مجال طاقة الدول اليورو المتوسطي وكيفية استغلال تلك الموارد بكفاءة أكثر لتوفير النفع المباشر لمواطنيها، مثل توفير موارد الطاقة بتكلفة أقل وتأمين طاقة أعلى والحدّ من التلوّث في أقرب فرصة، كما يجب عليهم دراسة كيفية استغلال إيرادات تصدير الغاز بحرص لدعم العدالة الاجتماعية، وستسمح العوائد بتنفيذ الاستثمارات غير المسبوقة في مجال التعليم والرعاية الصحية والبنية الأساسية، ولن يتم التأكد من الإنفاق على الوجه الملائم إلا عن طريق النظم السليمة والإجراءات الصحيحة.

6- وعلى النقيض، يجب أن تعقد تلك الحكومات العزم على تجنب أي شيء من شأنه تأجيل الاستثمار أو الحد منه في القطاع، أولاً والأكثر أهمية، يجب إعلان سيادة القانون والترحيب بهذا المبدأ، وسيحتاج المنتجون المستقبليون مشاركة كبرى شركات النفط الدولية، كما أن شركات النفط ترغب في التأكد من الشفافية قبل طرح استثماراتها الضخمة اللازمة لبناء صناعة نفط وغاز ناجحة. وعلى سبيل المثال، عند التزام الجميع القانون الدولي ستقل التوترات الحدودية، بسبب وجود ضرورات أخرى لدى شركات النفط ألا وهي الاستقرار. فالقضايا الجيوسياسية والمناوشات السياسية بين الدول المتجاورة في حاجة إلى التسوية الناضجة وعن طريق الصبر والحوار المباشر وغير المباشر، هذه هي الوسيلة الوحيدة للحفاظ على المناطق المحدودة التي تعتريها النزاعات. ومن بين الطرق الأكثر تأكيدًا هي تحقيق ظروف الاستقرار المطلوبة لاقتصادات الطاقة بالنسبة إلى كافة الدول المعنية بالتوقيع على معاهدة الأمم المتحدة حول القانون البحري، مما قد يفتح بعض قنوات الاتصال الضرورية جدًا.

7- التوقيت مناسب جدًا وذلك لأن التطورات التكنولوجية سهّلت عملية الحصول على الغاز الطبيعي وخصوصاً في دول شرق البحر المتوسط. وفي المقام الأول، سهّلت التكنولوجيا الحديثة سبل استخراج الغاز الطبيعي وبتكلفة أقل وجعلتها أكثر جدوى على الرغم من وجود العقبات المستعصية، كما أن عمق البحر المتوسط يُعد من أحد التحديات الأخرى التي استطاعت الوسائل الهندسية المتطورة التغلب عليه.  ففي مرحلة المعالجة، أصبحت عملية تحويل الغاز الطبيعي إلى سائل، شائعة. كما أصبحت التقنيات اللازمة ميسورة التكلفة على نحوٍ مستمر، بما يوفر للمنتجين القدرة على تخطي خطوط الأنابيب الثابتة والتي قد تكون ضعيفة بما يفتح المزيد من الأسواق الجديدة حول العالم. وحتى عملية التسليم أصبحت أكثر سهولة بالنسبة إلى المستخدمين، وأصبحت شاحنات الغاز الطبيعي السائل أصغر حجمًا بما يسمح لها بخدمة المزيد من الموانئ من دون التضحية بالسلامة والتخزين العائم الحديث ووحدات إعادة التحويل إلى غاز أو وحدات التخزين العائم وإعادة التحويل إلى غاز بما يسهّل من عملية تنظيف الغاز الطبيعي المحترق لأي عميل أيًا كان حجمه والسوق في الانتظار.

8- بالنسبة إلى الكثير من التاريخ المسجل، فإن هذا الجزء من العالم قد تعثر لحقيقة أن موقعه قد جعله ساحة معركة لقوى خارجية متنافسة. الآن قد استبدلت لعنة الجغرافيا هذه عن طريق حادث جيولوجي وأصبح الناس في المنطقة على وشك المطالبة بهذا الحق الطبيعي. والأمر يعود إلى كل من القطاع العام والخاص في المساعدة للتأكد من أن العملية تتكشف بسلاسة وسلام وأن أي نزاعات يتم حلها عن طريق الحوار والدبلوماسية وأن العائدات يتم استثمارها بحكمة وعدالة.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o